تم هذا العام -بمكرمة- تقديم الاختبارات النهائية للعام الدراسي لتكتمل في آخر يوم من شهر شعبان، ولكن الدراسة في الشهر المبارك سوف تحضر في السنوات القادمة بسبب دورات فصول العام، ولست بهذا أريد أن «أنغّص» على الفرحين بعدم وجود دراسة أو اختبارات في شهر رمضان من هذا العام فرحتهم، ولكن الهدف هو الإشارة إلى أن التعامل مع الشهر الفضيل من حيث الدراسة لم يكن كذلك قبل عدة عقود، بل إن التعامل معه في جميع الدول العربية والإسلامية -دراسة وعملا- لا يختلف حتى تاريخه عن غيره من شهور العام، فلماذا اختلف الوضع لدينا وما هو سبب هذا الاختلاف؟ للإجابة على هذا السؤال أعود للوراء نحو خمسة عقود أو أكثر، وكنت يومها على مقاعد الدراسة في المرحلة المتوسطة، وأذكر أن الدوام المدرسي والرسمي كان يؤخر في رمضان لمدة نصف ساعة فقط لا غير فبدل أن يبدأ في الساعة السابعة والنصف يصبح في الساعة الثامنة، واستمر الأمر على هذا النحو حتى تخرجت من المعهد الثانوي عام 1390ه، فعملت معلماً لمدة سبع سنوات كان رمضان فيها من ضمن شهور الدراسة، إلا أن الدولة بعد ذلك رأت أن يؤخر الدوام الرسمي والدراسي ليصبح في العاشرة صباحاً فتعلم الناس السهر حتى الصباح ليناموا بعد الفجر ثلاث ساعات ولينهضوا متثاقلين نحو مدارسهم وإداراتهم، وأصبح غاية أملهم ومرادهم ألا يكون في شهر رمضان دراسة أو عمل، ولكن دورة الفصول مضت في طريقها ليأتي بعد ذلك شهر رمضان لعدة أعوام ضمن شهور الإجازة الدراسية، أما بالنسبة للعمل فقد استمر في الشهر الفضيل إلا أن بعض الموظفين كانوا يجعلون إجازتهم السنوية موافقة له إما تفرغاً للعبادة أو للسهر، ولذلك فلا عجب أن تظهر الشكوى بين الفينة والأخرى من وجود دراسة في شهر رمضان لأن الخطوة المتمثلة بتأخير موعد الدوام والدراسة حتى العاشرة صباحاً هي التي جعلت الناس يتعاملون معه تعاملاً يختلف عن غيره من الشهور، ولو تم التعامل معه وفق ما عاصرناه قبل نصف قرن بتأخير بسيط في بداية الدوام لاضطر الناس لأخذ قسط من الراحة ليلاً ليكون بإمكانهم التحرك في الساعة السابعة نحو مدارسهم ومواقع عملهم، ليكونوا فيها قبيل الساعة الثامنة ولسارت الأمور على خير ما يرام!. [email protected]