الآم الرقبة قد تعرض لها الجميع، وهي من الاشياء التي تغمص على الانسان بعض الوقت من حياته ، دعونا هنا نتحدث عن اسباب حدوث هذه الالآم. من المعروف أنه مع الحياة العصرية قد انتشر استخدام الحاسب الآلي وكذلك استخدام التلفاز وألعاب الفيديو. بالإضافة إلى ذلك فإن الكمبيوتر أصبح جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية لكثير من الناس. وقد ساهمت هذه الأجهزة الحديثة في ظهور مشاكل آلام الرقبة بشكل كبير خلال السنوات القليلة السابقة. وخاصة في أوساط الأشخاص الذين يعملون في البنوك وفي التدريس وفي الكتابة والمهندسين. وكذلك في أوساط الطلبة وخصوصاً في فترة ما قبل الامتحانات. وهذا يرجع إلى الإجهاد الذي تسببه هذه الأنشطة على منطقة الرقبة وعلى الكتفين عند هذه الفئة من الناس. وعلى الرغم من أن الغالبية العظمى من آلام الرقبة تكون حميدة وعابرة ويمكن السيطرة عليها إلا أنه في بعض المرضى قد تنتج هذه الآلام عن أمراض معينة في العضلات أو في العمود الفقري وفي الغضاريف التي تكون الرقبة. الأسباب التي تؤدي لآلام الرقبة كما ذكرنا سابقاً فإن الغالبية العظمى تكون نتيجة إجهاد على منطقة الرقبة وأسفل الرأس وأعلى الكتفين نتيجة الجلوس لفترات طويلة بطريقة خاطئة عند الدراسة أو عند الكتابة أو عند استخدام الحاسب الآلي. كما أن استخدام المرتبة السيئة أو المخدة السيئة يساهم أيضاً في ظهور آلام الرقبة. بالإضافة إلى ذلك فإن استخدام الهاتف النقال لفترة طويلة أو حتى الهاتف العادي لفترة طويلة مع ثني الرقبة ناحية الكتف يضع إجهاداً غير طبيعي على الرقبة مسبباً آلاماً فيها. وفي بعض الحالات قد تكون آلام الرقبة ناتجة عن التهابات عضلية مزمنة كالتي تحصل في مرضى الفيبروميالجيا (Fibromyalgia). وفي البعض الآخر قد تكون هذه الآلام نتيجة وجود خشونة في الفقرات التي تقع في منطقة الرقبة (Spondylosis). وفي بعض المرضى قد تكون هذه الآلام ناتجة عن انزلاق غضروفي في الفقرات العنقية (Cervical Disc) وفي هذه الحالة قد تمتد الآلام لتشمل الكتف والذراع والساعد وأيضاً الأصابع كما قد يصاحبها خضور وتنميل وقد تكون مبرحة. وبالإضافة إلى كل الأسباب التي ذكرناها سابقاً فإن حوادث المرور قد تكون سبباً في ظهور آلام الرقبة المفاجئة والشديدة وخصوصاً عندما يتعرض سائق المركبة إلى ارتطام مركبة أخرى به من الخلف مما يؤدي إلى شد عضلي معروف يسبب المرض المعروف ب Whip lash Injury)). وفي حالات نادرة قد تكون آلام الرقبة ناتجة عن التهابات جرثومية في الفقرات العنقية أو في الغضاريف العنقية نتيجة إصابة ببكتيريا مثل بكتيريا السل أو غيره. أيضاً هناك فئة من المرضى تكون لديهم أورام سرطانية أو غير سرطانية تؤثر على الفقرات العنقية وتؤدي إلى آلام مبرحة في هذه المنطقة. ولكن والحمدالله فإن هذه الأسباب الأخيرة نادرة. الأعراض والتشخيص بالنسبة للأعراض فإنها تعتمد على السبب الكامن وراء ظهور آلام الرقبة. ففي الغالبية العظمى التي تعاني من الآم الرقبة الحميدة الناتجة عن الإجهاد المزمن تتلخص الأعراض في آلام في أسفل الرأس من الناحية الخلفية تمتد للرقبة وإلى أعلى الكتفين وتزداد مع الإجهاد وبذل المجهود والجلوس لفترات طويلة وتقل خلال الإجازات والعطلات الاسبوعية. كما أن هذه الآلام قد يصاحبها نوع من أنواع الصداع الذي يصيب المنطقة الخلفية من الرأس. ومن المعروف أنه في هذه الفئة من المرضى فإن الآلام تزداد حدتها مع التعرض لضغوط نفسية أو جسدية أو مع تقلبات المناخ مثل دخول فصل الشتاء وفي النساء تزداد حدتها مع دخول الدورة الشهرية. أما في المرضى الذين يعانون من ضيق في القناة الشوكية وضغط على النخاع الشوكي أو الذين يعانون من انزلاق غضروفي في الفقرات العنقية فإن الآلام تتركز في منطقة الرقبة ثم تمتد إلى احدى الذراعين أو كلاهما حسب الأعصاب التي تتعرض للضغط. هذه الآلام قد تكون مبرحة وقد تشابه سيخاً من النار في يد المريض وذراعه وقد تمنعه من القيام بأبسط الأعمال اليومية. وفي بعض الحالات قد يكون هناك خدران وتنميل في الأصابع. وفي الحالات المتقدمة قد يكون هناك ضعف في العضلات وتأثر في وظيفة الساقين أيضاً. وفي فئة المرضى الذين تكون آلامهم ناتجة عن التهابات جرثومية أو عن أورام فإن هذه الفئة تعاني من آلام حتى في أوقات الراحة أو في الليل أو أثناء النوم وحتى مع انعدام الحركة في العنق وهي خاصية مميزة لهذه الفئة من المرضى وتستدعي الاهتمام والتدقيق من قبل الطبيب. فعندما يشتكي المريض من ألم عندما يكون مستلقياً ومسترخياً على الفراش فإنه يجب أخذ هذا بجدية تامة. وإذا ما كانت هذه الآلام تصاحبها شعور بالرجفة أو ارتفاع في درجة الحرارة للجسم ككل أو فقدان للشهية أو نقص في الوزن فإنها كلها مؤشرات على خطورة الوضع. أما بالنسبة للتشخيص فإنه عادة ما يبدأ بالفحص السريري الذي قد يبين وجود تمدد في حركة الفقرات العنقية ووجود شد وتقلص في العضلات المحيطة بالرقبة والكتفين وقد يبين وجود نواقص عصبية في اليدين أو القدمين مثل تغير المنعكسات العصبية أو فقدان الإحساس في بعض الأصابع. بعد ذلك يأتي دور الأشعة السينية التي قد تبين وجود شد في عضلات العنق أو وجود خشونة في الرقبة. أما الطريقة الأفضل والأحدث لتشخيص مشاكل الفقرات العنقية فهي أشعة الرنين المغناطيسي (MRI) التي تبين بدقة ووضوح وجود أي تغيرات رثوية أو أي انزلاقات غضروفية أو أي آثار لالتهابات أو أورام في الفقرات العنقية. وقد يلجأ الطبيب إلى طلب بعض الفحوصات المخبرية كتحاليل الدم وغير ذلك. ويجب التنبيه هنا إلى ضرورة الدقة عند تشخيص هذه الحالات فكثير من المرضى قد يكون لديهم مشاكل في الكتفين مما يؤثر على الرقبة أو قد تكون لديهم مشاكل في الرقبة مما قد يؤثر على الكتفين. ولذلك فإنه من الضروري فحص مفصل الكتف عند فحص هذه الفئة من المرضى.