أدينا صلاة المغرب في الجامع القريب من مجلسنا الاجتماعي اليومي، فتعالى صوت محاضرة ومحاضر من مسجد يبعد عنا نحو كيلو مترين، وكان الصوت المجلجل يصل إلينا وكأن المحاضر على بعد خطوات منا، بل إن بعض من كان في أطراف المجلس قد اضطر لرفع صوته ليسمعه من في الطرف الثاني بسبب تداخل صوت المحاضر مع أصوات الحاضرين فتساءل أحدهم قائلاً: ما هي أحوال جيران ذلك الجامع الذين قد يكون منهم المريض الذي لا ينام إلا بالمهدئات لأن مرضه مزمن أو أنه من ذوي الأمراض النفسية أو العصبية بل ما ذنب سكان المخطط حتى يجبروا جميعهم على سماع محاضرة قد لا يرغب العديد منهم في سماعها، وكيف يمكن للطلاب والطالبات التركيز في دروسهم وحل واجباتهم المدرسية وذلك الصوت المجلجل يقتحم عليهم غرف منازلهم على مدى ساعة حتى أذان صلاة العشاء؟ وكان هناك إجماع على عدم صحة ما قام به ذلك الجامع، فالذين بقوا فيه لسماع المحاضرة من المصلين وعددهم إن زاد بالعشرات يمكن للمحاضر إسماعهم محاضرته حتى بدون مكبر صوت داخلي لأنهم حوله وعلى بعد خطوات منه، وكان يمكنه الاكتفاء بالمكبر الداخلي لو كان هدفه توصيل صوته ومحاضرته إلى القسم النسوي من المسجد. واستشهد أحد الحضور بفتوى للشيخ محمد صالح بن عثيمين رحمه الله عندما سأله مستفت عن استخدام مكبرات الصوت الخارجية في المساجد والجوامع لنقل الصلوات وعدم الاكتفاء باستخدامها للأذان والإقامة، ثم الاكتفاء باستخدام المكبرات الداخلية لأنها كافية ويسمعها جميع من في المسجد من المصلين والمصليات، فأكد فضيلته أن سؤال السائل في محله وأن استخدام المكبرات الخارجية يؤدي إلى تداخل أصوات أئمة المساجد في الصلاة الجهرية حتى إنه يحصل أن يؤمِّن مصل في مسجد أو جامع على تأمين إمام في مسجد مجاور وأن ذلك التداخل قد يفقد بعض المصلين القدرة على التركيز مع إمامهم، وأنه قد يكون في بعض المنازل مرضى أو أطفال رضع تفزعهم أصوات المساجد المتقارعة لاسيما مع تجاور أكثر من مسجد في مساحة متقاربة من الحي أو المخطط ناصحاً رحمه الله بالاكتفاء برفع الأذان والإقامة بالمكبرات الخارجية ثم الاكتفاء بالمكبرات الداخلية في الصلوات الخمس، فإذا كان هذا هو رأي وتوجيه العالم الكبير ابن عثيمين تغمده الله برحمته ورضوانه بالنسبة للصلوات وهي الأهم فما بال بعض الدعاة المحاضرين يصرون على استخدام المكبرات الخارجية لإسماع الداني والقاصي لمحاضراتهم غير مبالين بما يقابل عملهم من ردة فعل اجتماعية وما يمثله من مخالفة لرأي علمائنا الكبار ولتعليمات وزارة الشؤون الإسلامية؟