ضمن فعاليات ملتقى السفر والاستثمار السياحي السعودي 2012م، الذي تنظمه الهيئة العامة للسياحة والآثار بمركز المعارض الدولي في الرياض، اقيمت ورشة عمل بعنوان (السياحة الزراعية- عوامل النجاح) وطالب المشاركون بإيجاد مظلة تشريعية وتنظيمية تقود المزارع للدخول في مجال السياحة الزراعية، من خلال تبني الهيئة إنشاء جمعية للسياحة الزراعية تقدم الدعم والتسويق والتدريب لمشاريع السياحة الزراعية. وتطرقت الورشة التي أدارها الدكتور جاسر الحربش المدير التنفيذي لفرع الهيئة بمنطقة القصيم، الخبير السياحي بشركة (Kohl And Partner) كريستوفر هتريغنر متحدثا رئيسا، وكل من المهندس عبدالله العوين مدير عام صندوق التنمية الزراعية وحمد آل الشيخ نائب الرئيس المساعد للتسويق في الهيئة العامة للسياحة والآثار ومدير برنامج السياحة الزراعية في الهيئة كمحاورين بالورشة، تطرقت إلى عدة محاور أهمها عوامل نجاح السياحة الزراعية دوليا، والإطار التنظيمي لجمعيات السياحة الزراعية، ورؤية القطاع الحكومي المحلي، وقضايا تمويل ودعم مبادرات السياحة الزراعية وتسويقها. بدأت الجلسة بكلمة لمدير برنامج السياحة الزراعية حمد آل الشيخ، معرفا السياحة الزراعية بأنها الرحلات التي يقصد فيها السائح مزرعة ما للاستمتاع بعدد من الأنشطة والخدمات على أرض المزرعة، مشيرا إلى أهمية السياحة الزراعية في تنمية الحركة السياحية للمناطق الزراعية والريفية، والمساهمة في إثراء التجربة السياحية المحلية، وإيجاد عناصر للترفيه والمتعة والتعليم للسائح، وتوفير دخل إضافي للمزارعين وفرص وظيفية لسكان المحافظات الزراعية وتقليل الهجرة من المناطق الريفية للمدن، فضلا عن تمكين المزارعين من تطوير برامج وخدمات الأنشطة السياحية في مزارعهم. كما استشهد آل الشيخ بالإرقام على أهمية السياحة الزراعية في المملكة، حيث وصل عدد المزارع في المملكة إلى أكثر من 250 ألف مزرعة، مبينا أن الزراعة تعد مصدر دخل مهم لنسبة كبيرة من المجتمع السعودي، أن انتشار المزارع في جميع مناطق المملكة سوف يسهم في تكوين وجهات سياحية لسكان المدن الكبيرة، مبينا أن السياحة الزراعية يمكن أن تقدم للسائح الاستمتاع بالمشاركة في الأعمال الزراعية وجني المحاصيل وممارسة العادات والتقاليد الريفية، بالإضافة إلى الأنشطة الرياضية كصيد الطيور والمشي والسباحة وركوب الخيل. وحول شروط ومتطلبات السياحة الزراعية أشار آل الشيخ إلى ضرورة توفر أماكن مهيأة بشكل جيد لاستقبال السياح، وتوفر تجهيزات وتسهيلات يستطيع السياح من خلالها ممارسة العديد من الأنشطة كممرات المشي والأنشطة الأخرى، فضلا عن توفر عوامل الأمان والسلامة للسياح في المزرعة. وحول المناطق المستهدفة بالسياحة الزراعية أكد آل الشيخ أن جميع مناطق المملكة مناسبة للسياحة الزراعية، وقد تختلف من حيث طبيعة المزرعة وعناصرها والأسواق المستهدفة، فمثلا يمكن أن تستهدف المزارع في الرياض والشرقية ومكة المكرمة وجازان نهاية الأسبوع، بينما تستهدف المزارع في الباحة وعسير والطائف السياح في إجازة الصيف، أما المزارع في المدينةوالقصيم وحائل ونجران فتستهدف في الإجازات القصيرة. وكانت الكلمة الثانية للخبير العالمي كريستوفر هتريغنر حيث تحدث عن تجربة الشركة التي يعمل بها في مجال تنمية السياحة الزراعية والتي تضم 12 مكتبا في أوروبا، وفريق عمل عالمي، مبينا أن الشركة بدأت عملها من الصفر في عام 1991م، ثم بدأت في تحسين مستوى الخدمات إلى أن وصلت عائداتها في عام 2010 إلى نسبة 170%. وأشار الخبير العالمي إلى أن نجاح السياحة الزراعية في المملكة يتطلب عدة عناصر أهمها التنظيم الهيكلي بإيجاد منظومة للقواعد التي تنظم السياحة والتسويق، مقترحا إنشاء موقع للحوار على الإنتر نت بين الأطراف المعنية في السياحة الزراعية، وتوفير