آخر تحديث للمقالة بتاريخ : 11 يناير 2016 الساعة : 5:08 صباحًا هل فسدت القبيلة؟!! ولأن الدية الحدث الذي أعاد الأسئلة الكثيرة حول القبيلة بين اتهامها بالتخلف من طرف والدفاع عن قدسيتها من الطرف الآخر.. هل حقا القبيلة رجعية؟ الإجابة تتطلب أن نُعرّف القبيلة أولاً، كآلية تنظيم للمجتمع معتمده على القرابة أو الدم.. لتحقيق غايات اجتماعية، من هنا لزم أن يخلق المسؤولين عن القبيلة مجموعة القوانين لتعطي شرعية اجتماعية والتزام بين الأفراد تقودهم لتحقيق تلك الغايات، إلى هنا أعتقد أن هذه الآلية تقدمية. . إذا مالذي أفسد القبيلة؟ – الصراع من أجل السلطة والمال وووالخ – البعد عن أخلاق القبيلة الحقيقية. – التكاسل والتخاذل من منهم منوطين بقيادة الرأي(الشيوخ). كل المذكور وغيره ليست أسباب حقيقة في فشل القبيلة في مواجهة الحاضر، وقيادة المجتمع لتحقيق غاياته العليا. بل برأيي الفشل مركب، ونتحمل جميعنا مسئوليته. … أولا: فشل بالقابلية للتطور والتكيف مع الزمن. في الماضي كان دور القبيلة مواجهة جميع نواحي الحياة، سواء كانت اجتماعية أو سياسية حربية، ونجاح تفاعل القبيلة على الأغلب في قيادة تلك المرحلة لا يعني عدم النظر وتعريف أهداف القبيلة بشكل يلائم الزمن الذي نعيشة فالظروف متبدلة مما يلزمنا إدراكها وتحديث القبيلة بما يلائم الوقت الذي نعيشه. . لابد وأن يعاد تطوير القبيلة، كيف؟! أي كيان فاقد للوضوح في أهدافه، الأرجح أن يفسد ذلك الكيان حتى لو أن أصحابه خيرّي الأهداف والقيم، لذا أن المسؤول الأول عن الفساد هو الضبابية لدى الأتباع والسكون دون أي محاولة جادة للفعل وخلق دور اجتماعي ناجع للقبيلة في مجتمعنا النجراني اليوم. الشريحة الأكبر من تكوين أي قبيلة هم الشباب، لذا قيادة التغيير لابد وأن تقاد من تلك الفئة. التغيير المأمول فيه ليس تغيير في تكوين القبيلة بل توظيفها لخدمة أفرادها. ولنطرح الغرم كمثال، الغرم فكرة نبيلة جدا أساسها التعاون وعمادها التراحم، نشأت في وقت الأغلبية إن لم نقل كل القبيلة تملك مستوى متقارب من الدخل، اختلف الوضع الآن فداخل كل تكوين قبلي يوجد اختلاف كبير بين مستوى الدخل للعوائل، ما يستوجب أن نعيد تنظيم الغرم مع الحفاظ على أهدافه العليا (التعاون، التراحم، المشاركة) وأحد الحلول هنا، أن ينظم مجموعة من الشباب داخل كل قبيلة الغرم بإلزام الأفراد المشاركة بحسب مستوى الدخل. . النتيجة : نجني من هكذا محاولات، أن نحقق الغاية من العرف القبلي بالحفاظ على ركنه الأهم التعاون والتراحم بين المجتمع، وأن ندمج الشباب في العناية بالشأن الاجتماعي وهنا تكون الفرصة أكبر في نضج ثمار تربية صالحة نافعة لذواتها ومجتمعها. . ثانيا: فهم الناس للقبيلة، كتنظيم اجتماعي. لابد وان يكون هناك إرادة حقيقية فاعلة في إعادة تعريف الدور الاجتماعي للقبيلة، من خلال الحث على القيم العليا من تعاون وتراحم ومودة بين الأفراد في خطاب القبيلة من خلال مناسباتها، ودور حقيقي عن طريق المساهمة في إنشاء صناديق دعم للعوائل والشباب. . ليس عند هذا الحد نقف بل نتجاوزه بتطبيق واقعي مقارب للمفهوم المدني، بأن نخلق مساحة حرة لشباب القبيلة بلعب دور الفاعل والمؤثر في محيطه الاجتماعي بالتوعية لأخوتهم من الأخطاء والأخطار التي يعيشها مجتمعنا اليوم (كالتهور بالقيادة)وغيره. هنا نضمن أن القبيلة لم تفسد بعد، بل إنها آلية تقدمية في تنظيم المجتمع بشرط أن تكون أهدافها واضحة للأفراد وأن يمنح التنظيم لأفراده مساحة للتأثير والتأثر الإيجابيان.. وتحول الفرد من دور المنتمي فقط إلى دور أعمق وأكبر من المشاركة والتفاعل وتحقيق الإرادة. . ختاما: الاستنكار الاجتماعي على موضوع الديات هو مؤشر جيد بأن الأغلبية (الشباب) مدرك عواقبه على المجتمع، والاكتفاء بالاستنكار ليس هو الحل، بل المواجهة وبرأيي أن الأفضل أن ننظر لعمق المشكلة (القبيلة) بتحويلها لآلية فاعلة لا هادمة كما هي عليه الآن!