قيمة كل إنسان ما يحسنه، وقيمة كل أمة ما تنتجه، وفي الأمم المتقدمة – أي المنتجة – يكون لكل شيء قيمة.. حتى التراب! نعم، هذا ما أقصده حرفيًا: ترابهم غير ترابنا! للتوضيح وقبل أن تذهبوا بعيداً، فكما تعلمون فإن للرمال استخدامات لا تحصى ومن ضمنها إنتاج السيلكون المستخدم في صناعة المعالجات في كافة الأجهزة الإلكترونية من الجوال إلى الحاسوب إلى القمر الصناعي؛ بمعنى أن حبات الرمال عندهم تدير العالم، وحبات الرمال عندنا تطؤها الأقدام!
هذه المفارقة أذكرها لنقيس عليها أشياء كثيرة في واقعنا تَقَزَّم دورها إلى حد غير معقول ومنذر بالفشل! وليست موجوداتنا فقط هي التي تقزم دورها بل الجانب البشري ككل رجالاً ونساءً، ولكني سأخص النساء بحديثي هنا لأن البلاء في شأنهن أكبر.
ليس حديثي هنا لبيان أهمية دور المرأة في بيتها فكما يقال: وليس يصح في الأذهان شيء ** إذا احتاج النهار إلى دليل
ولكن ما ينبغي التنبيه إليه هو دورها الإنتاجي ودورها في بناء قوة أمتها على كافة الصعد والمجالات؛ وإذا كانت المرأة شريكة الرجل في الغرب (الدول التي أذاقتنا الويل لأنها تقدمت علينا ماديا) إذا كانت المرأة شريكته سواء بسواء في الإنتاجية فقولوا لي بربكم بكم تساهم نساؤنا في بناء قوة أمتنا؟!
إن القوة الاقتصادية اليوم رادع قبل القوة العسكرية، والمرأة المنتجة هي مجاهدة؛ في ظل عالم يديره المال وتحركه الثروة. لا يمكن أن نعطل نصف أمتنا عن العمل فنمشي بنصف أعرج! فإنه مع الضوابط الشرعية والتزام المرأة بالحشمة والوقار يمكنها أن تقدم الكثير، كما قدمت الكثيرات من بنات أمتنا وتفوقن على نظيراتهن من أمم شتى، وهن نماذج مشرفة ولكن الأمر يحتاج إلى تعميم، وإلى سياسة تقصد إلى توظيف المرأة ومشاركتها، لا من باب التفضل عليها بل إدراكاً لأهمية دورها وأن بقاءنا يقتضي تضافر جهودنا جميعاً.
إن طرحي لهذا الأمر ربما يكون جافاً وصلباً ولكنه ما تمليه علينا الحياة بواقعها الجاف والصلب، ولأنها لا تعرف المشاعر وتمشي بمنطقها الحسابي فإننا عطلنا نصف أمتنا وتعطل النصف الآخر وأصبحنا لا نرقى حتى لأنصاف الأمم، فما زالت أمم أخرى تسرح وتمرح في منطقتنا العربية، فلم أكن مبالغًا حين قلت لم نرقَ لأن نكون أنصاف أمم!
هذا، وإن الجانب الإبداعي لا يقل أهمية عن جانب العمل والإنتاجية، فكأنما أصبح الإبداع الفني والأدبي حكراً على الرجل! فكم نجد من فنانة مبدعة في الرسم أو التصوير أو الكتابة أو غيرها من أنواع الفنون والإبداع؛ لم تُتَح لهن الفرصة وتم الحجر على إبداعهن فقط لأنهن نساء! فأنا أعجب ممن لا يدرك أن الناس سينظرون إلى ما أبدعته مكتوباً أو مرسوماً ولن ينظروا إليها هي. فلنفسح المجال لكلٍّ أن يعمل، ولكلٍّ أن يبدع؛ فإن مبدعًا واحداً أو مبدعة واحدة قد تزرع الأمل في جيل كامل.
آخر الكلام:
"المرأة بإمكانها القيام بجميع الاعمال التي يقوم بها الرجل مهما كانت وفي بيئة مستقلة تُناسب العادات والتقاليد التي قيدت دورهن بالمجتمع فقط نتيح لهن الفرصة ونقدم لهن الدعم".