نظام جديد لحجز مرافق السياحة عبر الإنترنت متضمنا البرامج السياحية. وأشار هتريغنر إلى أن تنوع منتج السياحة الزراعية من أهم العناصر التي تساعد على تنمية هذا القطاع، كونه يرفع من مستوى الخدمات، مؤكد ضرورة الدعم المالي والمعونات الحكومية لهذا القطاع، فضلا عن إيجاد مبادرات لتحسين الآداء معتمدة على التدريب بشكل دائم لتحسين الجودة، مشددا على ضرورة تخصيص كم كافي من المصادر لعملية التسويق المهني في السياحة الزراعية. وفي الأخير تمنى هتريغنر للمملكة مزيدا من التقدم في هذا المجال. من جانبه أوضح المهندس عبدالله العوين مدير عام صندوق التنمية الزراعية في كلمته أن الصندوق اكتسى حلة جديدة بصدور نظامه الأساسي في عام 1430ه، مبينا أنه أصبح نسخة مطورة من البنك الزراعي، حيث انتقل من طور الإقراض إلى دور تنموي أكثر وضوحا؛ فلم يكتفي بالتمويل لمختلف العمليات الزراعية بل صار من شأنه تشجيع استخدام التقنيات الحديثة، وتوطين صناعة ما يرتبط بالعمليات الزراعية بصورة مباشرة، حيث عمد الصندوق على تطور المزارع وتنشيط السياحة الزراعية فيها، باعتباره رافدا اقتصاديا يمكن أن يكون له أثر طيب على عوائد المزارعين والتنمية الريفية. وأوضح المهندس العوين أن الصندوق عمل على تفعيل ما تضمنه قرار مجلس الوزراء حول "إيجاد صيغ ملائمة لمشاركة صناديق الإقراض الحكومية في تمويل المشاريع السياحية" بتوقيعه مذكرة تعاون مع الهيئة العامة للسياحة والآثار تتضمن وضع المعايير اللازمة للسياحة الزراعية، وتشجيع من تنطبق عليه هذه المعايير على الانضمام للبرنامج، بالإضافة إلى تطوير المزارع وتهيئتها لتقديم الخدمات المستهدفة، ورفع القدرات والمهارات من أجل تقديم وتسويق تلك الخدمات، فضلا عن دعم الجهود والأنشطة التي تهدف إلى تحسين العمل في المزارع المشاركة، وإنشاء قاعدة بيانات تتضمن معلومات عن المزارع المشاركة والإمكانيات المتوفرة بها. وفي مداخلة لنبيل العبود صاحب مزرعة تساءل خلالها عن دعم صندوق التنمية الزراعية للأسر المنتجة المقيمة بجوار المزارع، فأجابه المهندس العوين بأن هناك جهات معنية بدعم هذه الأسر، وأن هذا الدعم ليس من اختصاص الصندوق. بينما تساءل على العيسى من الأحساء عن دور الهيئة في تطوير وتسويق مشاريع السياحة الزراعية، فعقب آل الشيخ بأن الهيئة العامة للسياحة والآثار وشركاءها يعملون على تقديم خدمات متعددة في هذا الشأن، منها: منحة عضوية تساعد المزارع في الحصول على خدمات ودعم من جهات مختلفة لتطوير مزرعته، ومساعدته في تحديد إمكانيات مزرعته، وتقديم الدعم الفني لتطوير بعض عناصرها، بهدف تقديم خدمة بجودة مناسبة تحقق المردود الذي تسعى الهيئة إلى تحقيقه من السياحة الزراعية، فضلا عن مساعدة المزارع على تسويق مزرعته والمساهمة في جذب السياح إليها. أما سليمان الصوينع الموظف بوزارة الزراعة بمنطقة حايل فطالب بمظلة تشريعية وتنظيمية تقود المزارع للدخول في مجال السياحة الزراعية، مقترحا تبني الهيئة إنشاء جمعية للسياحة الزراعية تقدم الدعم والتسويق والتدريب لمشاريع السياحة الزراعية، وعلق الخبير الأجنبي هتريغنر على هذه المداخلة بضرورة العمل على إنشاء مثل هذه الجمعية في المملكة، مشيرا إلى دور مثل هذه الجمعيات في الدول الأوروبية في تنمية السياحة الزراعية. فيما تساءل محمد الحربي صاحب مزرعة في القصيم عن الشروط الأمنية التي يجب توفرها في المزارع المستهدفة، فأجاب آل الشيخ بأن الهيئة تعمل على أمن وسلامة السياح ودرء المخاطر التي قد تصيب السائح من خلال تعاونها مع ووزارة الداخلية (الأمن العام والدفاع المدني) كجهات مشرفة على نواحي السلامة والأمان والمخولة بوضع مثل هذه الشروط، إضافة الى وزارة الشؤون البلدية والقروية كجهة تشرف على المباني وتهتم بصحة الإنسان والحفاظ على البيئة".