(رويترز) - تعتزم الدول العربية قطع العلاقات التجارية مع حكومة الرئيس السوري بشار الاسد وتجميد اصولها ردا على العنف المستمر في البلاد حيث قال ناشطون ان 42 مدنيا وجنديا قتلوا يوم السبت. وأعدت مسودة العقوبات التي ستؤدي الى تفاقم حجم الازمة الاقتصادية السورية وعزلة دمشق الاقليمية خلال اجتماع للجنة اقتصادية في القاهرة يوم السبت وتحتاج لموافقة وزراء خارجية الدول الاعضاء في اجتماعهم يوم الاحد لتدخل حيز التنفيذ. وطبقا للمسودة التي اطلعت عليها رويترز السبت فإن العقوبات ستتضمن حظرا على سفر كبار المسؤولين السوريين ووقف رحلات الطيران الى سوريا. كما تضمنت المسودة وقف التعاملات مع البنك المركزي السوري لكن سيتم استثناء السلع الاساسية التي يحتاجها الشعب السوري من قائمة العقوبات. واتخذ الاجراء بعد امتناع دمشق عن السماح باستقبال مراقبين في اطار مبادرة موسعة للجامعة العربية تهدف لانهاء الحملة الدموية التي يقودها الاسد لانهاء ثمانية اشهر من احتجاجات قالت الاممالمتحدة ان نحو 3500 شخص قتلوا خلالها. ورغم تعهد سوريا في وقت سابق الشهر الحالي بسحب الجيش من المناطق المدنية والسماح لدخول مراقبين فقد تواصل العنف مما دفع الجامعة العربية لاتخاذ خطوات انتقامية وأثار انتقادات من جانب تركيا واقتراحات من جانب فرنسا لتدخل انساني. وابلغ عن مقتل المئات من الناس بينهم مدنيون وجنود وجنود منشقون في سوريا خلال نوفمبر تشرين الثاني الذي يرجح انه اكثر الشهور دموية منذ اندلاع الانتفاضة في مارس اذار التي استلهمت انتفاضات اخرى اطاحت بزعماء تونس ومصر وليبيا. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ان 27 مدنيا قتلوا في سوريا يوم السبت اغلبهم برصاص قوات الامن في مدن حمص والقصير. وأضاف ان منشقين عن الجيش قتلوا 12 جنديا في ادلب بشمال البلاد خلال مهاجمتهم قافلة كانت متوجهة لبلدة معرة النعمان موضحة ان جثامين ثلاثة جنود اثنان منهم من المنشقين قد اعيدت لزويهم. وتقول دمشق ان قوى اقليمية ساهمت في تأجيج العنف الذي تلقي باللائمة فيه على جماعات مسلحة تستهدف المدنيين وقواتها الامنية. وتمنع سوريا اغلب وسائل الاعلام المستقلة من العمل داخل البلاد مما يجعل من الصعب التحقق من روايات النشطاء والمسؤولين. ولم يتضح على الفور كيف سينفذ عمليا اي حظر عربي على سوريا. وقال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري ان بلاده لن تشارك في مشاورات الجامعة العربية وقال ان دولا اخرى من جيران سوريا لها تحفظات بشأن العقوبات. وأوضح الوزير قائلا "بالتاكيد نحن ابدينا تحفظات على هذه الفكرة خاصة ان العراق دولة مجاورة لسوريا وهناك مصالح. لدينا مئات الالاف من العراقيين يعيشون في سوريا وهناك مصالح تجارية وتبادل زيارات. لذلك كان عندنا تحفظ حول هذه المسالة وان هذه المسالة تبقى سيادية وفق سيادة ومصالح كل دولة." ومضى يقول " لبنان كان عندهم نفس الفكرة والاردن بلد اخر مجاور لديه بعض الاعتراض حول هذه الموضوع." وكان لبنان واحد من بين بلدين فقط صوتا برفض تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية في وقت سابق من نوفمبر تشرين الثاني. وقال وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور ان بلاده لن تفرض عقوبات على سوريا بينما