فاجأت الانتخابات الأمريكية دول العالم قاطبة، وحدث ما لم يكن كثيرون يتوقعونه خارج الولاياتالمتحدة، وفاز دونالد ترامب، ليصبح الرئيس ال45 لأمريكا، ولتنسحب في المقابل عن الساحة السياسية منافسته وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون. وفي منطقتنا العربية، كانت هناك نظرة سلبية تحدد زاوية الرؤية إلى ترامب أثناء الحملات الانتخابية، نتيجة بعض تصريحاته التي أملاها عليه احتدام المعارك الانتخابية والسعي في هذه الظروف إلى الشعبوية ومخاطبة الغرائز. ومهما كانت النظرة المرتابة التي فرضتها الأوضاع المتشابكة والمرتبكة للمنطقة، إلا أن ما يجب ألا يغيب عن الأذهان في هذه الظروف، هو أن أمريكا دولة مؤسسات لا يستطيع أحد فيها أن يتفرد بالقرار، بعيدا عن الأجهزة المدنية والعسكرية والتشريعية ومراكز الأبحاث وجماعات الضغط والمصالح المتشعبة، التي تسهم بدور كبير في تحديد سياسات أمريكا الداخلية والخارجية. وفي ظل سياسات أمريكية رمادية ومترددة في عهد أوباما، أسهمت في إيجاد الفوضى الخلاقة في المنطقة ثم انسحبت وامتنعت عن اتخاذ الخيارات الصارمة والواجب اتخاذها تجاه كل هذا العبث، وما تبعه من تمدد وتوغل للنفوذ الإيراني في المنطقة العربية، التي تم تسليم ملفاتها الأمنية للروس، يحدونا أمل لا يخلو من القلق في أن تكون السياسات الجديدة التي نترقبها في ظل رئاسة ترامب أكثر إيجابية في مقارباتها للقضايا المهمة في الشرق الأوسط، بعد أن أدى تراجع الدور الأمريكي إلى انقلاب وضع المنطقة رأسا على عقب.