تحظى المملكة العربية السعودية بقيادة سياسية ديناميكية أخاذة بمفهوم الإدارة ومستجداتها تراعي من خلالها تطورات العالم في هذا المجال وتتماهى معها في آن واحد ابتغاء الوصول نحو أفضل المخرجات التنموية على المستويين الاقتصادي والمجتمعي مع احتفاظها بالأصالة والهوية الوطنية في الوقت ذاته. ويمكن مشاهدة ذلك في رؤية المملكة لعام 2030م والتي تضم تحت سقفها عدة برامج فرعية مبتكرة وخطط تنموية خلاقة كبرنامج تحقيق التوازن المالي وتطوير القطاع المالي والصناعي وريادة الشركات الوطنية وصندوق الاستثمارات العامة والمشاريع المندرجة تحته (نيوم والقدية والبحر الأحمر). وتهدف الرؤية في مجملها إلى تعزيز القيم الإسلامية والهوية الوطنية وتمكين حياة عامرة وصحية وتنموية للإنسان والسعي نحو ازدهاره متمثلًا في زيادة معدلات التوظيف وخلق فرص للاستثمار والعمل على خلق قيم مضافة كالابتكار والإبداع ومنح فرص العمل للشباب «وفق أقصى إمكانياتهم» وتعزيز فاعلية الحكومة وتمكين المسؤولية الاجتماعية اضافة الى تنويع مصادر الدخل للاقتصاد السعودي وتحفيزه لرفع نسبة الصادرات غير النفطية من 16% إلى 50% على الأقل من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي مما يزيد المناعة في مقاومة ما يسمى ب(Dutch disease) . كل ما سبق من أهداف وبرامج للرؤية من شأنه أن يُكون بيئة حاضنة للابتكار الذي يقوم مفهومه على ادخال فكرة أو منتج أو عملية في حيز التنفيذ ويكون ذلك عن طريق مساهمة تبني الأفكار الإبداعية في عملية الانتاج التنموي بما يلائم قيم المنظومة والمجتمع ككل. فتعزيز مفهوم الابتكار يتجلى في تنفيذ ومتابعة أهداف وبرامج لرؤية التي من خلالها يتم التعرف على القوانين والأنظمة والعوائق أو المشاكل التي قد تطرأ بما يتطلب إحداث بعض التغييرات المبتكرة، فإصدار القوانين وسنّها في كل المجالات هو أمر مهم، والأهم من ذلك هو متابعة تنفيذ تلك القوانين بما يضمن نجاح وانسيابية تحقيق أهداف الرؤية وبالتالي تعزيز دور المملكة في قيادة مفهوم الابتكار على أرض الواقع. تراجع ترتيب المملكة في مؤشر الابتكار العالمي من المرتبة ال(38) عام 2015م إلى المرتبة (55) عام 2017م من بين (127) دولة، حسب موقع مؤشر الابتكار العالمي، إنما دلالة على تراجع دور الابتكار الذي يجب أن يكون المحرك الأساسي، وأحد أهم وسائل التطور والتنمية المستدامة بما في ذلك تحقيق أهداف رؤية 2030م. ونتيجة لهذا القصور، فإن ذلك يتطلب إيجاد قطاعات تعنى بالبرامج التدريبة والتعليمية في مجال الابتكار على مستوى المملكة والتركيز على دعم المشروعات المتعلقة بالابتكار وتشجيع البحث العلمي ودعم الشركات الوطنية لتنمية منتجات وخدمات يتم فيها توظيف وتبنى التقنيات المبتكرة والذكاء الاصطناعي بما يضمن تحسين جودة العملية التنموية وبالتالي ازدهار الحياة المعيشية للفرد والمجتمع واللحاق بالركب التقدمي وبما يلائم مكانة المملكة سياسيًا واقتصاديًا وإحداث ما يسمى بالنقلة النوعية (Paradigm shift) في مفهوم الابتكار.