الصراع بين الغرب والشرق رغم تشابك الدوافع الاقتصادية والقانونية والأخلاقية والأمنية هو صراع ديني يمكن أن يتوقف بالعودة إلى المصادر الدينية والحوار حولها وحتماً سنلتقي • بعد أحداث 11 سبتمبر قامت في أمريكا حملة إعلامية مركزة عنوانها (لماذا حدث هذا)؟؟ المنصفون وهم قلة جداً القوا باللائمة على أمريكا وقالوا بأن سياستها غير المتوازنة في العالم هي التي أفرزت حالة من العداء الكبير لامريكا وطالبوا بعقلانية أكثر للبحث في اجابات (لماذا يكرهوننا؟؟) مثيرين قضية عضة الكلاب (باعتبار أن الولاياتالمتحدةالأمريكية هي من ربى تلك الأنظمة والجماعات وسمنها لتعدو أول ما تعدو على رب الحظيرة!!. بل وعملت كل المؤسسات الإعلامية الأمريكية المدفوعة بقوة من حزب اليمين المتطرف ومن المنظمات الصهيونية على فرض رؤية واحدة في ذهنية الشعب الامريكي تقوم على مفهوم (الارهاب والاسلام)!. وفي اطار حملة أخرى قامت تحت شعار (ما يجب القيام به) وهذه هي القضية الاخطر في الموضوع برز صوت قوي في وسائل الإعلام الامريكي يقول: (نعلم من هم المهووسون بالقتل؟ هم الذين يبتهجون ويحتفلون في هذه اللحظة بالذات، يجب اجتياح دولهم وقتل قادتهم وحملهم على اعتناق المسيحية). ومن نفس السياق فإن إعلان الرئيس بوش (حرباً صليبية) لم يكن خطأ في الترجمة كما جرى تبريره بعد ذلك وإنما هو (هوية) التوجه الديني داخل الإدارة الأمريكية لمحاربة الإسلام. ومنذ ذلك التاريخ نشطت المنظمات اليهودية بالذات لإكساء مفهوم الإرهاب على الإسلام وجعله فعلاً محورياً للمسلمين حتى غير المتطرفين منهم!!. • والحقيقة أن علاقة الغرب بالإسلام لم ولن تكون ذات يوم في حالة توافق أو تصالح بل كان العداء حتى ما قبل أحداث 11 سبتمبر وجاءت الأحداث كفعلة مصطنعة لتكريس هذه المفاهيم المغلوطة ولتهبط بالعلاقات بين الشرق والغرب إلى أدنى مستوياتها!!. والمؤسف أن هذه الحملات الاعلامية الموجهة والمركزة من قبل الاعلام الامريكي خاصة والغربي بعمومه كانت تواجه منا بمحاولات خجولة تهدف إلى الحصول على براءة الدم من قميص يوسف أكثر من ابراز حقيقة الاسلام ونزاهته من كل ما يحاولون وصمه به!!. • وتأتي زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى الفاتيكان ودعوته إلى حوار الأديان في ظل إدراك حقيقي بجوهر الصراع ولحقيقة المرحلة العدائية التي نواجهها!!. نحن لا ننغلق دون أحد ولا نستعدي أي أحد.. نتوسط ونتسامح ونقبل ونتعايش مع الأديان والحضارات والشعوب.. هكذا يثبت عنا ولنا التاريخ لكن هذا (الآخر) يقف منا دائماً موقف العداء ثم يقدمنا بتفسيرات مختلفة كمتهمين ومذنبين وجلادين!!. ولتقرير هذا دعونا نطرح ثلاثة أسئلة مهمة: من يحاول إقصاء الآخر.. مناهجنا أم مناهجهم؟ من يحاول تشويه الآخر.. إعلامنا أو أعلامهم؟ من يخيف الآخر... نحن أم هم؟ • في المناهج الأوروبية والأمريكية يعتبرون المسلمين قتلة وأن الدين الإسلامي يدعو إلى قتل الآخر. ويصنفون العرب بأنهم بدو وهمجيون وأهل ثراء وجنس وفوضى وأنهم لا يؤمنون بالديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة!. بينما في مناهجنا نقر باليهودية وبالمسيحية كأديان سماوية وندعو إلى التكامل بين الحضارات والى التعايش السلمي بين الشعوب!!. فمن يقصي الآخر في مناهجه؟ والأكثر من هذا أنهم يمارسون علينا ضغوطهم لتغيير مناهجنا في الوقت الذي لا ينوون حتى مجرد نوايا عن أي تغيير في مناهجهم رغم كل هذه المغالطات فيها!!. • في إعلامهم يصفوننا بالإرهابيين والأصوليين المتطرفين ويعرضون نماذج لملثمين على أننا قتلة ويمارسون كل أدوار التمويه وتشويه الحقائق، فإن تقاوم محتلاً فأنت إرهابي ولكن أن تحاصر شعباً باكمله وتسقط دولة وتقيم مجازر وتذبح الأطفال والنساء والعجزة فانت لست أكثر من صاحب حق مشروع. • ومن يتجرأ في وسطهم الإعلامي على أن يقول جزءاً من حقيقة يلاقي الفصل والتعسف!! هذا يحدث في اعلامهم بينما إعلامنا لازال يصفهم برعاة السلام وينشد العدالة والحق داخل مجتمعاتهم!!. فمن يشوه الآخر ؟؟ الإعلام المعادي المغالط أم إعلامنا الوديع المسالم؟؟!!. • أما في قضية الخوف فعبر التاريخ هم الذين هاجمونا واستعمرونا وافنوا شعوبنا ثم هم يعودون من جديد فيحتلون ويدمرون ويحاصرون ويقتلون ويشردون ويناظروننا من فوق دباباتهم بينما نحن مطحونون وضحايا، ننشد السلام ونبحث عنه في كل الزوايا والمخابئ فمن يخيف الآخر نحن أم هم؟ ومن هو أحق بالخوف والأمن؟ نحن أم هم؟؟!! لا أجد تشبيهاً لهذا أكثر من جزار غاشم يدعي الارتياع وهو ينحر ضحيته (الحمل الوديع) ويصيح متوجساً وسكينته لم تزل تقطر دماً بين اصابعه!!. • إن علاقة الغرب بحقيقة الإسلام علاقة يشوبها الجهل به والصلف عليه وسيبقى الغرب غرباً والشرق شرقاً وما بينهما حواجز تحكمها النوايا والتوجهات وسيبقى الصراع ما بقيت تناقضات النوايا!!. • ولعل من حسن طالعنا أو هي عظمة هذا الدين ان يزداد انتشاراً بعد احداث 11 سبتمبر ليس بجهدنا ولكنه بعظمة منه وكأنه تلك الشجرة المثمرة كلما نقذفها بالحجارة تزداد ثماراً!!. • ان الصراع بين الغرب والشرق رغم تشابك الدوافع الاقتصادية والقانونية والاخلاقية والامنية هو في حقيقته صراع ديني واذا أردنا لهذا الصراع أن يتوقف فإن علينا أن نعود إلى المصادر الدينية فنتحاور حولها وحتماً سنلتقي عندها وكذلك كانت دعوة خادم الحرمين الشريفين إلى حوار الأديان هو المسلك الخلاق لحل كافة جوانب الصراع بين المعسكرين!!. فهل يعي الغرب ذلك؟ وهل سيقبلون مثلنا بحوار الاديان؟ وان قبلوه هل سيؤمنون به؟ ارجو ذلك وان كنت لا اتوقعه لأن روح العداء الديني متأصلة في نفوسهم وسيظل هذا هو السبب الحقيقي لكل هجمة أو خلاف حتى وإن خلقوا له تفسيرات أخرى!!. خاتمة: (في الإطار التقليدي الغربي درج الأوروبيون على وصف المسلمين وبشكل ثابت بالاخرين اللاعقلانيين، المتعصبين، المهووسين جنسياً والاستبداديين). جوكينشلو ******************************* *مدير تحرير سابق بصحيفة "الندوة" ، وكاتب بصحيفة "المدينة" حالياً