قال رئيس الوزراء نجيب ميقاتي ان لبنان ستنفذ قرارات الجامعة العربية لان من مصلحة بلاده الالتزام بالاجماع العربي. ويترنح الاقتصاد السوري بالفعل بعد اشهر من الاضطرابات ومما ساعد على تفاقم الامر عقوبات امريكية واوروبية على صادرات النفط والعديد من المشروعات الحكومية. وتحولت الان تركيا جارتها الشمالية القوية وحليفتها السابقة ضد الاسد. وقال نائب رئيس الوزراء التركي علي بابا جان الذي دعي لحضور اجتماع يوم السبت "من المهم للمجتمع الدولي ان يتحرك لحل هذه المشكلة وان ينقل رسالة قوية الى الحكومة السورية. وجاء في مسودة القرار ان الدول العربية ستجمد تمويل مشروعات في الاراضي السورية وان البنوك المركزية العربية ستراقب التحويلات المصرفية وخطابات الاعتماد للتأكد من الالتزام بالعقوبات. ولن يتم عرقلة التحويلات التي يرسلها السوريون العاملون في الخارج. وقال ان العقوبات يجب الا تؤثر على الحياة اليومية للشعب السوري أو تهدد احتياجاتهم الاساسية مثل الحصول على المياه. وجاء التصعيد عقب اقتراح فرنسي بتوفير "ممرات انسانية" يمكن من خلالها نقل اغذية وادوية لتخفيف معاناة المدنيين. وقد تربط الخطة الفرنسية مراكز مدنية سورية بالحدود التركية واللبنانية وساحل البحر المتوسط او مطار وتوفير وصول الامدادات الانسانية او الادوية الى المحتاجين اليها. ولكن فاليري اموس منسقة الاممالمتحدة للشؤون الانسانية قالت ان اقامة ممرات انسانية الى داخل سوريا او في مناطق عازلة على الحدود يعد امرا سابقا لاوانه. واضافت "الاحتياجات الانسانية المعروفة في سوريا في الوقت الحالي لا تستلزم تنفيذ اي من هذه الاليات." وقالت ان ثلاثة ملايين شخص تأثروا بالانتفاضة الشعبية في سوريا ضد حكم الرئيس بشار الاسد وان الصليب الاحمر طلب مساعدات لاطعام 1.5 مليون شخص. لكن الاممالمتحدة قالت انها ليست قادرة على تقييم هذه الاحتياجات بشكل شامل لان العديد من موظفيها الدوليين غادروا البلاد عقب اندلاع الانتفاضة. وبجانب الاحتجاجات التي تخرج في اغلبها سلمية فان مسلحين هاجموا بشكل متزايد اهدافا عسكرية في الاسابيع الاخيرة. ويقول مسؤولون ان 1100 فرد من قوات الامن قتلوا منذ اندلاع الانتفاضة. وقالت وكالة الانباء السورية (سانا) انه تم تشييع جثامين 22 عسكريا بينهم ستة طيارين قتلوا في هجوم على قاعدة للقوات الجوية بين حمص وبالميرا قبل يومين قال الجيش انه من تنفيذ "مجموعة ارهابية مسلحة". وأضاف "هذا الاستهداف المباشر لنخبة من نسورنا البواسل المدربين تدريبا نوعيا على قيادة الطائرات الحربية الحديثة ... هو تصعيد ارهابى خطير يكشف عن الوجه الحقيقى للمخطط الذى يستهدف بنية قواتنا المسلحة بمختلف انواعها وصنوفها ويؤكد تورط جهات اجنبية فى دعم هذه العمليات الارهابية بهدف اضعاف القدرات القتالية النوعية لقواتنا المسلحة الباسلة." وتتفق الرواية مع ما تقوله الحكومة من انها تواجه تمردا مسلحا من قبل مسلحين بدعم من اعدائها وليست حركة سلمية مؤيدة للديمقراطية تستلهم ثورات الربيع العربي التي أطاحت بحكام تونس ومصر وليبيا هذا العام وربما تجبر الرئيس اليمني على الرحيل. وعرض التلفزيون الرسمي ايضا صورا لالاف الاشخاص الذين تظاهروا في وسط دمشق "تعبيرا عن رفضهم لقرار جامعة الدول العربية تجاه سوريا".