ما هي نسبة الحياد؟ أقرأ أو أسمع إعلاميين عرباً يؤكدون وهم بكامل قواهم العقلية أن الإعلام الغربي إعلام غير محايد، مقدمين أدلة حية على صدق أقوالهم، مستشهدين بسياسيين سابقين أو إعلاميين غربيين يتهمون من خلال تصريحات نارية بأن إعلام بلدانهم كان «يمضغ على جنب!» بالنسبة لقضية دولية أو إقليمية معينة. ومن يقرأ أو يسمع لأولئك الإعلاميين من العربان يظن أن الإعلام العربي يمثل الحيادية الكاملة وأنه كامل الدسم فيما يورده من معلومات وأخبار وتغطيات إعلامية لما يجري في الشرق الأوسط أو في أي منطقة في العالم، مع أنه لو أجريت مسابقة أو خصصت جائزة عالمية لأكثر الأجهزة الإعلامية كذباً وتلفيقاً وتزويراً للحقائق لربما فاز الإعلام العربي بمراكز متقدمة، هذا إن لم يفز بالمركز الأول وبلا منازع! وإذا كان الإعلام الغربي يكذب على شعوبه إلى حد ما ويلفق ضد خصومه إلى حد كبير، فإن بعض أجهزة الإعلام العربي تتفنن في الكذب وتقلب الحقائق وتنشر الأوهام وتدعم الظلم وتحمل المباخر والدفوف وتزين القبيح وتدمر الأخلاق وتزرع قيم الانتهازية والوصولية، وهي في الوقت نفسه أعجز من أن تفضح أفاعيل أعدائها بها، فما فضح الجرائم التي ارتكبت في سجن أبي غريب في العراق إلا الإعلام الغربي، ولم يسلط الضوء على مآسي سجون غوانتانامو إلا الإعلام الغربي مع أن سجناءه من العرب والمسلمين الذين لم يسأل عنهم أحد ولا يفضح ما تقوم به إسرائيل ضد الفلسطينيين أكثر من الإعلام الغربي، وأذكر فيلماً وثائقياً قديماً عن السجون الصهيونية عنوانه «بأم عيني» سجل بعض التجاوزات التي ترتكب ضد السجناء الفلسطينيين واللبنانيين في تلك السجون ومع ذلك فإن الهالك سمير قنطار الذي قتل أربعة إسرائيليين فحكم عليه بالمؤبد ثم أطلق سراحه بعد عدة عقود في عملية تبادل للأسرى كان جسده يوم خرج من السجن مثل «الباطرما» أو كأنه المصارع «الحانوتي»، ليقتل بين ذلك في سورية ضمن تصفيات قادتها إيران، حيث صمت يومها حزب الله وهو يعرف من قتل القنطار لأن طهران كانت تريد ذلك! [email protected]