أبو عبدالله ذلك الكهل الوقور الذي نشأ على التدين المعتدل المتسامح يفجع بانضمام ابنه لتنظيم داعش فيقرر استعادته من مخالب التنظيم، لكنه يجد نفسه فريسة له.. هذه باختصار الفكرة الرئيسة للحلقتين الثانية والثالثة من البرنامج الكوميدي "سلفي".. كاركتر أبو عبدالله وبساطته في لباسه وتصرفاته النابعة من فطرة سليمة ومن قلب مرهف جعلته يستنكر تصرفات التنظيم الوحشية فلم يستطع نحر إنسان بريء أو قتل امرأة احتضنت طفليها وأبت نفسه أن يمزق هويته الوطنية أو أن يخوِّن كبار العلماء.. إن التشدد والغلو في الدين لا يأتي فجأة ولا يتحول المرء من فطرته الإنسانية إلى حالة الكراهية لكل ما هو إنساني بين يوم وليلة.. فما الذي دفع "أبا عكرمة" ابن أبو عبدالله ليتبرع من تلقاء نفسه لينحر أباه في لقطة درامية مذهلة يتذكر خلالها أبو عبدالله تلك اللحظات الجميلة التي كان يلاعب فيها ابنه فيما تتغلب مشاعر الكراهية في نفس ابنه على كل الذكريات.. ما الذي دفعه سوى خطابات التشدد والكراهية والتكفير.. نفس الأمر ينطبق على الشخصية الطريفة المتناقضة أبو سكروب (أبو الحارث) صاحب سوابق هرب من قضية خطف في بلاده فقرر الخلاص من ماضيه بإظهار تدين شكلي فقط ليلتحق فيما بعد للتنظيم لكنه لم يستطع أن يخفي سوءته وانحرافه الأخلاقي.. ولا ننسى ذلك المسكين الذي انضم لداعش معتقداً أنه سينصر الدين لكنه يكتشف أنهم مجرد وحوش تقتل وتغتصب باسم الدين لذا يحاول الخلاص من أيديهم بأي طريقة.. من هنا نصل لنتيجة واحدة أن أبناءنا مخدعون بعبارات زينت لهم الباطل وصورت لهم أن الجنة لا طريق لها إلا بسفك الدماء والتبرؤ من الوطن ومعاداة القيادة والتساهل في دماء أولي القربى والرحم.. صوروا لهم أن التدين يبدأ بالتغيير الخارجي دون تغيير داخلي متزن.. للتطرف لغة نسمعها يومياً وليست غريبة فقط نحتاج للصدق والعزم في محاصرتها ونبذها ونحن قادرون على ذلك بفتح النوافذ لاستنشاق هواء جديد.. نحن بحاجة للغة تسوغ الخطاب الديني ليعود كما عهدناه خطاباً متسامحاً يجمع ولا يفرق.. وهذا نهج قيادتنا الحكيمة في حرصهم الدائم على الوسطية ونبذ التشدد.. ختامًا أقول شكراً لمؤلف الحلقتين الكاتب السعودي المبدع خلف الحربي وشكراً لناصر القصبي الذي جعل الفن رسالة لنشر التسامح والمحبة..