اعترف المدير الفني لفريق الوحدة عادل عبدالرحمن بأنه قبل تدريب الفريق وهو في ذلك الوضع من باب الفزعة لفريق احترف فيه لاعبا، وقضى فيه أجمل سنواته الاحترافية، مؤكدا أنه لم يحسبها فنيا ولا ماليا بل بالعاطفة. وكشف عبر هذا الحوار أن المدرب السابق الجزائري خيرالدين مضوي ارتكب خطأ فنيا قاتلا بتفريغ الفريق من اللاعبين وجلب آخرين دون معرفة الحاجة الفنية لهم، كما أن من جاء بهم كانوا بلا روح ولا طموح، ويحسون بأنهم أكبر من الوحدة؛ لأنهم لعبوا لأندية كبيرة. وتحدث عبدالرحمن عن ضرورة الاعتماد على مواهب مكة، وإيقاف استيراد اللاعبين من خارجها، وأكثر من ذلك التفاف أهل أم القرى حول ناديهم، ودعمه ماديا ومعنويا حتى يسترد موقعه بين الكبار. وهنا نص الحوار معه: • بداية.. وبكل الصراحة ما الأسباب الحقيقية وراء هبوط الفرسان من وجهة نظركم؟ •• أولا تركيبة الفريق فنيا كانت خطأ، والبداية جاءت من خلال تغيير 14 لاعبا دفعة واحدة، إذ تم تحديث خطوط الفريق بطريقة غير مهنية، أي جلب لاعبين دون مراجعة القيمة الفنية لهم، فالتغيير يجب أن يكون نحو الأفضل وبالتدرج، عنصر يغادر ويأتي آخر أفضل منه، وحسب حاجة الفريق، وليس تغييرا والسلام كيفما اتفق. ثانيا الإعداد البدني كان صفرا، أي الإجمالي فقط 100/20، وأنا رفعت المعدل البدني إلى 100/100. ثالثا كان هناك تفكك في الجهاز الإداري. رابعا تصريحات مضوي حينما قال قبل رحيله الوحدة تحتاج إلى معجزة سببت عدم ثقة لدى اللاعبين، إذ كانوا يخوضون المواجهات والدرجة الأولى أمام أعينهم. رابعا تجاهل أهل مكة الدعم المادي، وكذلك الحضور الجماهيري كان لا يتجاوز في بعض المواجهات بمكة 400 شخص، الكل نفض يده من مساعدة الإدارة التي كانت تعمل لوحدها، كل هذه عوامل رئيسية أسقطت الفرسان إلى أندية الدرجة الأولى. • وكيف وجدت الفريق عند استلامك له؟ •• دعني أتحدث بكل أمانه وشفافية، اللاعبون كانوا بلا طموح ولا روح؛ لأن معظمهم لعبوا لأنديةٍ كبيرةٍ، ويرون أنفسهم أكبر من الوحدة هذا الكيان العريق الذي تأسس في طليعة الأندية السعودية، وتخرج منه عمالقة الكرة السعودية، ومثلوا المنتخبات الوطنية في كل الدرجات، ووجدت الدفاع منهارا، وهناك تباعد في كافة الخطوط، وكان الفريق في كل مواجهة يلعب بتشكيل جديد، يلعب خمسة لاعبين، ويتم إبعاد خمسة آخرين. • وماذا فعلت؟ •• عملت على تثبيت التشكيلة، وخط الدفاع تحسن مستواه، وتمت معالجة الأخطاء، ورفعت الحالة النفسية المنهارة من خلال العمل كأسرة واحدة، رئيس النادي هشام مرسي وأحمد شعيب واللاعبون كانوا يدا واحدة، وقد تحسن الأداء بشكل كبير، وهذا مثبت من خلال إحصاءات كانت نسبة الاستحواذ أفضل في كثير من المواجهات. الديون أعاقتهم • ولكن كانت أمامكم فرصة لتصحيح تلك الأخطاء خلال القسم الثاني من الدوري وفترة التسجيل الثانية، لكنكم جلبتم لاعبين أجانب عاديين، ولم تجلبوا محليين على مستوى الطموح؟ •• بالنسبة للمحترفين الأجانب أنا طلبت لاعبينِ معروفينِ، هما مؤمن زكريا، وعمر ماجد، وهما معروفان في الدوري المصري، وبرازيليينِ، ورئيس النادي هشام مرسي يعرف ذلك، ولكن كانت أمامه عقبة كبيرة تتمثل في ديون بلغت ثمانية ملايين لا بد من تسديدها قبل التسجيل، وتم السداد، ولم تكن هناك سيولة كافية للتعاقد مع هؤلاء النجوم، فتم التعاقد مع الثلاثي شريف حازم الذي نجح في مهمته، وأحمد مجدي وتوريك مع بقاء ليما، ولكنهم خذلونا ولم يخلقوا الفارق الذي كنا نسعى له، ولكن صنعنا الفوارق في كل شيء عن القسم الأول من الدوري في تسجيل الأهداف في مرمانا أو في الاستحواذ الميداني، إذ تحسن الفريق فنيا بشهادة كل الرياضيين، ولكن كما قلت لك أخطاء البداية وتركيبة الفريق بهذا الشكل تصعب على أي مدرب معالجتها في القسم الثاني من الدوري. • ومطالبك الفنية الأخرى هل تمت تلبيتها؟ •• بكل أمانة إدارة النادي بذلت كل ما في وسعها في سبيل تلبية حاجات الفريق، وساعدتني، لكن الظروف كانت أكبر من إمكاناتها، وخصوصا من اللاعبين المحترفين إذ لم يتم تلبية طلبي بسبب الظروف المالية القاسية التي يعلمها الجميع بما فيها اهل مكة. اجتهدت.. ولكن! • لكن هناك من يحمل عادل عبدالرحمن جزءاً من أسباب هبوط الفريق؟ •• كل من عمل في جهاز الكرة يتحمل جزءاً من المسؤولية، أنا اجتهدت فنيا حسب الإمكانات المتاحة، والظروف التي كان يمر بها الفريق كانت قاسية وكبيرة، ولكن من خلال إحصاءات وعرض هذا في قنوات رياضية متخصصة تحسن مستوى الفريق وخسر وهو الأفضل فنيا أمام الاتحاد والنصر والشباب والفيصلي والفتح والخليج، إذ كنا الأفضل والأخطر وخصوصا أمام الخليج، فقد كان ينقصنا مختار فلاتة هداف الفريق فلم يكن لدينا المهاجم الذي يحسم النتيجة رغم أننا كنا الأفضل ووصلنا إلى منطقة المرمى وأهدرنا كل الفرص لأن مختار هداف الفريق بنسة 100/80 فحينما يغيب يسبب لي مشكلة، فهذه المواجهات لو كسبنا نصفها ما كنا لنهبط لأننا كنا الافضل ومتسيدين مجريات شوطي المباراة. • بصراحة.. هل هناك مطالب رفضت لك؟ •• مع الأسف كان هناك من يعد بمكافأة للاعبين وحينما نكسب يتهرب من تقديمها، وهناك من يسلم المكافأة ناقصة، وهذا سبب لنا حرجا أمام اللاعبين وزادهم إحباطا وجعلهم لا يثقون في كثيرٍ من الوعود. • تردد أن هناك من كان يتدخل في عملك؟ •• بصراحة لم يتدخل أحد في عملي، كنا نعمل بروح الفريق الواحد أنا ورئيس النادي وأحمد شعيب نائب المشرف العام على كرة القدم وأيضا مع اللاعبين وحاولنا جاهدين إنقاذ الفريق من الهبوط، ولكن مع الأسف أخطاء بداية الموسم وتغيير تركيبة الفريق كانت خطوة فنية خاطئة قصمت ظهر الفريق. إغلاق الاستيراد • والآن لكي يستعيد فريق الوحدة عافيته وهيبته، ماذا يحتاج من عمل فني؟ •• العلاج موجود، وفي مكة تحديدا، إغلاق باب استيراد اللاعبين والاعتماد على أبناء مكة من المواهب الشابة، وبدأت منذ أسابيع في عمل خطة إستراتيجية لتكوين فريق الأحلام للوحدة من خلال ضم ثمانية من المواهب الشابة، منهم بندر باعجاج وعبدالله المولد وحسن السلمي وماجد الديني وغيرهم من الوجوة الشابة، مع ضم ثمانية آخرين من مواهب مكة مستقبلا، و11 لاعبا من الفريق الأول، هذا شكل فريق الوحدة القادم، والوحدة للأسف تحولت من مصدر للنجوم إلى مستورد للاعبين، وهذا ما تسبب في إضعاف خطوط الفريق فلابد أن يعود الفريق مرة أخرى إلى الاعتماد على مواهبه الشابة، فمكة ولادة للمواهب الشابة ومصدرة، فهذا الفريق الذي يتشكل حاليا سيخدم الوحدة اربع سنوات قادمة؛ لأن اللاعبين الذين تم جلبهم من الأندية الأخرى خذلونا بكل أمانة، ولا بد أن يعتمد النادي على أبناء مكة. • وما مصير الفريق الحالي؟ •• هناك مجموعة جيدة لديها إمكانيات فنية ممتازة منهم عبدالإله المالكي، ووليد محبوب، ومنصور نجار، وعبدالله الشامخ، وحاتم بلال، وهداف الفريق مختار فلاتة، وهؤلاء نجوم كرة، ولكن كما قلت لك الأخطاء الفنية في بداية الموسم ،وتجاهل أهل مكة ماديا ومعنويا تركهم يصارعون الظروف لوحدهم حتى هبط الفريق، ولو وجدوا وقفة جماعية لما حدث الهبوط. • أفهم من كل ذلك أنك ستجدد مع النادي لموسم آخر؟ •• في الوقت الحالي أعكف على دراسة عروض من أندية محلية، وأخرى خليجية، وأندية من الدوري الممتاز بمصر، ولم يعرض علي نادي الوحدة أي عرض حتى الآن. • في رأيك ما أبرز عقبة تواجه النادي حاليا؟ •• المال ثم المال، يجب أن تكون هناك استثمارات للنادي يعتمد عليها مستقبلا؛ لأن أعضاء الشرف في هذا الموسم للأسف اكتفوا بالفرجة والنادي يصارع ويستميت من أجل أن يتمسك بمقعده بين الكبار، ولم يقف مع رئيس النادي سواء قله على رأسهم عضو الشرف مروان شعبان، فلا بد من استثمار داخل النادي يعتمد عليه مستقبلا. جئت بالفزعة • كنتَ لاعبا في الوحدة، ولستَ شخصا غريبا، ومن المؤكد أنك تعرف البئر وغطاها، لماذا قبلت تدريب الفريق وهو في هذا الوضع؟ •• قبلت تدريب الوحدة بالعاطفة والإحساس دون الحسبة الفنية ودراسة وضعه الفني الراهن، فحينما طلب مني تدريب الفريق قبلت دون الدخول في تفاصيل مادية أو عمل حسبة فنية لنسبة النجاح والفشل، وبالفعل تغيرت الأمور كليا حينما كنت لاعبا كان هناك حاتم خيمي وعبيد الدوسري، وكانت مواجهات مكة أقل عدد جماهيري فيها يصل إلى 4000، مع الأسف الآن يصل ل500 فقط وفي مباريات مهمة. وكانت الفرق الأخرى تخشى فريق الوحدة في مكة لوجود الجماهير والنجوم، فليس من السهل هزيمتنا، وكنا نخرج في كثير من المواجهات أمام الكبار منتصرين، فلهذا النادي وجماهير مكة فضل بعد الله، فهم أهلي وناسي وكنت أرغب في رد الجميل، ويعلم الله أنني اجتهدت فوق طاقتي؛ لكي أسعد محبي النادي، ولكن الظروف كانت قاسية ومؤلمة على الجميع، ولا بد من إعادة تخطيط للفريق بالاعتماد على أبنائه كما قلت. • ماذا تقول للوحداويين في نهاية هذا الحوار؟ •• أطالب كل وحداوي من أبناء مكة عموما، والأثرياء خصوصا بأن يلتفوا حول ناديهم، وأقول لهم لديكم ثروات مالية ومهنية فلن يعود هذا النادي إلى مكانة الطبيعي ومنافسة خصومه على البطولات إلا بوقفتكم وبالاعتماد على مواهب مكة الشبابة، فالانقسامات والخصومات نتائجها واضحة وملموسة على الأرض هبوط وابتعاد عن ساحة المنافسة، فلا بد من العودة إلى لغة العمل بيد واحدة، وأنتم رجال تستطيعون تغليب مصلحة ناديكم على المصلحة الخاصة، وإن شاء الله أشاهد نادي الوحدة قريبا يصارع الفرق الكبيرة على بطولات الموسم، وليس الأمر بالمستحيل، فقد فعلتها أندية تأسست بعد نادي الوحدة بكثير، وأقول لهم وفقكم الله وسدد خطاكم.