علمت «عكاظ» أن الحكومة السعودية ستطلق مع إقرار ميزانية الدولة لعام 2017 برنامج «تحقيق التوازن المالي في 2017»، لمواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة دون المساس بالمواطن، وإنما بالاعتماد على رفع كفاءة الإنفاق الرأسمالي، والتشغيلي، وتنمية الموارد النفطية والتعدينية، والمقابل المالي على الوافدين، وضريبة القيمة المُضافة، ورسوم الأراضي البيضاء مع إدارة الدين العام، ورفع كفاءة الدعم الحكومي، وتنفيذ خطط التحول الوطني ورؤية المملكة 2030. يأتي هذا في ظل إلغاء مخصصات مشاريع، لم يتم التعاقد عليها بقمية إجمالية تصل إلى تريليون ريال، واعتماد الحكومة للشفافية العالية في الميزانية، بعد الوصول إلى نتائج إيجابية، عقب نجاح العمل المتحقق بشأن خفض الاعتماد على النفط. ويعول اقتصاديون على برنامج التوازن المالي في دعم ميزانية الدولة، من خلال رفع كفاءة الإنفاق الحكومي ليحقق أهدافه بأقصر الطرق، باعتباره أحد الركائز الأساسية التي مهدت الطريق لانطلاق رؤية 2030، من خلال مراجعة المشاريع القائمة، وآلية اعتمادها، وأثرها الاقتصادي، ورفع كفاءة الإنفاق الرأسمالي، وتنمية الإيرادات غير النفطية، مشيرين إلى أن المؤشرات كافة تتجه نحو إعلان الميزانية بكل شفافية ووضوح، من حيث العجز والإيرادات والمخصصات. وفي هذا السياق يقول الاقتصادي فضل بن سعد البوعينين: يعد برنامج التوازن المالي من أهم البرامج التي يقوم بها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، بهدف رفع كفاءة الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي، إضافة إلى تنمية الإيرادات غير النفطية، وتطبيق سياسة الدعم الحكومي الذكي الموجه إلى مستحقيه، علاوة على الإدارة الحكيمة للدين العام، مشيرا إلى أن زيادة الإيرادات الحكومية غير النفطية من 163 ملياراً إلى تريليون ريال سنويا، من أهم أهداف رؤية 2030. ومن الأهداف التي قد يشكل تحقيقها تحديا كبيرا؛ وضع الأهداف الإستراتيجية والالتزام بها، إذ لا يمكن أن يحدث بمعزل عن الدراسات المتعمقة التي تُرجح إمكانية تحقيقها، إضافة إلى البرامج القادرة على تحويل تلك الأهداف إلى واقع. خصوصا مع التأكيد المستمر من جانب صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان على رفع سقف الحوار، بما يزيد الشفافية ويحقق الوضوح. وأبان أن ما تشهده المملكة من إصلاحات، ما هو إلا جزء من تهيئة البنى التحتية لتحقيق الأهداف المرسومة، مؤكدا أن ما يميز البرامج السابقة هو تقاطعها في الأهداف، والتزام الحكومة بها، وتولي مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية المسؤولية التامة لتنفيذها، وبالتالي العمل الجاد لتحقيق أهدافها، وفق الخطط والبرامج العملية المؤطرة بزمن محدد. وأضاف: لا شك أن حزمة القرارات التي نشهدها بين حين وآخر، تأتي مساندة ومعينة على تحقيق أهداف الرؤية بشكل عام، وتعزيز الإيرادات الحكومية غير النفطية بشكل خاص. وحول الرسوم بشكل عام، قال هي جزء أصيل من إيرادات الحكومات والدول، وعلى رغم ثقلها على المستهدفين، إلا أن توفيرها ضرورة لمواجهة أعباء النفقات العامة، وتمويل المشاريع التنموية، وتوفير الخدمات بأنواعها، إذ يفترض أن تشكل إيرادات مهمة للدولة، وأن تسهم في تحقيق جزء رئيسي من هدف التمويل الذاتي مستقبلا. متوقعا أن يحدث تطبيق ضريبة القيمة المُضافة تغييرا بشكل جوهري في حجم الاستهلاك ونوعيته، إذ إن تطبيقها لا يلبث أن يكون شاملا، ما يتسبب في رفع السلع الاستهلاكية والخدمات التي قد تدخل في نطاقها مستقبلا. ومن جهته، يقول عضو جمعية الاقتصاد السعودي الدكتور عصام خليفة إن إطلاق مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة الأمير محمد بن سلمان «مهندس الرؤية السعودية» لبرنامج التوازن المالي، يقوم على مبدأ أساسي مضمونه أن التمويل الدائم يجب أن يفوق أو يساوي