تعقيباً على مقال د. عبدالله دحلان بعنوان: (إدمان المجتمع السعودي.. إلى أين؟).. ومن واقع دراسة أجريتها ضمن متطلبات الحصول على درجة الماجستير في الإعلام من جامعة عدن، الموسومة ب«استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها»، كشفت عن أن إدمان استخدام مواقع التواصل الاجتماعي ظاهرة تعمّ المجتمعات العربية والغربية بشكل عام، وذلك بحسب دراسات غربية اطلعت عليها في هذا المجال من قبل مراكز متخصصة في الأبحاث والدراسات الإعلامية والتكنولوجية. فقد أحدثت مواقع التواصل الاجتماعي اليوم تأثيراتٍ واضحة وجديدة في واقع المراهقين المعاصر، إذ منحتهم مزيداً من الحرية في ظل غياب الرقابة الوالدية، فمن خلال هذه المواقع يتمكّن المراهق من التعبير عن ذاته ومشاركة أقرانه اهتماماته وتبادل الخبرات معهم، كما يتمكّن من تعويض الفراغ العاطفي والتخفيف من حدّة التوتر النفسي في هذه المرحلة الحرجة بإنشاء علاقاتٍ افتراضية جديدة مع أشخاص مجهولين أو مع الجنس الآخر، بدافع التعرّف على الآخر ومحاولة إثبات وجوده خصوصا في المجتمعات المغلقة كمجتمعنا العربي، إضافة إلى ذلك فإن المراهق أصبح قادراً على مشاركة الصور والفيديوهات التي قد تكون ضمن خصوصياته أو خصوصيات العائلة، كما يعرض لمعلومات تتعلّق بعنوانه وحياته الخاصة، ما يفرز مشكلاتٍ جديدة مثل الوقوع فريسةً للابتزاز أو الاستغلال أو التلصّص من قِبل أشخاص مجهولين أو من قِبل أصدقائهم رغبةً في الانتقام أو السخرية، ما يترك آثاراً نفسية سيئة على المراهق. وكشفت الدراسة عن أهم الدوافع والحاجات التي يشبعها استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بالنسبة للمراهقين وهي دوافع التسلية والترفيه وتمضية الوقت وقتل الفراغ، ما يترك آثاراً سلبية على مستوى المراهق العلمي والدراسي، كما أن قضاء المراهق وقتاً طويلاً في تصفّح مواقع التواصل الاجتماعي والدردشة مع أصدقائهم يؤدي إلى زيادة الشعور بالعزلة والانطواء على الذات الذي يعتري المراهق في هذه المرحلة الخطيرة، وذلك يُضعف تواصله مع والديه وأفراد أسرته ويجعله غير قادرٍ على التواصل معهم بالشكل المطلوب. وأظهرت الدراسة أن الفيسبوك يؤثِّر على قيم المراهقين الدينية والثقافية والأخلاقية بصورة عالية. ومع ذلك تمكّنت مواقع التواصل الاجتماعي -إذا قُنّن استخدامها- من تقريب الصلات بين المراهقين والبقاء على تواصل مع أصدقائهم في المدرسة ما يمثّل نقطة إيجابية من ناحية تبادل الأخبار العالمية والمحلية والتعبير عن مشكلاتهم والتواصل مع معلميهم في المدرسة والنقاش مع بعضهم حول واجباتهم وأنشطتهم المدرسية، كما استطاعت مواقع التواصل الاجتماعي جذب المراهقين لقدرتها على التنفيس عن مشاعرهم المكبوتة. نرى ظاهرة إدمان مواقع التواصل الاجتماعي مقلقة تجعلنا ندقّ ناقوس الخطر على مختلف الأصعدة، فكم من الأوقات تُهدر وكم من الأسر تعيش تحت سقف واحد وهي متفرقة، وكم من الأعمال تؤجّل وتضيع لأجل تصفح مواقع التواصل الاجتماعي. [email protected]