بينما هدأت العواصف السياسية والعسكرية واستوت السفينة الباكستانية، مع نهاية عام 2016، تطل قضية «تسريبات وثائق باناما» على السطح في مشهد يشبه الابتزاز السياسي من قبل خصوم رئيس الوزراء نواز شريف، والذين يرغبون في إستمرار الفوضى وتدمير الدولة ووقف التغير النوعي التي ترغب الحكومة في تحقيقه وإختطاف المؤسسة القضائية بعد فشلهم في تحريك الشارع الباكستاني. وبعد أن جنحت باكستان للهدوء، بعد تعيين رئيس جديد للمؤسسة العسكرية وهو الفريق أول قمر باجوا، وانحسر التوترعلى الحدود مع الهند، وتم تدشين مشروع طريق الحرير الباكستاني الصيني من جوادر إلى كاشغر (CPEC) على أرض الواقع، ظهر ملف «وثائق باناما»، ليكون حديث الأروقة السياسية والشارع الباكستاني خلال العام المنصرم، في الوقت الذي أصبحت القضية منظورة في المحكمة العليا، وفق ترتيبات تقتضي أن يوقف زعيم المعارضة عمران خان الاحتجاجات داخل إسلام آباد، مقابل النظر في قضية «باناما» والتي تزعم بتورط نجلي شريف حسين وحسن وابنته مريم في قضايا فساد وتهرب ضريبي. القضية التي أخذت مناقشاتها نحو شهر في المحكمة العليا، ما بين تقديم الإفادات القانونية حول الشركات التي تزعم المعارضة أنه تم تأسيسها من قبل نجلي شريف وراء البحار، للتهرب من دفع الضريبة أو من خلال اتهامات تبيض أموال أسرة شريف والتي تم عبرها شراء عقارات في لندن سيتم النظر فيها من جديد في السابع من يناير القادم. وفي تفاصيل القضية، رد نجلا شريف وابنته مريم على جميع الإفادات التي طلبتها المحكمة، مع إرفاق الوثائق الرسمية لجميع الحسابات البنكية الخاصة، بالإضافة إلى توضيح كيفية شراء الشقق وطبيعة التعاملات التجارية التي تمت وفق القوانين الرسمية والقضائية بناء للتوضيحات التي جاءت من المحكمة. وفي آخر جلسة قضائية، قررت المحكمة تأجيل النظر في القضية حتى السابع من شهر يناير، حينها تكون فترة رئيس المحكمة الذي يتولى الملف انتهت، وبحسب القوانين فإن الرئيس الجديد للمحكمة سيشكل هيئة قضائية جديدة، وهذا يعني بالنسبة لعمران خان العودة إلى المربع صفر للبدء من جديد لتقديم دفاعاته، فيما أبدت أسرة شريف تعاونا كاملا مع جميع متطلبات المحكمة والرد على عرائضها نصا و روحا. الجديرذكره أن اسم شريف ليس مدرجا أصلا في «تسريبات باناما»، وبالتالي فإن أي نقاش حول تورطه في هذه القضية ليس مطروحا في المحكمة أو خارجها. وهناك شركتان مملوكتان باسم نجلي شريف هي التي تملك العقارات في لندن، إذ تشير المصادر أن مزاعم المعارضة بأن هناك تحويلات وتبييض لأموال خارج الباكستان غير صحيحة، إذ فشلت المعارضة في المرافعات داخل المحكمة في تقديم أي دليل حقيقي وملموس في هذا الخصوص، وما قدّم للهيئة القضائية من قبل خان مجرد قصاصات مقتبسة من مواقع إلكترونية، رفضت الهيئة القضائية التعامل معها. ومن أسباب رفض عمران خان لتشكيل لجنة التحقيقات التي وافقت عليها أسرة شريف، أن خان متخوف من أن قبوله لهذه اللجنة يعني فتح ملفات قضايا فساد وتبييض أموال متورط فيها. وخيّرت المحكمة العليا المعارضة وأسرة شريف للتوافق والقبول بإنشاء لجنة تحقيقات للنظر في القضية، إذ وافقت أسرة شريف على تشكيلها فيما رفضت المعارضة ذلك. وأوضحت المصادر أن الهدف الأساسي للمعارضة من خلال طرح تسريبات باناما هو أحداث حالة عدم استقرار في الباكستان في ظل مايشهده الاقتصاد الباكستاني من إرتفاع غير مسبوق وقفزة تاريخية، خصوصا في سوق الأسهم وارتفاع حجم العملات الأجنبية إلى الحد الأعلى، فضلا عن تصنيف الجهات والهيئات التقييمية العالمية للباكستان كدولة متقدمة إقتصاديا وإستثماريا. وكانت «وثائق باناما» قد نشرت العام الحالي معلومات تفيد بأن أبناء شريف أشتروا عقارات في لندن من خلال الشركات الخارجية. واتهمت المعارضة، شريف بغسيل الأموال، فيما أكد شريف في عدة بيانات له أنه يرحب بإجراءات المحكمة، وأنه سيرد على الإتهامات الموجهة لعائلته كما أنه شكل لجنة قانونية مستقلة للنظر في القضية رفضها خان. وتستمر قضية باناما مع تسليط إعلامي مثير ومحاولات مستميتة من خان لتعطيل مؤسسات الدولة وتخريب عمل القضاء.