لا فرق بين تنشئة المرأة الإرهابية أو الرجل الإرهابي. فاعتناق الأفكار المتطرفة ثم الانخراط في تنظيمات الإرهاب، مراحل متدرجة تحدث تحت الشمس ولا تتم فجأة ولا صدفة؛ وهنالك علامات استفهام كبرى على المحيط الاجتماعي القريب من كل عنصر متطرف وإرهابي. جاء ذلك في تصريح لعضو مجلس الشورى اللواء الدكتور محمد بن فيصل أبوساق، مضيفا أن المحيط الأسري والبيئة الاجتماعية التي تسهم في تسهيل التنشئة التي تفرز الإرهاب لا تختلف في تأثيراتها السلبية ونتائجها بين ذكر أو أنثى. وتابع:" قد تختلف حالة الشخص (رجلاً أو امرأة) بحجم ومدى التأثير الذي يحيط به ويقع فريسة له. وتتفاوت التأثيرات على الناس بحسب الفروق الفردية من صفات شخصية وقدرات، وكذلك مدى تحصين الشخص وارتفاع درجة إدراكه ووعيه بما يحيط به من مؤثرات تربوية سلبية. فالإنسان لا يتحلى بالصفات ويتشبع بالقناعات وتتكون فلسفته ورؤيته إلا في محيط وبيئة تغذيه تراكميا". وأضاف: "قد ينخرط الرجال في شبكات الإرهاب لأسباب أكثر تعقيدًا من النساء، نظراً لما يتوفر لهم من اتصال وتواصل أكثر تنوعاً وأبعد جغرافية. وتظل البيئة الاجتماعية المحيطة بالشخص بدئاً من الأسرة هي المسؤولة أولا وآخر عن إدراك طبيعة التغيرات. ولا أجد عذر لأحد من المقربين بعدم معرفة حجم التغير على شخص بعينه لأن الناس لا يعيشون في جزر معزولة بل يتعايشون في محيط اجتماعي مترابط ويعرف بعضه بعضا". وأكد عضو مجلس الشورى على انه بالرغم من خصوصية المرأة في المجتمع كتقديرها وتكريمها من ناحية وإمكانية تخفيها وستر شخصيتها من ناحية أخرى، والتي تعد من مقومات التمويه وسوء الاستغلال لمن أراد الشر، مبيناً أن الأسرة والأقارب عموما يستطيعون رصد إشارات التغير التي تطرأ على المرأة التي تنتمي للمتطرفين بسهولة. وقال ابو ساق :" لا أجد مبررا في مثل وضع المرأة في بلادنا أن تتحول المرأة وتعتنق فكر الإرهاب المرتبط بالقتل والمطاردة والعدوانية والتشرد وغيرها من دون أن تكون هناك إشارات ودلالات تبرز في تصرفاتها وسلوكها وثقافتها الفكرية، وحتى لو كانت المرأة تعيش في عزلة تامة وليس لها مجتمع يتواصل معها، فمن غير الممكن إخفاء تحولاتها الفكرية إلاّ إذا كان محيطها ساذجا وغير قادر على التمييز". ولفت إلى ان حملات الإرهاب ساهمت خلال أكثر من عشر سنوات من رفع وعي الناس وتراكم خبراتهم نحو كثير من حيل عناصر التطرف والإرهاب، وأصبح معروفا أن مجموعات الإرهاب تعمل على استغفال واستغلال النساء للاستفادة منهن في مجالات متعددة كما تستفيد من الرجال. وذكر ابو ساق أن خصوصية المرأة وقدرتها على التخفي وغموض شخصيتها يجعل هذه ميزة تسعى عناصر الإرهاب للاستفادة منها حين يتم تضييق الخناق عليهم، مشيراً إلى أن المرأة حينما تنخرط في العمليات السرية وتضحي بنفسها في هذا الشأن الخطير فإنها تعد إضافة نوعية مؤقتة لصالح الإرهابيين الذين سرعان ما يضحون بها لانتهاء صلاحيتها العملياتية. وأبان أن المرأة