مجموع الاستثمارات، مضافا إليها جزء من احتياجات دورة الاستغلال، مع مراعاة المخاطر المستقبلية، الناجمة عن انخفاض قيمة بعض الأصول المتداولة. وأشار إلى أن البرنامج في عامه الأول، حقق سلسلة من النجاحات، أبرزها منح الأولوية في الإنجاز للمشاريع الجاهزة، إضافة إلى قرار إلغاء مخصصات مشاريع غير متعاقد عليها بقيمة تريليون ريال لتحقيق أهداف اقتصادية عدة. وطالب في هذا الصدد بضرورة إعادة النظر في الكثير من المشاريع المتعثرة والمتأخرة، وإعادة هيكلتها من جديد، مقدرا حجمها بالآلاف في مختلف مناطق المملكة، خصوصا أن البرنامج يستهدف تحقيق أعلى عائد مالي من المصادر غير النفطية، وقد ثبت جداوه منذ بداية العام الماضى، إذ زادت الإيرادات غير النفطية بنسبة 30%، كما أنه يضع في أولوياته رفع العائدات غير النفطية إلى 530 مليار ريال بحلول 2020، مقابل 163 مليار ريال فقط خلال العام الحالي، مضيفا: من المتوقع أن تقفز العائدات إلى تريليون ريال في عام 2030، ما يساوي حجم الناتج النفطي في أوج فتراته في عامي 2013 و2014. ويرى أن كفاءة الإنفاق الرأسمالي تتحقق من خلال دراسة جيدة للمشاريع المطروحة للاستثمار، وانتقاء الأكثر جدوى وتأثيرا في حياة المواطنين، مشيرا إلى أن الإنفاق الرأسمالي في الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، لم يتجاوز 71 مليار ريال، مقابل أكثر من 150 مليار ريال على أقل تقدير في الأعوام السابقة عن الفترة ذاتها. أهمية ضريبة القيمة المضافة أكد عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة جدة المهندس نصار السلمي أهمية ضريبة القيمة المضافة التي من المتوقع أن تطبق في دول الخليج كافة اعتبارا من العام بعد القادم، وذلك على جميع مراحل إنتاج السلع والخدمات. وقدر حجم العائد منها بنحو 25–30 مليار ريال، ما يساهم في سد عجز الميزانية. مشيرا إلى تطبيق الضريبة في أكثر من 150 دولة على مستوى العالم، إذ إن قوة أي اقتصاد تتحقق من خلال تنويع القاعدة الإنتاجية، وعدم الاعتماد على مصدر وحيد للدخل، خصوصا أن انخفاض الدعم المقدم للوقود والمياه والكهرباء، ساهم إلى حد ما في دعم إيرادات الدولة، بما لا يقل عن 50 مليار ريال سنويا في مرحلة حرجة، تراجع فيها سعر النفط إلى أكثر من 60%.وتابع: ترشيد الدعم الحكومي، وتوجيهه إلى الفئات المستهدفة يعد من الأولويات الرئيسية، من أجل رفع كفاءة الإنفاق والحد من الهدر المالي، لافتا إلى أنه على رغم رفع سعر الوقود، إلا أنه لا يزال الأرخص على المستويات العالمية. وتوقع أن يصل الدين العام إلى 344 مليار ريال بنهاية العام الحالي، مشيرا إلى أن إنشاء مكتب لإدارة الدين العام سيحقق فوائد عديدة، أبرزها الحصول على التمويل اللازم لسداد العجز بشروط أفضل، وهو ما حدث بالفعل أثناء إصدار سندات دولية بقيمة 17.5 مليار دولار خلال شهر أكتوبر الماضى، وحصلت المملكة على السندات بسعر أقل من المطروح، وذلك لملاءتها الاقتصادية والمالية المرتفعة، متوقعا أن تسهم إيرادات رسوم الأراضى البيضاء في تمويل إنشاء وحدات سكنية للشريحة الأكثر احتياجا مثل الأرامل والأيتام. في المقابل، يرى عضو لجنة الأوراق المالية في غرفة جدة المهندس محمد عادل عقيل أن فرض مقابل أو رسوم على الوافدين، من شأنه أن يعزز من قيمة استثمار الوافدين ويدعم ميزانية الدولة، داعيا مجلس الشورى إلى سرعة حسم هذا الملف الجارية مناقشته منذ أشهر، خصوصا أن حجم إجمالي تحويلات العمالة الوافدة يقدر حاليا بأكثر من 160 مليار ريال، وتوطين جزء من هذا المبلغ للاستثمار بالداخل، سيكون له مردود إيجابي على مستوى السيولة. مشددا على أهمية تقديم تسهيلات أكبر للوافد، حتى يقدم على الاستثمار في الداخل، أسوة بالعديد من الدول، إذ تعمل هذه الخطوة على الحد من التستر التجاري، الذي يكبد الاقتصاد الوطني خسائر سنوية تزيد على 200 مليار ريال على أقل تقدير.