بمجرد اقتراب شهر الخير تتفاءل الأفواه والبطون ونرى علامات التفاؤل هذه منعكسة كالمرآة في عربات التسوق السوبرماركتية. ولكن اسمحوا لي أصدقائي بتعليق صغير، وهو ليس عن كميات الطعام المشتراه المبالغ فيها ولكنه عن نوعيتها، فقد لاحظت أن رمضان يرتبط باستهلاك مواد غذائية كثيرة تحتوي على ملونات ومنكهات ودهون ومواد حافظة ضارة جدا بالصحة، وللحفاظ على صحتنا وصحة أبنائنا الصغار يتوجب علينا تغيير النمط الاستهلاكي ليس فقط للكم بل للنوع الغذائي الرمضاني، وهذه مسؤولية كل أم وكل أب، فهم اللذان يطوران التذوق الغذائي لدى أبنائهم، ويمكننا الآن تغيير المفاهيم والعادات الغذائية الخاطئة. تنظر إلى أرفف العروض الرمضانية فترى المشروبات المحلاة المصبوغة إما على شكل شراب ثقيل «سيروب» أو على شكل مسحوق يخلط بالماء وهي مشروبات يكثر استهلاكها برمضان بل ويتميز بها. وهي بلا شك منتجات صناعية ليست ذات فائدة وإنما ضررها معروف. وبجانب ذلك يكثر استهلاك الحلويات المعلبة مثل الكاسترد والبودنج والجيلي والكيك المعلب والبسكويتات المحتوية على دهون من أنواع رديئة واللقيمات في كراتين ورقية والحلويات التي تدخل في محتوياتها القشطة المعلبة والكريما المصنعة على شكل مسحوق والأجبان المصنعة غير الطبيعية والحلويات عالية الدهون المشبعة والسكر والألوان وغيرها. ويقول البعض نحن لا نستغني عن السلطة برمضان، ولكن حتى السلطات أصبحت مليئة بالسعرات والدهون وتعبأ بالمايونيز وأحيانا حتى بعناصر مثل التشبس والبرنجلز وهي مقرمشات مقلية لرفع معنويات الآكلين فيقرمشون ويمضغون ويستمتعون ويسمنون ويكرشون. كنت وأنا صغيرة رفيقة أبي الدائمة في التسوق وكنت أمارس هواية النظر إلى عربات التسوق السوبرماركتية ولاحظت كيف أن العربات المليئة بمواد ضارة ودهنية ومواد غذائية مصنعة عادة يدفعها شخص سمين تحيط به عائلة من ذوي الأوزان المرتفعة - والله يسامحني فأنا مازلت ألاحظ هذه الملاحظة إلى الآن - وأتمنى من قلبي أن تتغير. فهذا دليل أن العادات الغذائية تتوارث وتتشارك فيها العائلة الواحدة. وطبعا ينشأ الطفل وهو يرى مأكولات معينة فيظن أن استهلاكها شيء عادي وتتكرر الحلقة المفرغة. أصدقائي فلنبدأ بالتغيير الآن، فما أجمل الطعام البسيط، الصحي، الطبيعي، المعروف مصدره وأصله. وأثر الطعام هذا ليس فقط ممتازا للصحة بل للنفسية. زرت ذات مرة صديقة لي من بلد عربي شقيق فأطعمتني سلطة صنعتها من مكونات زرعتها في حديقتها. لم نأكل يوماً شيئا غيرها مع خبز صنعته أيضا في المنزل وعصير ليمون منعش في صيف قائظ، وكانت من أطيب الوجبات التي أكلتها في حياتي. وقالت لي مثلا مازلت أذكره: «أكل الديار يطول الأعمار». [email protected]