يظن الكثير من الأهل أن المدرسة هي المكان الوحيد الذي يتعلّم فيه الطفل، ويشكون أن العطلة الصيفية الطويلة تؤثر في تطور مهارات الطفل التعلّمية. فيما يؤكد إختصاصيو علم نفس الطفل والتربية أن العطلة الصيفية تساهم في شكل كبير في تطور قدرات الطفل الذهنية والتعلّمية ولكن في إطار مختلف وضمن نشاطات ترفيهية متنوّعة. ويرى الاختصاصيون أن أجواء العطلة الصيفية وما يرافقها من نشاطات فضلاً عن حضور الأهل شبه الدائم مع الأبناء تساهم بشكل كبير في تعزيز قدرات الطفل الفكرية والنفسية على حد سواء، وذلك للأسباب الآتية. الأهل حاضرون للاستماع تعتبر العطلة الصيفية امتيازًا خاصًا للطفل إذ أن الوقت لا يحتسب خلالها، وتحرره من الالتزام بالمواقيت التي يتقيد بها خلال العام المدرسي حين يكون لكل عمل يقوم به وقت محدد، مثلاً النوم والاستيقاظ في ساعة محددة، والدرس ضمن فترة محددة، والنشاطات الترفيهية لها وقتها. واحتساب الوقت خلال العام الدراسي يجعل فترة الجلوس مع الوالدين قصيرة نسبيًا، وبالتالي لا يكون لديهما الوقت الكافي للاستماع إلى كل ما يواجهه الطفل من مشكلات. فيما يكون حضورهما أكبر خلال العطلة الصيفية، فيتاح لهما الوقت الكافي للاستماع إلى طفلهما والإجابة عن أسئلته، واكتشاف رغباته ومراقبته عن كثب وهو يكبر، مما يساعد الطفل في بناء ثقته بنفسه بشكل قوي، خصوصًا إذا كان الوالدان صاحبي عقلية منفتحة ويتميزّان بالهدوء فيقدمان له نموذج تماهٍ إيجابيًا عن العلاقة الأسرية. لذا ينصح الاختصاصيون الأهل بالاستفادة من العطلة الصيفية والقيام مع طفلهم بنشاطات كانوا يتمنونها عندما كانوا في سنه، مثلاً ركوب الدراجة الهوائية والذهاب إلى الشاطئ وبناء قصر من الرمال، كما يمكنهم التحدث إليه عن ذكريات طفولتهم، مما يجعل الطفل يتعلّم من خبراتهم ويستند إليها في تطوير قدراته والانطلاق في الحياة. السفر يثير الفضول ويعلّم تحمل المسؤولية تسمح العطلة الصيفية للطفل بالخروج من الإطار التقليدي. فعندما يقرر الأهل السفر لتمضية العطلة الصيفية خارج البلاد، فإن الطفل يتعرّف إلى مدن جديدة ولغة و أفكار وتقاليد مختلفة عن لغة وعادات بلده الأم وتقاليده. ولما كان اكتشاف بلاد جديدة يحصل ضمن محيط العائلة الآمن فإنه يعلّم الطفل ألاّ يخاف من العالم الخارجي والآخرين. وهذه الأمور الجديدة تثير فضول الطفل وتجعله متعطشًا لإغناء معارفه. وينصح الاختصاصيون الوالدين إذا قررا تمضية العطلة الصيفية خارج بالآتي : توزيع المسؤولية بين الوالدين إذا كان عندهما أكثر من ولدين بحيث يتمكن كل واحد منهما من الاهتمام بقسم منهم. ولا يجوز الاستعانة بأحد الأبناء إذا كان لا يزال مراهقاً، فهذا يشعره بالإحباط فهو يريد الاستمتاع بالسفر مثل أخوته. تعليم الأبناء إرشادات الأمان خصوصاً في السباحة. فمن المعلوم أن الرحلات السياحية تتضمن نشاطات ترفيهية كالسباحة وغيرها من الرياضات المائية التي تسبب حوادث خطيرة قد تؤدي إلى الموت. ومن الضروري أيضاً التأكد من وجود راشد يراقب الأبناء أثناء قيامهم بهذه النشاطات الترفيهية. الذهاب إلى موقع ترفيهي حيث يمكن الوالدين مراقبة أبنائهم خلال وجودهم، والتأكد من أنه مجهز بكل وسائل الأمان. كما يمكنهما