أكدت دول مجلس التعاون الخليجي أمس، عزمها على مواصلة جهود الوساطة بين الرئيس اليمني علي عبد الله صالح والمعارضة لإزالة المعوقات التي طرأت وحالت بدورها دون التوصل لاتفاق نهائي والتوقيع على المبادرة الخليجية لإنهاء الأزمة في اليمن. وأعربت عن أملها في إنهاء هذه المعوقات كافة. وكشف المجلس الوزاري لدول المجلس (وزراء الخارجية) عقب اجتماعه الاستثنائي الذي عقد البارحة في الرياض أن الأمين العام لمجلس التعاون عبد اللطيف الزياني سيتوجه إلى العاصمة اليمنية صنعاء في وقت لم يحدد لمواصلة الاتصالات مع الأطراف المعنية بالأزمة في محاولة لإقناعها بالتوصل إلى اتفاق حقيقي يسهم في أمن واستقرار ووحدة اليمن الشقيق. واستعرض وزراء الخارجية خلال الاجتماع الخاص بالأزمة اليمنية مستجدات الوضع في اليمن ونتائج الاتصالات التي أجراها الأمين العام لمجلس التعاون مع الرئيس اليمني والمعارضة في صنعاء أمس الأول في ضوء المبادرة الخليجية. وكان من المقرر أن يتم أمس في العاصمة السعودية توقيع الأطراف اليمنية على اتفاقية المصالحة بحضور وزراء الخارجية، إلا أن رفض الرئيس اليمني التوقيع على الاتفاقية حال دون ذلك. وفي موضوع ذي صلة، أجرى الرئيس اليمني أمس اتصالين هاتفيين بكل من ملك البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ورئيس الإماراتالمتحدة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان. حيث تم خلال الاتصال مع ملك البحرين بحث العلاقات الأخوية ومستجدات الأوضاع في المنطقة ومنها الأوضاع في اليمن والبحرين، والمساعي المبذولة من دول مجلس التعاون الخليجي من أجل حل الأزمة في اليمن. وقد أشاد الملك حمد بالعلاقات الأخوية الحميمة بين البلدين الشقيقين، مؤكدا وقوف بلاده إلى جانب اليمن وأمنه واستقراره ووحدته. وفي السياق نفسه، بحث الرئيس صالح في اتصال هاتفي مع رئيس الإماراتالمتحدة الأوضاع في المنطقة ومواقف البلدين إزاءها، إضافة إلى الأوضاع في اليمن وجهود ومساعي الأشقاء في دول مجلس التعاون لحل الأزمة التي تمر بها بلاده. وأعرب صالح عن تقديره لجهود الأشقاء في مجلس التعاون المنطلقة من حرصهم على أمن واستقرار اليمن ووحدته. وأكد الشيخ خليفة بن زايد من جانبه وقوف بلاده إلى جانب اليمن وما من شأنه الحفاظ على أمنه واستقراره ووحدته. ويقول محللون إن صالح سياسي داهية تمكن من النجاة في مواجهة ثلاثة أشهر من الاحتجاجات القوية المؤيدة للديمقراطية التي تطالبه بالتنحي. وقبل استقباله الموفد الخليجي، التقى الرئيس اليمني، أكثر من 400 شخصية في الحكومة والبرلمان والمؤتمر الشعبي العام الحاكم "لمناقشة مبادرة مجلس التعاون الخليجي". وقال ائتلاف المعارضة الرئيسي في البلاد إنه ما زال يأمل أن تنجح دول الخليج التي ترعى الاتفاق في الحصول على توقيع صالح الذي يحكم البلاد منذ نحو 33 عاما. وقال محمد باسندوة وهو شخصية معارضة يوصف بأنه رئيس وزراء مؤقت محتمل، إن الأمر الآن في أيدي الدول الخليجية وإذا تمكنت من إقناع صالح فإن الأمور ستكون جيدة. ووافقت المعارضة اليمنية التي تتضمن كلا من الإسلاميين واليساريين على الاتفاق حتى على الرغم من رفض المحتجين في الشوارع له ومطالبتهم بتنحيته على الفور ومحاكمته. وأرغم صالح الذي ظل لفترة طويلة حليفا للولايات المتحدة المفاوضين على إن يجري حفل التوقيع على يومين وعارض وجود مسؤولين من قطر. وكان رئيس وزراء قطر أول من صرح علنا بأن الاتفاق الذي تتقدم به دول الخليج يقضي باستقالة صالح الذي اتهم قناة الجزيرة الفضائية القطرية بتأجيج الاحتجاجات في العالم العربي الذي تجتاحه تظاهرات تطالب بالديمقراطية. وفي وقت سابق أمس اندلع العنف في جنوب اليمن عندما قتل مسلحون اثنين من رجال الشرطة وجرحوا اثنين آخرين في مدينة عدن الساحلية بحسب ما أعلنت وسائل الإعلام الرسمية بينما قال شهود عيان إن مسلحين هاجموا مركزا للشرطة، واندلع قتال بالأسلحة النارية خارج سجن قريب. وقال الطبيب قاسم جميل إن قوات الأمن تحركت بعد فترة قصيرة لتفريق احتجاج مناهض للحكومة في الحي نفسه ما أسفر عن مقتل محتج وإصابة أكثر من 50. وقال شهود عيان إن المحتجين فروا من المكان وإن مركبات مدرعة تقوم بدوريات في الشوارع. وقال جميل إن المصابين نقلوا إلى مستشفيات قريبة للعلاج لتعذر نقلهم إلى المستشفى. ويقول محتجون إنهم باقون في الشارع لحين رحيل صالح، ودعوا لمحاكمته بتهم فساد وقتل نحو 143 محتجا منذ بدء احتجاجات قبل ثلاثة أشهر. وسيمنح الاتفاق الذي توسطت فيه دول مجلس التعاون الخليجي صالح وحاشيته ومن بينهم أقارب يديرون أجهزة أمنية حصانة من المحاكمة. وهتف بعض المتظاهرين المعارضين لصالح "الشعب يريد محاكمة القاتل" في مظاهرة يوم الجمعة التي انتهت بتشييع جثامين 12 محتجا قتلوا يوم الأربعاء. ومرت النعوش الخشبية بين آلاف الأيدي التي حملت الضحايا لمثواهم الأخير. وإذا ما أبرم الاتفاق يعين صالح رئيسا للوزراء من المعارضة يرأس حكومة انتقالية تحدد موعدا لإجراء انتخابات الرئاسة بعد 60 يوما من استقالة صالح. ودعا عديد من المحتجين ممن لا يثقون بالفعل في ائتلاف المعارضة الذي كان طرفا في الحكومة في السنوات الأخيرة الائتلاف إلى الانسحاب من الاتفاق الذي طرحته المبادرة الخليجية.