بعد تسعة أعوام من الاعتقال والتجاذبات السياسية القضائية تشهد قاعدة غوانتانامو غداً توجيه الاتهام الى خالد شيخ محمد، العقل المدبر لهجمات 11 ايلول/سبتمبر، واربعة من أعوانه المفترضين، مؤذنا بذلك بانطلاق محاكمة طال انتظارها. وبعد تسع سنوات من إلقاء القبض عليه في باكستان، أمضى ثلاثا منها محتجزا في سجن سري، ستوجه النيابة العسكرية الاميركية الى خالد شيخ محمد واربعة من اعوانه المفترضين المعتقلين معه في غوانتانامو، تهمة "المسؤولية عن تحضير وتنفيذ اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2011 في نيويورك وواشنطن وشانكفيل (بنسلفانيا) والتي أودت بحياة 2976 شخصا"، بحسب البنتاغون. وتأتي هذه الخطوة الحاسمة بعد أكثر من عشرة أعوام على الاعتداءات الاكثر دموية في التاريخ، كما تأتي في الذكرى السنوية الاولى لتصفية زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن الذي تبنى هذه الهجمات. واضافة الى خالد شيخ محمد، الكويتي البالغ من العمر 47 عاما والذي بات يعرف في الولاياتالمتحدة بالاحرف الثلاثة الاولى من اسمه بالانكليزية "كي اس ام"، فان الاتهام سيوجه ايضا الى كل من اليمني رمزي بن الشيبة، والباكستاني علي عبدالعزيز علي الملقب بعمار البلوشي، والسعوديين وليد بن عطاش ومصطفى الهوساوي، وجميعهم يواجهون عقوبة الإعدام. وقال مارك ثييسين المسؤول السابق في ادارة الرئيس الاميركي السابق جورج بوش "هناك رغبة في إحقاق العدالة، هذه لحظة مهمة لنا جميعا". وستتم تلاوة اللائحة الاتهامية على المتهمين السبت في قاعدة غوانتانامو البحرية الاميركية في جزيرة كوبا، في خطوة طال امد انتظارها واثارت اهتمام عدد قياسي من وسائل الاعلام ومنظمات الدفاع عن حقوق الانسان. ومن بين اكثر من 200 صحافي رشحوا لحضور جلسات المحاكمة تم اختيار 60 منهم لتغطية الوقائع من داخل قاعة المحكمة في حين سيتمكن 30 آخرون من متابعة الحدث من قاعدة فورت مايد (ميريلاند)، حيث سيتم نقل وقائع الجلسات. وقال المتحدث باسم البنتاغون تود بريسيل انه "منذ اصلاح المحاكم العسكرية الاستثنائية العام الماضي ارتفع عدد وسائل الاعلام التي تذهب الى غوانتانامو لتغطية جلسات الاستماع بنسبة تزيد عن ثلاثة اضعاف مقارنة باعلى مستوى سجل سابقا". من جهته قال كبير المدعين العامين الجنرال مارك مارتينز انه "من المهم للغاية ان تكون هناك شفافية" من خلال نقل جلسات الاستماع على التلفزيون وبث المرافعات على الانترنت وعبر حضور وسائل الاعلام. ولكن المحلل ديفيد ريفكين حذر من ان خالد شيخ محمد الذي انتزعت اعترافاته الاولى تحت التعذيب في احد السجون السرية التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه)، قد يستغل جلسات المحاكمة "لشن حملة تهجم على الولاياتالمتحدة". من ناحيتها ستتمكن عائلات الضحايا من متابعة جلسات المحاكمة عبر شاشات عملاقة سيتم نصبها لهذه الغاية في اربع قواعد عسكرية على الاراضي الاميركية. وفي هذا الشان اكدت تيري غرين العضو في منظمة "عائلات 11 ايلول/سبتمبر من اجل غد مسالم" انها كانت تفضل لو تقرر اجراء المحاكمات امام محكمة حق عام لان "الوصول اليها اسهل للعائلات" ولانها محاكم "اثبتت جدارتها" في تولي قضايا الارهاب. واضافت غرين انها اصيبت "بخيبة امل كبيرة" لانها اضطرت "للانتظار لسنوات" وفي النهاية تقرر اجراء المحاكمات امام محكمة عسكرية. وكان الرئيس الاميركي باراك اوباما يريد ان تتم محاكمة المتهمين الخمسة في مانهاتن، على بعد خطوات قليلة من "غراوند زيرو" حيث كان برجا مركز التجارة العالمي. ولكن الجمهوريين في الكونغرس، خصوم الرئيس الديموقراطي، منعوه من تحقيق رغبته هذه عبر حظرهم نقل المتهمين بقضايا ارهابية الى الاراضي الاميركية. وبناء عليه سيمثل المتهمون الخمسة للمرة الثانية امام محكمة عسكرية استثنائية، علما بان هذه المحاكم انشأتها ادارة جورج بوش قبل 11 عاما ثم اتى انتخاب باراك اوباما ليوقف سيرها. وقال جيمس كونيل محامي الدفاع عن البلوشي ان "النظام برمته غير عادل". وقد حذر محامو الدفاع من انهم سيثيرون مبدأ السرية المطبق بشكل آلي على اقوال المعتقلين في غوانتانامو وكذلك ايضا الصعوبات التي يواجهونها في الوصول الى معلومات مصنفة سرية. واضاف كونيل ان الوقت الذي مر بين الاعتداءات واعتقال المتهمين سيثيره محامو الدفاع ايضا خلال الجلسات. ولكن "محاكمة القرن" كما يصفها المراقبون قد تستغرق سنوات، ما لم بعترف خالد شيخ محمد بالتهم الموجهة اليه ليحكم عليه بالاعدام ويموت "شهيدا" في نظر اتباع القاعدة.