الحُكم على بيت شاعر معروف بالكسر هو في رأيي بمثابة التُهمة الخطيرة التي يخشاها الشاعر ويتحاشى الوقوع فيها، فرغم الجهد الكبير الذي يبذله الشعراء لتجويد أشعارهم وتنقيحها من أشكال الضعف والقصور التي قد تُثير شهية النقاد لاستلال أقلامهم وتجريد ألسنتهم إلا أن الوقوع في الخطأ أمرٌ واردٌ ومُمكن الحدوث، وقد رأينا في النسخة الأخيرة من شاعر المليون كيف أن الحكم بوجود خلل أو كسر في الوزن قد طال العديد من القصائد من بينها قصائد لشعراء حققوا مراكز مُتقدمة في الترتيب النهائي للمسابقة. وقد كان الشاعر المبدع نايف صقر أيضاً أبرز الشعراء الذين طالتهم سهام النقد والتهمة بالكسر بعد قصيدة ألقاها من على منبر شاعر المليون الذي حل عليه صقر كضيف شرف في النسخة قبل الأخيرة من البرنامج، فقد كان العنوان الأبرز الذي تناقلته المواقع الالكترونية بعد مُشاركة نايف صقر تلك: (سقوط الكبار على مسرح شاطئ الراحة)، لكن الشاعر لم يُنكر بعد خروج ذلك العنوان وجود خلل في قصيدته أو يلجأ لمهاجمة من انتقدوه، بل برّر ما حدث بقوله: "بالنسبة لما يتردد حول الاختلاف في الوزن في 3 أشطر من 45 بيتاً، فأنا فرغت من كتابة النص كاملاً على بحر قصير وحفظتها، ولكن لوجود حافز ورغبة ودافع للمزيد من الكتابة قمت بتطويل البحر.. والحاذق يعي تماماً أن الخطأ عفوي وناتج عن الحفظ السابق لأن الأشطر الثلاثة موزونة وبمجرد إضافة كلمة يستقيم الوزن مع البحر الجديد، وليس من العقل والمنطق أن أزن ملايين الأبيات وأعجز عن 3 أشطر".! ومهما تكُن درجة اقتناع من انتقدوا نايف صقر بهذا التبرير إلا أن ما ذكره هو الأقرب للصحة وللمنطق، فقد يكون ضبط (الوزن) في القصيدة هو العقبة الأولى التي تعترض طريق الشاعر المُبتدئ وتسبب له بعض الإرهاق، لاسيما أن الوزن مسألة دقيقة وحساسة وتحتاج لبعض التأني والتأمل خلافاً للقافية التي يُمكن ملاحظة الخلل فيها بسهولة ويسر، ومع ذلك فالشاعر الموهوب قادر على تجاوز هذه العقبة بسرعة وبعد كتابته لعدد قليل من القصائد واستنارته بآراء من سبقوه في إبداع الشعر؛ وقد ذكر أحد الشعراء المعروفين في لقاء إذاعي بأنه استطاع إتقان وضبط الوزن مع أول قصيدة كتبها، وفي رأيي أن مثل هذا الأمر نادر الحدوث ولا يحدث إلا مع شاعر من بين ألف شاعر على الأقل.