في كتابه "الأطماع الإيرانية في الخليج" الصادر عن دار مدارك، يشرح الكاتب "عبدالله العلمي" علاقة دول مجلس التعاون مع إيران، وانتهاكات إيران للقوانين الدولية عبر شبكات التجسس والميليشيات الطائفية، وتداعيات الملف النووي الإيراني، ونبذة عن "الربيع الإيراني" والمعارضة الإيرانية، كما يصف بالتفاصيل كيف أسست "الثورة" الإيرانية للفرقة بين المذاهب، والاصطفاف الطائفي في الصراع السياسي الدائر في المنطقة، ما أسفر عن أجواء مرتبكة سادها التوتر والحذر وسوء الظن، واستبدال بعض العصابات المسلحة والحشود الشعبية ببعض الجيوش العربية، كما فعلت في العراق وسورية واليمن ولبنان. كما يشرح الكاتب كيف يحل الخراب أينما تحل إيران، وكيف احتل الصفويون جزرا إماراتية، وعبثوا بأمن البحرين، وأداروا خلايا إرهابية في الكويت، وأشعلوا نار الحقد في القطيف، ودعموا بشار، وحكموا بغداد، و"استأجروا" الأفراد من أفغانستان، وساندوا الانقلابيين الحوثيين، واحتلوا بيروت الجنوبية! الكتاب يرصد بدقة التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول الخليج، منذ سقوط حكم الشاه وقيام ثورة الخميني الذي شهدت فيه العلاقات الخليجية الإيرانية توتراً دبلوماسياً بشكل عام، ويشير "العلمي" في كتابه إلى تحسن العلاقات الخليجية الإيرانية نسبياً بعد حرب الخليج الثانية عام 1991، إلا أن الأمور ازدادت توتراً بعد بدء إيران تطوير قدراتها النووية العدائية، وخشية دول الخليج من أن يكون هذا التطوير تهديدا لأمن واستقرار الخليج العربي والمنطقة والعالم، في الوقت الذي كانت فيه دول مجلس التعاون تسعى لتأسيس علاقة سوية مع إيران تقوم على احترام السيادة وعدم التدخل والحرص على الاستقرار في المنطقة، على أن تتوقف إيران عن تصدير ثورتها وأن تسعى لكسب جيرانها، لكن إيران سعت وما زالت تسعى لاستعداء جيرانها وبث الفتنة والفرقة في المنطقة، بالتدخل في الشؤون الداخلية للجوار ومحاولات بث الفرقة والفتنة الطائفية بين مواطني الدول الخليجية، والإضرار بأمنها واستقرارها ومصالح مواطنيها، وإيواء الهاربين من العدالة، وفتح المعسكرات لتدريب المجموعات الإرهابية، وتهريب الأسلحة والمتفجرات لتنفيذ عمليات إرهابية داخل دول المجلس، كما حدث أخيرا في مملكة البحرين، وعبر دعم التخريب والإرهاب والتحريض على العنف، بالتصريحات التي تصدر من كبار المسؤولين الإيرانيين. ويستشهد العلمي على ذلك بما قاله "محمد جواد لاريجاني" الشقيق الأكبر ل"علي لاريجاني" أبرز خبراء إيران في مجال الفيزياء، ورئيس مؤسسة دراسات العلوم، الذي تولى منصب مساعد وزير الخارجية لعدة سنين في عهد الخميني، الذي قال: "بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران والقيادة الحقة للإمام الخميني أصبحت إيران أم القرى دار الإسلام، وأصبح عليها واجب أن تقود العالم الإسلامي، وعلى الأمة واجب ولايتها، أي أن إيران أصبحت لها القيادة لكل الأمة. الواقع أن إيران هي (أم القرى/ دار الإسلام)، انتصار أو هزيمة إيران هما انتصار وهزيمة الإسلام، لأن إيران هي مهد الإسلام الحقيقي والخالص". ويؤكد العلمي في كتابه أنّ "لاريجاني" يسعى مع مجموعة من ملالي إيران لاستبدال "قم" الإيرانية ب"مكةالمكرمة" وفق موروث ديني مملوء بزخمٍ هائل من الكراهية والطائفية لأرض الحرمين الشريفين. الكتاب يوثق لعمل "إيران" في عدة أعوام على تهديد سيادة ومصالح دول مجلس التعاون، من خلال الدستور الإيراني الذي يدعو للتوسع والهيمنة دون الالتفات للقوانين والأعراف والمواثيق الدولية وأن "طهران" قررت -منذ مجيء نظام الخميني وسقوط حكم الشاه- مبدأ تصدير الثورة لدول الجوار بتصدير الميليشيات الإرهابية والجماعات المتطرفة إلى دول الجوار لتأجيج الطائفية والحقد والكراهية بين مكونات شعوب المنطقة، والسعي لإشعال الفتن والحروب والقتال ودعم الجماعات الشيعية المتطرفة في المنطقة. ويستدل "المؤلف" على ذلك بتردد المندوب الإيراني "قاسم سليماني" على بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، ليشرف بنفسه على كل مسارات الحكم فيها، إضافة إلى الدراسة التي أعدتها وزارة الخارجية السعودية عن سياسة "إيران" الخارجية المدعمة بالأرقام والتواريخ والوثائق لتوضيح حقيقة سياسات إيران العدوانية على مدى 35 عاما. ويؤكد "العلمي" في كتابه على أنّ أطماع إيران في الخليج العربي تثبتها أدلة كاحتلال "إيران" الجزر الإماراتية الثلاث، ومحاولة اغتيال الشيخ جابر الأحمد الصباح، أمير دولة الكويت، ومخطط اغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير (وزير الخارجية حاليا)، إضافة إلى السعي لزعزعة أمن المملكة العربية السعودية خلال مواسم الحج، ودعم المحاولات الانقلابية في مملكة البحرين خلال ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، وإقامة معسكرات على الأراضي الإيرانية، لتدريب مواطنين خليجيين على أعمال الإرهاب وإسقاط الأنظمة الخليجية، والتمدد في الدول المضطربة، وإثارة النعرات وتأجيج النزعات الطائفية في دول مجلس التعاون الخليجي، والعمل على شق الصف الخليجي من خلال إقامة علاقات مميزة مع بعض دول المجلس دون بعضها الآخر، والتأليب على عدم الموافقة على السياسات الأمنية، وإيواء إرهابيي القاعدة ودعمهم بالمال والتخطيط واستخدامهم لنشر الإرهاب في العالم كله، لينسب الإرهاب إلى السنة العرب، والتشويه الإعلامي المتعمّد للعرب وتاريخهم وثقافتهم ووسمهم بالتخلف والهمجية من خلال المال الذي تنفقه إيران لدعم إنشاء محطات تلفزيونية أرضية وإطلاق فضائيات جديدة بدعم مالي يقدر بمليوني دولار لكل من يطلق فضائية جديدة سنوياً، بشرط أن يكون مضمون هذه القنوات داعما لنظام طهران، إضافة إلى استخدام بعض الإعلاميين الموالين له داخل فضائيات عربية وعالمية، لتمرير رسائل إيجابية تجاهه، وكذلك زرع بذور الفتنة والانقسام داخل المجتمعات العربية.