رسم برنامج تحقيق التوازن المالي، وهو أحد البرامج الأساسية لتحقيق رؤية المملكة 2030، خريطة واضحة لسياسة المملكة العربية السعودية خلال السنوات المقبلة، تتضمن سياسات شفافة ومستدامة، هدفها الوصول إلى موازنة متوازنة في 2020، من خلال تعزيز الإدارة المالية، وإعادة هيكلة الوضع المالي للمملكة، واستحداث آليات مختلفة لمراجعة الإيرادات، والنفقات، والمشاريع المختلفة، وآلية اعتمادها، وزيادة الإيرادات غير النفطية، ودعم المواطنين، نتيجة زيادة الأعباء الناتجة عن الإصلاحات الهيكلية، وتحرير تدريجي لأسعار الطاقة. وسيسهم البرنامج في تحسين الآثار الاجتماعية والاقتصادية الأساسية التي تسعى رؤية 2030 إلى تحقيقها، من خلال استهداف نظام الرعاية الاجتماعية للأسر الأكثر حاجة ودعمهم على نحو فعال. ويوضح برنامج التوازن أنه من دون الإصلاحات الاقتصادية التي تم تنفيذها، فإن عجز الموازنة كان سيسجل أرقاماً فلكية بحلول العام 2020، ويبلغ 424 بليون ريال وفق السيناريو المتشائم، وأن تتناقص أرصدة الدولة لدى مؤسسة النقد العربي السعودي خلال الأعوام المقبلة لتصل إلى صفر في 2020، وأن يتضاعف الدين العام إلى 737 بليون ريال في العام نفسه. وفي ظل هذه التحديات والآثار المترتبة عنها، وكجزء من الإصلاحات المالية، فإن برنامج لتحقيق التوازن المالي يهدف إلى تحقيق موازنة متوازنة بحلول 2020 من خلال عدد من المحاور، هي: تعزيز استدامة الإيرادات الحكومية، من خلال تنمية الإيرادات غير النفطية، وتحسين وترشيد الإنفاق الرأسمالي التشغيلية، مع تركيز الإنفاق على المشاريع الأكثر استراتيجية، وإلغاء الإعانات غير الموجهة، وتمكين المواطنين من الاستهلاك بمسؤولية، واستدامة النمو الاقتصادي في القطاع الخاص. وبدأت الحكومة فعلاً في تنفيذ عدد من هذه الإصلاحات خلال العام 2016، منها ترشيد النفقات الرأسمالية والتشغيلية عبر تطوير أكثر من 100 مبادرة لرفع كفاءة الإنفاق التشغيلي في قطاعات مختلفة، إضافة إلى إصلاح الإنفاق الرأسمالي في ثلاث وزارت رئيسة، وهي الصحة والتعليم والشؤون البلدية والقروية، ومراجعة البدلات والعلاوات، وإصلاح أسعار الطاقة، إذ تم العمل بالمرحلة الأولية لتعديل أسعار البنزين والكهرباء والمياه، ومراجعة بعض الرسوم الحالية المختلفة، مع الاستمرار في تطبيق إصلاحات مالية إضافية لتحقيق موازنة متوازنة بحلول 2020. ويتضمن برنامج التوازن المالي توسيع قاعدة الإيرادات الحكومية غير النفطية التي بدأت في عام 2016، وذلك خلال السنوات المقبلة، إذ تستهدف الحكومة رفع الإيرادات الحكومية الإضافية لتصل إلى 152 بليون ريال بحلول عام 2020، خصوصاً أن تلك الإيرادات تعتبر إحدى وسائل جلب موارد جديدة، خصوصاً أن الإيرادات غير النفطية للحكومة والتي تضاعفت أربع مرات في السنوات ال20 الماضية، لم تغط إلا 17 في المئة من الإنفاق الحكومي في 2015، في الوقت الذي تتمتع دول مجموعة ال20 بقاعدة أوسع بكثير من الإيرادات، إذ تغطي الضرائب والرسوم ما بين 70 و100 في المئة من الإنفاق. وستبدأ الحكومة خلال العام المقبل 2017 في تطبيق عدد من الإصلاحات، أولها تحصيل مقابل مالي على الوافدين، كما سيتم فرض مقابل على كل مرافق للعمالة الوافدة في القطاع الخاص، و تطبيق ضريبة القيمة المضافة بداية من عام 2018، وخلال الربع الثاني من العام المقبل سيبدأ تطبيق ضريبة المنتجات الضارة، وهي ضريبة السلع المنتقاة هي ضريبة محددة على السلع المتعلقة بالمنتجات الضارة مثل التبغ ومشتقاته والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة.