ليس بمستغرب أن يستمر المجرمون في تنفيذ مخطط الغدر والخيانة، فقد جندهم الظلاميون لذلك وركنوا إلى نعيم الدنيا وما حصدوه من ملذات نتيجة فكرهم الإجرامي الذي لا يحوي إلا الكراهية للإنسانية، وكما اعتدوا على المصلين في شرق الوطن لن يكون الجنوب بعيدا، فلهم في كل مكان وكر وجلود ثعالب تكسيهم حتى يصلوا الهدف دون أن يشك أحدا في أمرهم، ونجران كان هدفهم هذه المرة، وصلوا إليه قطاع طريق، يسرقون السكينة من خطى المؤمنين الذين سارعوا مجيبين نداء الحق في بيت من بيوته، التي هي منى كل نفس أن تغفوا فيها شهيدة. ولنجران مع لصوص الإيمان حكاية، فقبل قرون كانوا شهداء الإخدود يواجهون الطاغية بالإيمان والصمود، واليوم أحفادهم في مشهد الإرهاب نفسه، وإن حاول القتلة التلبس برداء الإسلام كذبا وخديعة، فالدين أبدا ليس لأرباب الدم.. هو منهم براء، ومن أولئك الذين ينفثون سم الكراهية في عقولهم محرضيهم على خيانة الوطن وقتل أبنائه، وإن كانوا ينعمون اليوم بغنائم إجرامهم في الأرض؛ فغدا سينقلب السحر على الساحر وسيكون عقاب الدنيا قبل الآخرة. وإن كانت هذه الشرذمة قد حاولت أن تغرز سكينها في صدر نجران في هذا الوقت الذي يقف فيه درعا قويا تدك تحت أسواره جحافل المعتدي؛ فلأنها تجهل المكان وأهله، هم أهل أمانة ووفاء وإقدام، الأرض هي العرض والشرف الذين يفنون دونهما، وقد ظلوا كذلك طول العهود الماضية، ولم يسجل التاريخ أن نجران خضعت لمعتد، ومن دخلها عنوة خرج دون هاجس عودة. لكن إرهاب هؤلاء سيعود ما دمنا مع كل اعتداء ينفذونه لا نقول إلا تباَ فقط، دون أن نفتش عن أسباب ظهور تلك الجرذان المحرضة ليلا ونهارا، ثم نخرجها من جحورها ونقتص منها للوطن أولا وهي تغدر به وتمهد للأعداء الطريق للدخول متخذة من عفن الطائفية سبيلا إلى ذلك، ثم للأبرياء ثانيا للاقتصاص منها على تلك الجرائم الشنيعة التي ارتكبتها في حقهم دون ذنب إلا أنهم لا يشاركونها الفكر الإجرامي نفسه الذي لا يراعي حرمة مسجد أو مصحف شريف أو نفس لا تحمل جرما.