أثار تزامن عودة رئيس حزب الأمة السوداني الصادق المهدي إلى البلاد مع قرب إعلان حكومة الوفاق الوطني العديد من التكهنات حول أسباب العودة، خصوصا أن الحكومة المقترحة ستتضمن تعيين رئيس للوزراء، وهو المنصب الذي ظل شاغرا طيلة 27 عاما الماضية منذ أن شغله المهدي قبل قيام «ثورة الإنقاد» التي أزاحته. وتوقع مراقبون أن يحظى المهدي ذو الشخصية التوافقية بإجماع الأحزاب المعارضة المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني لرئاسة حكومة الوفاق، معتبرين أنه سيكون بمثابة حلقة الوصل بين السلطة وتجمع «نداء السودان» الذي لا يزال يرفض المشاركة في السلطة، خصوصا أن المهدي الذي يعد أبرز مؤسسي تجمع «نداء السودان»، التقى قيادات التجمع المعارضة في باريس قبل عودته. هذه التوقعات التي رسمتها التحركات السياسية في السودان، عززتها تصريحات المهدي الذي دعا بعد عودته إلى عدم إسقاط النظام الحاكم بالقوة والعمل على تحقيق السلام والديموقراطية، فضلا عما سيسهم به المهدي في حال رئاسته لحكومة الوفاق الوطني في المشهد السياسي السوداني، لاسيما أنه يحظى بموقع مرموق في أهم كتلتين معارضتين هما «تجمع نداء السودان» و«تحالف قوى الإجماع» الذي يضم حزب المؤتمر الشعبي، والحزب الشيوعي والحركة الشعبية لتحرير السودان - قطاع الشمال. لقد عززت عودة المهدي حالة التفاؤل بقرب حدوث انفراجة في المشهد السياسي، الذي شهد تحولات كبيرة في علاقات السودان الخارجية، لدرجة دفعت الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي المعارض إبراهيم السنوسي إلى القول: «إن التزامن بين التوافقات السياسية الناجمة عن الحوار الوطني وقرار الولاياتالمتحدة رفع عقوباتها الاقتصادية عن السودان، من شأنه أن يبعث على التفاؤل بانفراج سياسي واقتصادي في السودان»، مشيراً إلى أنه لم يعد هناك أي مبرر لبقاء حزبه خارج الحكم بعد نتائج الحوار الوطني، وهو ما يوحي بأن المهدي سيكون دافعا كبيرا لباقي قوى المعارضة للمشاركة في حكومة الوفاق، التي أعلن أخيرا عن تأجيلها بناء على طلب الوسيط الأفريقي ثامو بيكي لإعطاء فرصة للمعارضين المتبقين للمشاركة في اجتماع قادم مع الحكومة في العاصمة الإثيوبية، فهل تكون عودة المهدي مقدمة لترؤسه الحكومة؟.