هبت رياح (الطقطقة) هذه المرة في وجه الشاعر حيدر العبدالله الذي ألقى قصيدة أمام خادم الحرمين الشريفين –حفظه الله– أثناء زيارته للمنطقة الشرقية، وبين قسوة المجتمع ورقة الشاعر تاهت الموضوعية واحتار الكثيرون في الحكم على القصيدة بعد ظهور فريق متعاطف مع الشاعر يدافع عن قصيدته بقوة في وجه الفريق الذي يسخر منها بقسوة. من وجهة نظر شخصية ومع كل التقدير للشاعر حيدر العبدالله أرى أن القصيدة كانت ضعيفة على كل المستويات حتى لو دافع عنها النقاد والأدباء، لست بناقد ولا أدعي معرفة بالشعر أكثر من غيري ولكن هذا هو ذوقي وهذه هي وجهة نظري الشخصية التي بنيتها على حبي للشعر وعلمي بأنه في هكذا حالات ينطلق من ثلاثة أركان أساسية هي الوزن والقافية والإلقاء.. وقد كان الوزن قصيرا إلى درجة أنه لا يستوعب صورة غير عادية.. وكانت القافية ملتوية إلى درجة أفقدتها قوة التأثير في النفوس.. وكان الإلقاء هادئا إلى درجة تسبب النوم. باختصار لم تكن قصيدة ناجحة وجاء تأثيرها عكسيا على الشاعر، ليس لأن الناس جهلة لا يفهمون الشعر كما يدعي البعض، بل لأن الشاعر خانه ذكاؤه في اختيار أدواته الشعرية، أقول هذا الرأي وأنا متعاطف جدا مع الشاعر، ولكنني لم أستطع التعاطف مع قصيدته، سمعتها في البداية فلم تعجبني وقلت في نفسي: (لماذا لم يكن جاسم الصحيح في هذا المنبر؟)، وسمعتها في المرة الثانية بصوت الزميل خالد مدخلي في محاولة لإقناع نفسي بأن المشكلة في الإلقاء فلم يعجبني إلا صوت خالد!، ثم قرأتها فعجزت عن العثور على مواطن الجمال فيها، ويكفيني منها هذا البيت: (ستظل البلاد خضراء.. خضراء.. تظل النبات والإنسانا) كي أقول عنها بأنها قصيدة فقيرة جدا. ربما كان الشاعر يبحث عن معنى «يظنه جديدا» في أن أساس العلاقة بين الحاكم والمحكوم تقوم على الحب المتبادل، ولكن توظيف هذا المعنى شعريا جاء بشكل سطحي جدا مهما حاول المتعاطفون مع القصيدة تعميقه، وردة فعل الجمهور كانت طبيعية لأن تأثير الشعر المنبري فوري ولا يحتمل أنصاف الحلول، وقد يكون في الأمر خيرة للشاعر حيدر العبدالله الذي عرفه الناس اليوم أكثر مما عرفوه يوم فوزه ببيرق برنامج أمير الشعراء، وقد احترمت فيه شجاعته في الرد على طوفان الانتقادات، حيث لم يختبئ ويقول: (ليت الذي جرى ما كانا)، بل دافع عن موقفه بقوة. باختصار.. إذا استثنينا بعض التعليقات المسيئة والمعيبة.. فإنني لا أظن الجمهور كان جاهلا حين سخر من قصيدة العبدالله، بل هو جمهور تشرب القصيد عبر الأزمان.. والقصيد هنا كان تعبانا.