جاء إعلان المملكة العربية السعودية أمس قطع علاقاتها الدبلوماسية والقنصلية مع قطر نتيجة حتمية ومنطقية لأزمة ظلت تضطرم وتتفاقم، سراً وعلانية، منذ العام 1995. وبلغت مرحلة اللاعودة في 2014 بعدما فجرت الدوحة في الخصومة، وسدرت في غيها الذي يمس سيادة الدول، وسلامة اللحمة الإقليمية على الصعيدين الخليجي والعربي. وانتهت تلك المرحلة بتدخل الكويت وسيطاً، ما أدى إلى إبرام اتفاق الرياض بحضور أمير قطر والملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، وهو الاتفاق الذي لم تحترمه قطر حتى قبل أن يجف المداد الذي وقعه به أميرها. ومنذ 2014 وحتى اليوم جرت مياه كثيرة تحت الجسر، إذ أضحت الدوحة ملاذا للإخوان، وطالبان، وحماس، وصار التقارب القطري مع إيران متزايدا لدرجة تثير القلق عربياً وخليجياً. ولم تعد تتوافر ثقة في ما يبدر عن القيادة القطرية التي أضحت رديفاً للاضطراب والتآمر في كل مكان تسللت إليه البترودولارات للتحريض على «الربيع العربي». بل أخذت الثقة تنعدم تماماً بعدما أصبحت قطر تتحدث بألسن عدة، فهي عضو في تحالف دعم الشرعية في اليمن، لكن قلبها ودولاراتها مع ميليشيات الحوثي الانقلابية. وهي تجلس مع المجتمع الدولي في لجان البحث عن حلول لسورية وليبيا، وفي الوقت ذاته تغدق الأسلحة على الجماعات الإرهابية في البلدين. وتطور الأمر إلى درجة تهديد الأمن الوطني للسعودية بمخاطر الإرهاب والتطرف، والتحريض على زعزعة استقرار المملكة، ودعم الجماعات التخريبية التي اشترتها إيران لإحداث فتنة طائفية، في شرق المملكة. لذلك كله كانت نتيجة منطقية أن تعلن السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر، وليبيا، واليمن، وموريشيوس قطع العلاقات مع قطر، في حادثة دبلوماسية غير مسبوقة في تاريخ العلاقات الدولية، وتمثل أكبر دليل على فشل قطر في الزعزعة، والتخريب، والعبث بأمن الشعوب.