العاملة في مجال الإرهاب والعمليات السرية ليست إلا خادم ووسيط مهان سرعان ما يقوم التنظيم بالتخلص منه لسرعة انتهاء صلاحيته، مؤكداً أنه لا ينخرط في خدمة الإرهاب إلا امرأة ساذجة لا تدرك أنها مجرد سلعة ومحطة مؤقتة بحسب طبيعة أعمال الإرهاب السرية. وأوضح أن المرأة يمكن أن تكون كوسيط مؤقت في خلايا الإرهاب، وأن تساهم في الدفع بخدمات معينة يحتاج إليها الإرهابيون، حيث يشكل غموض شخصية المرأة فرصة لتهريب المال وإيصال بعض الرسائل ولكن تلك من نوع العمليات قصيرة المدى، مبينا أنه لا يمكن لمجموعات إرهاب سرية ومتخفية أن تديم علاقتها بالمرأة المتعاونة حتى وان نجحت في أكثر من عملية لأن التنظيم السري يعرف أن إمكانية تخفي المرأة وإدامة مشاركتها شان خطير ومكلف ومستحيل وهم يعلمون إنها سوف تسقط عاجلا وبالتالي يتم التخلص منها بعد تحقيق عمليات وسيطة. وشدد ابو ساق على ان المجتمع له دور مهم وحاسم في رصد بعض التغيرات السلوكية في شخصيات الرجال والنساء مع أن الأسرة حينما تكون واعية لأهمية دورها ومدركة لواقعها سوف تتمكن من كشف التغير بسهولة ويمكن للأسرة أن تكشف حالة المرأة أكثر من الرجل. ويعتقد عضو مجلس الشورى أن كل العقلاء يدركون أن هذه مسؤولية إنسانية وأخلاقية وشأن وطني بالغ الأهمية ولا أجد عذرا لأحد أن يدس رأسه في التراب بعدم علمه بما يدور في فناء بيته أو محيط أسرته، أو مجتمعه الصغير. من جهته اكد عضو مجلس الشورى الدكتور سعد محمد مارق بأنه لا زال الجهد الكبير في محاربة التطرف محصورا في الجوانب الامنية والتي حققت نجاحاتها في هذا الجانب، مبيناً أن الاحتياج إلى خطة "استراتيجة" وطنية تشمل كل جهة لها علاقة بهذا الفكر بدءاً بوزارة الداخلية، والتربية والتعليم، والتعليم العالي، والثقافة والاعلام، ووزارة الخارجية، ووزارة الشؤون الاسلامية. من جانبة يرى الشيخ عامر الرميح مدير مكتب دعوة الجاليات بعنيزة بأن هيلة القصيِّر بقايا من الخلايا ذات الفكر الارهابي الذي تم كشفه وتجاوزه بالوعي المجتمعي والجهود المكثفه من الاجهزه الامنية والتعليمية والدعوية وغيرها. وأكد الرميح بأن خطورة هذة الحالات الفردية، في تعميمها على الجهات النسائية المرخصة والتي تعمل تحت مظلة معروفة اهدافها وانشطتها وطرق صرف تبرعتها، كما ان القصير فاقت خط الارهاب الى الجريمة المنظمة المتشعبة من غسيل الاموال والتهريب البشري والدعم اللوجستي للتفجير وهذا منافي مبادئ الاسلام، والوحدة الوطنية. وأضاف:" من المهم دعم التوجة الدعوي النسوي ونقله من الفردية الى العمل الجماعي المنظم مع مراقبة ادائهن ومحاسبة المتجاوزات منهن الرسالة الدعوة والارشاد التي يعملن من خلالها فهي وظيفة يمكن تدريب وتقيم القائمات عليها". في حين ذكر الدكتور محمد المطلق عضو مجلس الشورى أن الدعم المادي للارهاب ركن اساسي لاستمراره وزيادة خطره ويتم دعم الارهاب ماديا بطرق منها استخدام النظام المالي الموازي وهو غير قانوني رغم