منذ ظهور هيئتي الثقافة والترفيه ونحن ننتظر كيف يمكن لهما إحداث أثر في تركيبة المجتمع من خلال زيادة وتنوع الأنشطة في عملية استثمارية في إنتاج مواهب متنوعة لرفع جودة المقدم. ولأن الهيئتين تحملان بشائر فتح الدروب المغلقة أمام الشباب وخلق أنشطة لم يكن لها تشجيع وتحفيز في ما سبق في حياتنا العامة.. ولأن الهيئة الثقافية لم يفقس بيضها بعد ولم نتعرف على هويتها فدعونا نتلمس ما ظهر من بوادر لهيئة الترفيه، وسوف أتناول جزءا يسيرا من ظاهرة كلفة الترفيه، فإذا جاء في نص الرؤية 2030 اعتزام الهيئة تحقيق ارتفاع إنفاق الأسر على الثقافة والترفيه داخل المملكة من 2.9% إلى 6% فإن على الهيئة إماطة المعوقات التي تعترض تنفيذ ذلك الهدف، أي تقوم الهيئة بأدوار عديدة تكون فيها هي المساندة لإحداث ارتفاع الإنفاق على المناشط الثقافية والترفيهية، وأن تقف بحزم إزاء تحويل الترفيه إلى استثمار لا يتناسب مع دخول المواطنين بتاتا، أي أن هدف الإقبال على الإنفاق لا يعني ارتفاع كلفة الترفيه، وما ظهر من مناشط ترفيهية قليلة يؤكد أن التكلفة ستكون باهظة لمن يريد الترفيه على نفسه أو أسرته.. فإذا كانت تذكرة الدخول لحفلة الموسيقار عمر خيرت تصل إلى 2200 ريال فمن هو القادر ماديا لدخول هذه الحفلة؟ خصوصا أن المقبلين على هذا النوع من الفنون هم الفئة الأقل دخلا، وهذا ما حدث في الحفلات الغنائية السابقة... فكيف يمكن جعل الترفيه حجر زاوية في حياة أي مواطن، فرغيف الخبز يحجب عن العين أعظم الفنون إبداعا، يحدث هذا عندما يكون الإنسان مشغولا ببطنه وبطن أسرته. ومن الواضح تماما أن ارتفاع أسعار أي نوع من أنواع الترفيه سوف يؤدي لعزوف شرائح اجتماعية عديدة هم ممن لا يجدون تناسقا بين تكلفة ترفيههم ودخولهم، وأمام هذا السبب سيتعطل هدف الرؤية من تحقيق ارتفاع نسبة الإنفاق على الترفيه. وإذا كانت حفلة واحدة ستستقطع مبلغ 2200 ريال للفرد الواحد، فمن أي «خرم» سيتم تحقيق هدف الرؤية؟ وإذا كانت هيئة الترفيه راغبة أن تؤدي دورها في تغيير نمطية الحياة الاجتماعية فلا بد لها من التدخل في كل شيء لتحقيق ذلك الهدف، ومن أولويات التدخل خفض تكلفة الترفيه، وإلا فهي مشاركة في استنزاف الفرح بمبالغ لن يقدر عليها سوى فئة وشرائح الأغنياء. ولو وصلنا لهذه النقطة فإن هيئة الترفيه سوف تتحول إلى هيئة تعمل على عزوف الفرح عن الكثيرين.