تبادل أرقام الهاتف مع المسؤولين عن النشاطات الترفيهية حتى يبقيا على اتصال في حال حصول طارئ. تعليم الأبناء كيفية الاتصال بمركز الطوارئ وطريقة التحدث إلى المسؤولين فيه. والتأكد أنهم يعرفون جيداً الأسماء والعناوين وأرقام الهاتف، للاستعانة بها في حال حدوث مشكلة. عدم وضع اسم الطفل على ملابسه أو دراجته أو أي شيء يخصه. فقد يستغل خاطف الأطفال هذا الأمر وينادي الطفل باسمه فيظن أنه يعرفه ويثق به. التأكد أن غرفة الفندق مجهّزة بوسائل الأمان، وأن أقفال الأبواب متينة بحيث لا يستطيع أحد الدخول إلى الغرفة أثناء غياب الوالدين. الاحتفاظ بالمعلومات الحديثة المتعلّقة بالأبناء. كالاحتفاظ بصور جديدة لهم خصوصاً إذا كانوا في سن صغيرة جداً، وبصمات الأصابع والقدمين ومعلومات طبية وشهادة الولادة أو صورة لعلامة خلقية. وكما يمكن التقاط صور خلال الرحلة لأنه سوف يحتاج إليها الوالدان في حال ضياع أحد الأبناء. أن يترك الوالدان دوماً معلومات عن كل تحركاتهما في مكتب استقبال الفندق، متى سيذهبان وإلى أين، وفي أي ساعة سيعودان. التأكد أن المربية التي ترافق العائلة تعرف كل إرشادات الأمان التي يتبعانها، وكيفية طلب المساعدة، وأرقام الهاتف للاتصال بالوالدين في حال حدوث طارئ. التأكد أن حقيبة الإسعافات الأوّلية تتضمن أدوات جديدة وجيّدة. وأخيراً من الضروري أن يكون الوالدان وأطفالهما مستعدين لتمضية إجازة سعيدة في شكل جيد، ولكن لا يجدر أن يشعروا بالخوف. فبقدر ما يزودونهم المعلومات والإرشادات الصحيحة سوف يتمتّعون بإجازة سعيدة هانئة. لذا على الوالدين أخذ وقتهما في التحضير والطلب من الأبناء مساعدتهما في وضع برنامج رحلة يضمن الحصول على المغامرة والأمان معاً. الحرية تمنح الطفل جناحي الانطلاق نحو العالم الخارجي يميل الأهل خلال العطلة الصيفية إلى غض النظر عن عدم التزام الطفل بالقوانين المنزلية والممنوعات، فيتمتع الطفل بحرية أكبر. ففي إمكان المراهق مثلا التقاء أصدقائه ساعة يشاء والخروج معهم... وبذلك يختبر أن الالتزام بالقوانين المنزلية خلال العام الدراسي تليه فترة استرخاء واستمتاع بوقت الفراغ، وأن التناوب بينهما يؤدي إلى توازن نفسي، لأنه يعرف قيمة الفترتين وأهميتهما. وينصح الاختصاصيون الأهل بأن يسمحوا لأبنائهم بتمضية قسم من العطلة الصيفية في المخيم مع أصدقائه أو في الجبل، لجعل الطفل يبدأ تعلًم تحمل مسؤولية نفسه. وعلى الأهل في الوقت نفسه الاستفادة من ذلك ليختبروا رد فعل طفلهم تجاه المشكلة التي يواجهها ومراقبة سلوكه في حلّها. العطلة الصيفية فرصة لمشاركة المشاعر وتعزيز التقارب بين الأهل والأبناء يرى الاختصاصيون أن العطلة الصيفية تضع كل المشاعر في حالة تأهب. فتمضية أسبوع في الجبل أو على الشاطئ تجعل الطفل يقدّر جمال الطبيعة وتتنبه حواسه إلى كل ما هو جميل. فضلاً عن الأهل يميلون في العطلة الصيفية إلى أن يكونوا أكثر مرحًا مع أبنائهم مما يسمح للأبناء بالتعرّف إلى الوجه الآخر لأهلهم الذي كان خلال العام الدراسي مسبوغًا بالجدية، فيكتشفوا مثلاً أن والدهم الذي كان يلزمهم بتطبيق القانون إلى درجة القسوة أحيانًا، في داخله الكثير من المرح والطفولة، مما يبرهن لهم أن في داخل كل راشد طفلاً.