حاولت التمسك بعشها لكن تصرفات شريك حياتها أرغمتها على أن تختار أبغض الحلال طريقا، فأرادت الطلاق لكنه آثر الخلع ليسترد ما دفعه ويتنصل من تبعات الطلاق، فخرجت خالية الوفاض إلا من اللهفة على بناتها الثلاث اللاتي لم يسمح لها بالولاية عليهن. جدت في إكمال دراستها العليا في الطب عوضا عن حياة ذاقت فيها أصنافا من الإهانة على حسب تعبيرها، فسافرت إلى الخارج لتحقيق هدف ليس ببعيد عن إمكاناتها، 12 سنة مرت، فكبرت صغيراتها وأصبحن شابات يافعات، لكنهن لم ينسين ولو للحظة أمهن وحنانها، وزاد من ذلك الإحساس قسوة الأب وإهماله لهن وانشغاله بزوجته الأخرى وأبنائه منها، استغثن بأمهن المرة تلو الأخرى، حتى قطعت رحلة تعليمها لإنقاذهن، لكن باب نزع الولاية من أبيهن مغلق أمامها، تحاول جاهدة لإعادتهن إلى كنفها بحكم شرعي. تستشهد الطبيبة السعودية أم عبدالرحمن على سوء معاملة طليقها لبناتها بملاحظات دونها فريق من الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بعد زيارتهم لهن، حيث أوصوا برفع قضية عضل ونزع ولاية الوالد عن الفتيات لصالح والدتهن لما فيه مصلحة لهن واستقرار نفسي، مشيرين إلى رفضه تزويجهن "على الرغم من بلوغهن سن الزواج" ورغبتهن في تكوين أسر، كما أوصوا بأن تكون وصايتهن لوالدتهن، مفيدات بأنهن يعشن ظروفا صعبة، حيث يعشن في منزل به 13 شخصا. وتوضح الدكتورة أم عبدالرحمن ل"الوطن" أنها تلقت مكالمة استنجاد أثناء وجودها في كندا من إحدى بناتها، كي تحضر إلى جدة لحل مشكلة إحدى بناتها الثلاث (شهد 17 منى 20 دعاء 22 سنة) التي حاولت الانتحار، وتقاعس والدها عن إنقاذها، مؤكدة أن تعرضهن للعنف الشديد من والدهن دفعهن للتوجه إلى قسم الشرطة وتقديم بلاغ ضده لسوء معاملته لهن وإسكانه السائق في نفس الشقة التي يعشن فيها. وتؤكد أنه لا ينفق عليهن كالآباء الآخرين، بل وصل به الأمر إلى أخذه المكافآت المالية التي يحصلن عليها من مدارس التحفيظ التي يدرسن فيها، فضلا عن تعرضهن للضرب المبرح والتعذيب لأقل الأسباب، خصوصا عند ذكرهن كلمة ماما. وأشارت إلى أنهن حاولن الانتحار مرات عدة، حيث إحداهن حاولت قطع شرايين يدها، وأخرى ابتلعت علبة كاملة من دواء الصرع الذي تتناوله، مضيفة "عندما تقاعس أبوهن عن علاجهن استنجدت البنت الكبرى بي فقطعت حينها بعثتي وعدت إلى جدة، لأجد وضعهن مزريا من النواحي النفسية والتعليمية والصحية. ولفتت إلى لجوئها للجهات الرسمية التي تتوقع أن تساعد بناتها المعنفات، حيث تواصلت مع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان التي أوصت برفع قضية عضل ونزع ولاية، كما خاطبت الجمعية بدورها لجنة الحماية الأسرية بمكة المكرمة بشأن أوضاعهن. وأشارت إلى أن لجنة الحماية بالعاصمة المقدسة أصدرت تقريرا مفصلا عن أوضاعهن بعد بحث اجتماعي وصحي (حصلت "الوطن" على نسخة منه)، ذكرت فيه أن والدهن يقوم بإسكان السائق معهن في نفس الشقة مما عرضهن للعديد من المضايقات من قبله، وارتأت اللجنة ضرورة متابعة العلاج النفسي للفتيات ورفع قضية عضل ونزع ولايته عن الفتيات، كما أوصت بإبعاد البنات عن والدهن، وساعدت الأم في استصدار أوراق لاستكمال دراستهن، وأمورهن الرسمية. وبناء على توصيات لجنة الحماية فالبنات يسكن حاليا مع أمهن بشكل موقت، حتى تبت المحكمة في دعوى عضل ونزع ولايتهن من الأب المعنف، إلا أن تباعد الجلسات القضائية وقلق الأم في حال منعها من رعايتهن لمجرد أنها امرأة، وعدم اعتبار درجتها العلمية كطبيبة استشارية ومكانتها العملية كأستاذة طب ومديرة لقسم الولادة في مستشفى حكومي كبير، يشكل لها ولبناتها صعوبة، بحسب قولها، مضيفة "في حال نزع ولاية والدهن المعنِف، إما أن أصطحبهن معي لاستكمال دراستهن في الخارج أو أزوجهن بالأكفاء"، مبينة أنهن يعشن ظروفا نفسية صعبة، خشية أن يعدن لوالدهن ويتعرضن لما كن يتعرضن له من قبل. "الوطن" حاولت الاتصال بوالد الفتيات مرات عدة لكنه لم يرد. -------انتهى ---------------