أخطر التصريحات التي مرت مرور الكرام في زحام التحليل والمتابعة لما يجري في سورية، ما قاله رئيس النظام الإيراني روحاني قبل يومين في مؤتمر صحفي، من أن العلاقة الروسية الإيرانية جيدة وإستراتيجية، إلا أن إيران لن توافق على كل الإجراءات الروسية في سورية. شيء ما يلوح في الأفق لم يعد الحديث عنه سرا؛ إيران وروسيا على طريق الصدام في سورية. بدأ الصدام منذ اليوم الأول بعد سقوط حلب؛ ففي اليوم التالي بدأت الشرطة العسكرية تنتشر في حلب. وطردت ميليشيات إيران وحزب الله من بعض أحياء المدينة، الأمر الذي دفع وزير قائد الحرس الثوري الإيراني محمد جعفري القول إن حلب باتت خط الدفاع الأول «للثورة الإسلامية». كان التصعيد الإيراني في حلب واضحا.. لكن لماذا بدأ الصدام الإيراني الروسي؟ ما حدث في حلب نهاية العام الماضي، كان تحولا إستراتيجيا على الصراع في سورية، هذا التحول وتغيير موازين القوى تتنازع إيران وروسيا على تسجيله في صالحها واعتباره نصرا؛ فروسيا لا تريد تمنح إيران نقاطا في معركة حلب، لأن ذلك من شأنه يعكر التخطيط الروسي في سورية. النقطة الثانية؛ تتعلق ببقاء بشار، فإيران من الناحية العملية، ترى أن وجود بشار ضمانة لنفوذها في سورية والمنطقة عموما، خصوصا وأن الحرس الجمهوري في سورية يعتبر من حصة النفوذ الإيراني. لذا فالخوف الإيراني يكمن بمساومة روسية دولية على الأسد تفقد إيران أهم دولة في حساباتها. وقد تبين أن الخلافات السياسية بين إيران وروسيا حول الملف السوري بدأت تطفو على السطح بعد انجلاء غبار المعركة في حلب. وبات على كل طرف تحديد أولوياته على الأراضي السورية، وبكل تأكيد لن تتطابق الأولويات الإيرانية مع الأهداف الروسية، فضلا عن أن حجم الميليشيات التي تديرها إيران (لبنانية- عراقية- أفغانية..)، لن يمكن القوات الروسية على الأرض من تحقيق الأمن، ولعل هذه إحدى شرارات الصدام المرتقبة في سورية بين موسكو وطهران. إن التقسيم (الإيراني – الروسي) في سورية؛ الجو والمجتمع الدولي من حصة فلاديمير بوتين، أما الأرض من حصة الميليشيات الإيرانية، ولعل تلك العلاقة تقودنا لتوصيف شكل النزاع المستقبلي بمعنى أنه صراع بين الأرض والجو.. فهل تنقض طائرات «السوخوي» الروسية على الميليشيات الإيرانية وتبدأ عملية تكسير الرؤوس التي تحدث عنها الروس.. لذلك تسعى إيران إلى تأجيل هذا الصدام بإشعال الجبهات وخرق الهدنة في كل مكان لتبقى حالة الحرب تغطي على لحظة الصدام.