وجوده اذ تستخدمه العمالة الأجنبية غير النظامية او التي تعمل لحسابها وتحول مبالغ كبيرة يتم كشفها في حال تم تحويلها عن طريق البنك وهذا النظام (الرمادي) وجد لدينا بسبب الملايين من العمالة الاجنبية فمثلا اكبر عمالة مخالفة من الجنسية اليمنية حيث تقوم بتحويل ملايين الريالات لأسرها شهريا ويمكن للإرهابيين بسهولة استخدام نفس الطريق ولكي نقضي على الارهاب علينا محاربة جمع التبرعات غير النظامية وعلينا القضاء على نظام التحايل على الشرعية والقانونية ومن اهم الطرق الحد من وجود العماله التي أصبحت تشكل جاليات كبيرة. واضاف المستشار القانوني وعضو الجمعية الوطنية لحقوق الانسان خالد بن عبدالرحمن الفاخري: أنه لا شك ان الدور الذي تلعبه المرأة في التنظيمات الارهابية خطير ومعقد وتكمن خطورته في سرعة انتشارة وقدرت النساء المنتمين لهذه التنظيمات في التاثير على نساء تحكمهن عواطفهن وجهلهن بخطورة ما يقدمون عليه من افعال معاقب عليها قانونا حيث يجهل العديد من النساء المخالفات النظامية التى قد تطالهم نتيجة تبرعهم لجهات مجهولة او دعمهم وتسترهم على افراد مطلوبين حتى وان كانوا قريبين لهم وأما التعقيد في دورها فطبيعة المرأة وخصوصية المجتمع الذي تعيش فيه يصعب معه معرفة توجهها وتتبعها والتحقق من وضعها مما يؤخر اكتشافها. وأعتقد ان الذي ساعد مثل هذه المرأة على جمع التبرعات والتحرك بحرية دون رقيب هو تركيزها على المجتمعات النسائية التى ينقصها الوعي والتثقيف بحجم المخالفات القانونية التى يرتكبونها جراء التبرع للافراد ولجهات مجهولة حيث ان في تكوين النساء يغلب عليهن الثقة والتعاطف دون التفكير الدقيق في نتائج ما يقدمون عليه مما ساعد النساء المنتمين للفئة الضالة لاستغلال هذا لتحقيق مآرب شخصية وأهداف وغايات مبطنة للمساس بوحدة الوطن كما أن طبيعة المرأة السعودية تحب عمل الخير والذي قد يجعلها تنجرف دون وعي ومعرفة لمساعدة هذه الفئة وهذا ما جعل اصحاب الفئة الضالة تتجه للعنصر النسائي مؤخراً، وأرى انه من الضروري تكثيف البرامج التوعوية والتثقيفية والتوجيهية في المجتمعات والتجمعات النسائية وتبيان طرق التبرعات والجهات المخولة بها والمعتمدة من الدولة كما انه يجب تسليط الضوء على المخالفات النظامية والعقوبات التى قد تطال من يقدم تبرعات لجهات مجهوله وغير معتمدة وتفنيد المسائل الفقية التى يثيرها حاملي الفكر الضال لكشف زيفهم وكذب ادعائهم. ولأن المرأة تتأثر وتأثر بسهولة في الأخرين فقد بينت احصائية صادرة عن احد مراكز الابحاث ان 40 % من مواقع اصحاب الفكر المتطرف كانت تديرها نساء وكان لهم الدور البارز في التأثير على من حولهم ودفعهم للانضمام الى جماعات الفكر الضال مع تقديم الدعم المعنوي او التقني لهذه التنظيمات، كما يجب على الجهات التنفيذية وضع الاليات المناسبة للتحقق من هوية المرأة في التنقلات وعلى الطرق البرية وفي المراكز العامة ومتابعة النشاطات النسائية المتخفية بكل حزم.