يحل علينا اليوم الأربعاء عيد الفطر المبارك أعاده الله علينا وعليكم وعلى الأمتين العربية والإسلامية باليمن والبركات والخير والمسرات وتقبل منا ومنكم صيام رمضان وقيامه، والعيد مناسبة سنوية تجمع الأهل والأصدقاء، وعلى الرغم من الاحتفالات المختلفة التي أعلنت عدة جهات عن تنظيمها في كل منطقة احتفالاً بعيد الفطر المبارك، إلا أنها لم تفلح كلها في ثني كثير من المواطنين عن السفر إلى الخارج لقضاء إجازة العيد في أماكن مختلفة من العالم، حيث ما كاد شهر رمضان المبارك يدخل، وربما قبل ذلك بكثير حتى أخذ المواطنون يتسابقون إلى شركات السياحة لحجز أماكن لهم، والبحث عن أفضل العروض لقضاء إجازة العيد، كما لم تفوّت شركات السياحة الفرصة، وتسابقت على تقديم العروض المغرية للمواطنين، بينما يرى كثير من المواطنين أن أسعار السياحة الداخلية مبالغ فيها إلى حدٍ كبير، مشيرين إلى أن إيجار «شاليه» في الخبر أو جدة أو الرياض يكلّف أكثر من قيمة إيجار غرفة فندق أربعة نجوم لخمس ليال في «دبي» أو «ماليزيا»، وأسعار الخدمات الترفيهية خيالية «على الفاضي»، كما أن معظم برامج احتفالات العيد في المناطق والمحافظات مكررة، ولا يوجد فيها ما هو مختلف عن الأعوام السابقة، كذلك الأجواء الحارة التي تشهدها المملكة خلال إجازة العيد ساعدت كثيراً على قرار السفر إلى الخارج. الناس بطبيعة الحال لهم عادات متنوعة في الاحتفال بهذا العيد فبعض الأسر تفضل أن تجتمع بالأقارب سواء في المدينة التي تقيم فيها أو بمدن أخرى، والبعض الآخر يفضل السفر إلى بعض الدول التي يجد فيها فرصا أكبر للتغيير والترفيه مع أسرته، ولذلك نجد البرامج السياحية تنشط في هذه الفترات، وهناك من الأسر من تفضل قضاء العيد في بيتها والذهاب إلى بعض الأماكن الترفيهية، وحضور بعض البرامج والأنشطة التي تقام في المدن وهذه الأسر هي التي ليست لها قدرة مالية على السفر وهؤلاء هم ضيوف برامج العيد المحلية المملة؟! أمانات المناطق هذه الأيام أعلنت عن إقامة بعض المناشط الترفيهية بغرض إكساب هذه الفترة نوعا من الفرحة والرضا للمواطنين والمقيمين، ورغم ذلك فإنه ما زالت هذه البرامج لم تصل إلى مستوى الرضا الذي يتطلع إليه المواطن سواء في عدد الأنشطة وتنوعها أو في مستوى بعضها، ولذلك نجد أن كثيرا من المواطنين يفضلون السفر في هذه الفترة، والبعض الآخر لا يرى فيها ترفيها حقيقيا ويبحث عن بدائل. والذي يظهر أن أمانات المناطق تمارس دورا أكبر مما هو منوط بها، إذ إن صناعة الترفيه ينبغي أن تبنى على مشاريع وبرامج تجارية يقوم على إنشائها القطاع الخاص بالتعاون مع هيئة الترفيه، ودور القطاعات الحكومية بما فيها هيئة السياحة، وأمانات المناطق تهيئة الخدمات، وتوفير البيئة والإجراءات والتسهيلات والبنية التحتية لإقامة هذه المشاريع والمناشط الترفيهية، أما واقع برامج الترفيه التي تقوم بها بعض القطاعات الحكومية خصوصا أمانات المناطق من خلال تنظيم مثل هذه البرامج، فإنه لن يحقق رضا المجتمع. كتبنا ومازلنا نكتب عن هجرة أموالنا للخارج أثناء مواسم الأعياد والإجازات وبالإمكان استثمارها داخلياً، الترفيه مهم في حياة الناس وخاصة في المناسبات الاحتفالية كعيد الفطر والأضحى والإجازات المدرسية، وبلا شك أن الترفيه والسياحة اليوم أصبحا صناعة لا يستهان بها في تحقيق عائد اقتصادي، وإيجاد فرص عمل كبيرة للمواطنين، وتحقيق مستوى من الرضا للمواطن والمقيم والزائر للمملكة، إضافة إلى أبعادهما الثقافية والاجتماعية غير المباشرة التي يمكن أن تتحقق من مثل هذه البرامج والمشاريع السياحية ودور السينما، ولذلك فإن دور الهيئة العامة للسياحة والهيئة العامة للترفيه مهم جداً في توطين السياحة، والحد من استنزاف الأموال إلى خارج الوطن، وضبط توازن «هوس السفر في الأعياد»، والذي ما زال يتفاقم يوماً بعد آخر داخل البناء الأسري، من خلال توفير كل الخدمات والمقومات السياحية الداخلية في المناطق الاصطيافية، خاصةً وأنّ مشروعات البنية التحتية للسياحة الداخلية ما زالت تعاني من وجود مثالب وعيوب وثغرات واضحة، وهي غير قادرة على تحفيز القطاع الخاص للدخول في استثمارات عالم السياحة الداخلية كما يحدث في المجتمعات المتحضرة، التي تنظر للسياحة على أنّها صناعة واستثمار تحتل مكاناً بارزاً في خارطة استراتيجيات التنمية في هذه الدول.