في وقت كان التيار المتدين هو التيار الأوحد في المجتمع ، وكان يمارس كل رغباته ، ويحكم بأنظمته وآرائه ، ويملك كامل الحرية في تقرير مصير المجتمع وتحديد أولوياته ، وكان صاحب الأثر العميق في غرس مبادئه في قلوب أفراد المجتمع والتأثير في تحديد توجهاتهم تلك الهيمنة المطلقة ساهمت كثيراً في تطرف العديد من محبي هذا التيار ، حين غاب عن الساحة أي تيار آخر ، بل غابت فكرة أن لغيرنا حرية التفكير فيما يريد أن يعتنق أو يتبع أحادية الرأي تلك توجهت بأفراد تيار الدين إلى أقصى درجات تطرفه في محاربة التيارات الأخرى من " خارج المجتمع " ومهاجمتها وصنع العداء مع تيارات لا وجود لها أساسا ، وهو ما عرف فيما بعد ب " نظرية المؤامرة " ، كان رجال الدين يهاجمون الغرب على المنابر ثم يخبرون المجتمع بأن الغرب لا هم له إلا محاربتنا ومحاربة فضيلتنا بطريقة أو بأخرى ، ظهرت التيارات المختلفة والتوجهات المغايرة ، وحملت معها الكثير من الأفكار الحداثية ، ومعها أيضاً حملت " نظرية المؤامرة " ولكن بشكل حداثي ، والاختلاف هنا أن العداء أصبح بين طرفين من داخل المجتمع في توجه لعدد كبير من التيار المتحرر تراه يهاجم التيارات الأخرى ويحارب وجودها ، ويصيح في أتباعه بأن هؤلاء هم العدو وهم من يجب أن نقضي عليهم قبل أن يقضو على تيارنا وأتباعه المؤلم أن الصراع بين متطرفي التيارات المختلفة هو ما يسود في مجتمعنا وهو ما يخفي هوية التيارات الحقيقية في أوجهها المتسامحة والمتعايشة بحب وسلام تلك السيادة للمتطرفين من كل تيار ترمي بظلالها على أفراد المجتمع وطوائفه تزيد من حدة الصراع بين تلك التيارات وتقود المجتمع إلى حالة من التخبط الفكري الجمعي للمجتمع ، وهو ما سيعود بنا خطوات إلى الوراء في الوقت الذي يفترض به القفز بنا سريعاً إلى الأمام بقلم . ناصر ضحوي آل الحارث كاتب صحيفة نجران نيوز الالكترونية