أعاد علماء مناخ تأكيد حقيقة ظاهرة الاحتباس الحراري، في دراسة علمية مستقلة حول معدل ارتفاع درجة حرارة الأرض يعتقد أنها الأكثر شمولية على الإطلاق منذ بدء برامج الرصد العالمية. وقد استحق هذا التأكيد جهدا علميا كبيرا من أعضاء مشروع بيركلي لرصد ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض، بعد أن قاموا بفحص 1.6 مليار تقرير لدرجة الحرارة تغطي فترات زمنية يعود بعضها لأكثر من قرنين، في محاولة للرد على المشككين. لقد وجد الباحثون دليلا لا يقبل الشك على ارتفاع معدل درجة الأرض بدرجة مئوية واحدة منذ خمسينيات القرن الماضي. وصرح ريتشارد مولر، مدير معهد بيركلي لعلوم الأرض، أنه كان متفاجئاً عندما وجد النتائج الجديدة مؤكدة لنفس النتائج السابقة التي عملت عليها فرق بحث أخرى في الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة . وتابع مولر، منتقدا المشككين بحقيقة ظاهرة الاحتباس الحراري: "هذا برهان ساطع على صحة الدراسات السابقة، وهو كفيل برد اتهامات المشككين في ارتفاع حرارة الأرض التي كانت تطعن مصداقية النتائج السابقة، بدعوى انحياز العاملين عليها." ففي السابق، تحدى المشككون التقارير العديدة التي أعلنتها مؤسسات علمية دولية، على رأسها وكالة ناسا والمؤسسة القومية لعلوم المحيطات وأحوال المناخ ووحدة أبحاث المناخ بجامعة المملكة المتحدة، وذلك بدعوة انحياز العلماء في تلك المراكز نحو نظرية الاحتباس الحراري. وتركزت طعون المشككين على طرح فرضية تتهم أولئك العلماء بإهمال آثار ظاهرة مناخية أخرى تعرف باسم "الجزر الحرارية" وهي مرتبطة بوجود المدن الكبرى التي عادة ما تفوق حرارتها حرارة المناطق المحيطة بها، الأمر الذي يؤدي إلى ظهور نتائج غير دقيقة حول "الاحتباس الحراري." إلى جانب الإدعاء بضعف أداء محطات الرصد الحراري، واتهام العلماء بتزوير نتائج الأبحاث، على غرار ما جرى عام 2009 عندما جرى تسريب آلاف الرسائل الإلكترونية التي قيل إنها تدل على قيام علماء بالتلاعب بتسجيلات درجات الحرارة، قبل أن تعود لجنة بحثية مستقلة لتبرئة ساحة أولئك العلماء بعد تحقيقات موسعة عام 2010. ويبدو أن الدراسة الجديدة لم تغفل أثر ظاهرة "الجزر المناخية،" فقالت إنها "حقيقية وذات تأثير محلي،" ولكنها بالمقابل لا تؤثر بشكل ملحوظ على متوسط ارتفاع حرارة الأرض. كما دافعت عن أداء محطات الرصد الحراري، معتبرة أن نتائجها مقبولة. ويضيف روبرت رود، أحد كبار العلماء في مشروع بيركلي، أن الدراسة تطرقت بشكل واسع إلى قضية مصداقية نتائج محطات الرصد الحراري حول العالم، وذلك من خلال مطابقة كل البيانات المتاحة، بحيث راجع العلماء أرقام أكثر من 39 ألف محطة، أي أكثر بخمس مرات من أي دارسة سابقة. ووفقا لهذه الدراسة الحديثة فإن ثلث محطات الرصد حول العالم أبلغت عن تراجع لدرجات الحرارة منذ العقد الخامس من القرن الماضي، في حين أن ثلثي المحطات أكدت ارتفاع الحرارة حول العالم خلال نفس الفترة، لكن، رغم كل هذه التأكيدات، فإن الدراسة ما تزال محل تدقيق ومراجعة. وقد أقر مولر أن الدراسة لم تتطرق للإجابة على سؤال حول حجم تأثير النشاط البشري على ارتفاع درجة حرارة الأرض، كما أن معهد بيركلي يعتزم توجيه أبحاثه نحو قياس درجة حرارة المحيط، حيث لوحظ أن حرارة المحيط لم ترتفع بنفس قدر ارتفاع حرارة الأرض.