آمالها كبيرة، وآلامها أكبر، فإن كانت تعشق الرسم وتحلم بمعرضها الخاص، فيدها بُترت أثناء مسح سير كهربائي في مكان عملها وباتت تبحث عن علاج سريع يخفف آلامها. إصابة زهراء جعلتها تتنقل بين ردهات المستشفيات، وتتردد على الجهات التي تناصر حقوق العمال، عساها تحصل على قرار يمكنها من السفر إلى الخارج لزراعة ذراعها قبل أن تجف الدماء في عروق يدها. في انتظار الأحد قصة زهراء الحزينة ترويها ل«عكاظ» مغالبة دموعها بالقول :«عملت في خط إنتاج بأحد المصانع لتلبية حاجات ونفقات علاج والدتي المريضة، وتعرضت إلى بتر في الذراع أثناء عملي في مسح سير كهربائي، والطبيب المعالج في أحد المستشفيات الخاصة أكد لي أن عروق يدي ستموت للأبد إن لم أسارع بزراعة ذراعي». وأضافت «أنتظر يوم الأحد الخامس من رجب الحالي لحضور جلسة المحكمة العمالية مترقبة إنصافي، لا أريد غير حل سريع يمكنني من السفر إلى خارج البلاد؛ تحديدا ألمانيا، إذ تواصلت مع الأطباء هناك وأفادوني بإمكانية زراعة الذراع وحل المشكلة نهائياً». وتواصل حديثها والألم يعتصرها «أستيقظ من نومي ليلاً نتيجة وخزات في الذراع المبتورة مع التنميل، إذ توقفت عن أخذ المسكنات؛ لأنها باتت تنعكس على حالتي النفسية. نصحني الطبيب المعالج بأن لا حل غير الزراعة لا مسكنات الألم. لا أستطيع مراجعة الدوائر الحكومية، كيف لي ذلك وأنا لا أقدر على لف الطرحة وتغطية وجهي، اضطررت لتوكيل أحد أقاربي لمراجعة الدوائر الحكومية وقررت توكيل محامٍ قدم مبادرة تطوعية لتبني قضيتي». لم تكن زهراء وحدها في منزلها جنوبجدة عندما زارتها «عكاظ»، إذ قابلت الزيارة بابتسامة عوضا عن المصافحة، بينما كانت معها أم صابرة وأخت صغيرة غالبتها الدموع، وجدتها التي تنظر لحال حفيدتها ولا تقوى على تقديم المساعدة لها لقضاء متطلباتها اليومية. أم زهراء لم تخفِ وجعها وألمها لمصاب ابنتها ولسان حالها يقول «لن أدوم لها»، مضيفة «لن يستطيع أحد خدمتها غيري وعلى عاتقي إعالة تسعة أبناء ووالدتي المريضة، ونتقاسم أنا وابنتي 3200 ريال نسدد منها قيمة إيجار المنزل البالغ 1200 ريال شهرياً، وكنت أحصل على مساعدة شهرية من جمعية خيرية عبارة عن مواد غذائية، والآن أبلغوني بأنه سيتم استبدالها بدفع إيجار المنزل وفق عقد الإيجار، ولا أحلم بغير أن تنال ابنتي زهراء حقها في المحكمة العمالية بتعويض مادي يمكنها من السفر إلى خارج البلاد لإجراء الجراحة». حماية العاملات في المقابل، أوضح رئيس اتحاد اللجان العمالية نضال رضوان أن نظام حماية العاملات والعمال يطبق مبادئ الصحة والسلامة المهنية أولا، وهذا الأمر يتطلب من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية تكثيف حملات التوعية ونشر الثقافة العمالية بين العمال رجالا ونساء، وكذلك أصحاب العمل، عبر تكثيف حملات التفتيش على المنشآت لمعاقبة المخالفين والمهملين لشروط ومبادئ الصحة والسلامة المهنية. وأشار رضوان إلى أن الحماية تكون بإلزام أصحاب العمل بتوفير الأجهزة والملابس المناسبة للعمال والالتزام بإجراءات السلامة مع توفير الرعاية الصحية والإسعافات الأولية في مواقع العمل تحسبا لأي طارئ، على أن تتولى مؤسسة التأمينات الاجتماعية العلاج المناسب للمصابين في مختلف المؤسسات. وحول أهمية إعادة تأهيل زهراء البركاتي نفسيا، أوضح المستشار النفسي محمد عازب أن ما حدث لها صدمة نفسية مؤلمة تمتد آثارها إلى حالة اكتئاب وكرب ما بعد الصدمة الذي يحتاج إلى عدة جلسات علاجية ودوائية. وفي هذه الحالة ينصح بممارسة العلاج الجمعي وسط الأهل والمعارف والصديقات بعيدا عن نظرات الشفقة.