حذر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري كوريا الشمالية يوم الجمعة من أنها سترتكب “خطأ فادحا” إذا اختبرت إطلاق صاروخ متوسط المدى وقال إن الولاياتالمتحدة لن تقبل أبدا بكوريا الشمالية كقوة نووية. وقال للصحفيين بعد اجتماع مع رئيسة كوريا الجنوبية وقادة القوات الأمريكية في كوريا الجنوبية البالغ قوامها 28 ألف جندي إن الأمر الآن بيد الصين الحليفة الكبرى الوحيدة لكوريا الشمالية كي تتخذ موقفا أكثر صرامة في الضغط على بيونجيانج كي تتخلى عن طموحها النووي. وقلل كيري كغيره من المسؤولين الأمريكيين من شأن تقييم أجرته وكالة المخابرات التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) أفاد بأن كوريا الشمالية تملك بالفعل قدرة صاروخية نووية. وفي واشنطن قال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني يوم الجمعة للصحفيين “لم تظهر كوريا الشمالية القدرة على نشر صاروخ نووي.” وقال كيري إن الولاياتالمتحدة ترغب في استئناف المحادثات حول تعهدات كوريا الشمالية السابقة بوقف برنامجها النووي. لكنه أكد أن الولاياتالمتحدة ستدافع عن حلفائها في المنطقة إذا اقتضت الضرورة وقال إنه ينبغي لكيم جونج اون زعيم كوريا الشمالية “أن يدرك -وهو ما اعتقد انه يفعله على الأرجح- ماذا ستكون نتيجة الصراع.” وقالت كوريا الشمالية إنها لن تتخلى عن أسلحتها النووية التي وصفتها يوم الجمعة بأنها الضامن “الثمين” لأمنها. وتزامنت زيارة كيري لسول مع الاستعدادات لاحتفال كوريا الشمالية يوم الاثنين بذكرى ميلاد مؤسسها كيم إيل سونج وهي ذريعة محتملة لاستعراض القوة وتتركز التكهنات على تجربة محتملة لاطلاق صاروخ جديد. ومن المقرر أن يزور كيري الصين يوم السبت واليابان يوم الأحد. وقال إنه إذا اختار زعيم كوريا الشمالية أن يمضي قدما في تجربة الصاروخ فإنه “سيختار عن عمد تجاهل المجتمع الدولي بأسره.” ومضى قائلا “أقول قبل فوات الأوان إنه سيرتكب خطأ فادحا إذا اختار فعل ذلك لأنه سيزيد من عزلة بلاده وعزلة شعبه الذي من الواضح أنه في حاجة ماسة للغذاء لا لإطلاق الصواريخ.” وأصدرت كوريا الشمالية تهديدات على مدى أسابيع بشن حرب وشيكة بعد أن فرضت الأممالمتحدة عقوبات عليها ردا على إجرائها ثالث تجربة نووية في فبراير شباط. وقال كيري إن تهديدات كوريا الشمالية “غير مقبولة بالمرة” بأي معيار. وتابع قوله “نحن متحدون جميعا على أن كوريا الشمالية لن تكون مقبولة كقوة نووية.” وقال كيري فيما بعد لمسؤولي شركات أمريكيين في سول إن الصين كدولة مؤيدة لنزع السلاح النووي في وضع يتيح لها الضغط لتغيير سياسة كوريا الشمالية. ولم تظهر كوريا الشمالية رغبة تذكر في إجراء مزيد من المحادثات. وقالت صحيفة رودونج سينمون الناطقة بلسان حزب العمال الحاكم في كوريا الشمالية ان بيونجيانج لن تتخلى أبدا عن برنامجها النووي. وأضافت أن كوريا الشمالية “ستتمسك بالسيف الثمين المتمثل في الاسلحة النووية.” ونقل تلفزيون كوريا الشمالية لقطات مصورة من نشرات إخبارية أذيعت في دول أخرى تصور المسار الذي قد يتخذه الصاروخ الذي تعتزم تجربة إطلاقه. كما عرض لقطات للاستعدادات للاحتفال بذكرى ميلاد كيم إيل سونج. وتزايدت التكهنات بإجراء تجربة وشيكة لإطلاق صاروخ متوسط المدى بعد تقارير في كوريا الجنوبية والولاياتالمتحدة بأن كوريا الشمالية نقلت ما يصل إلى خمسة صواريخ متوسطة المدى إلى مواقع على ساحلها الشرقي. وقال مسؤولون من الولاياتالمتحدة وكوريا الجنوبية إن كوريا الشمالية تستعد لاختبار إطلاق صاروخ من طراز موسودان الذي يبلغ مداه 3500 كيلومتر أو أكثر وهو ما يضع اليابان في نطاق ضرباته وقد يهدد جزيرة جوام التي تستضيف قواعد أمريكية. وأثارت المناورات العسكرية السنوية التي تجريها الولاياتالمتحدة وكوريا الجنوبية غضب كوريا الشمالية التي وصفتها بأنها عمل “عدواني.” وأرسلت الولاياتالمتحدة قاذفات بي 52 وبي 2 من قواعدها للمشاركة. وقبل ساعات من وصول كيري إلى كوريا الجنوبية نقل النائب الأمريكي دوج لامبرن عن تقرير لوكالة مخابرات وزارة الدفاع الأمريكية قوله إن هناك “قدرا معقولا من الثقة” في أن كوريا الشمالية طورت قنبلة نووية يمكن تحميلها على صاروخ متعدد المراحل. وهون كيري من شأن التقرير قائلا “إن من غير الدقيق افتراض أن كوريا الشمالية اختبرت بشكل كامل وطورت قدرات” كما جاء في الوثيقة. وقالت مصادر أمريكية إن التقرير جزء من تقييم أولي للغاية لم يصل قط إلى مستوى كبار المسؤولين في الحكومة الأمريكية. وقالت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية يوم الجمعة إنها لا تعتقد أن كوريا الشمالية نجحت في تصنيع رأس حربي لصاروخ. وأشار مسؤول أمريكي في وقت سابق إلى أن أكبر مخاوف واشنطن تتمثل في احتمال حدوث تطورات غير متوقعة تتصل بقلة خبرة زعيم كوريا الشمالية كيم جونج اون البالغ من العمر 30 عاما. ولكن عند سؤاله عما إذا كانت الحرب وشيكة على ما يبدو أجاب “لا على الإطلاق.” وقالت وزارة الخارجية الروسية إن موسكو حثت كوريا الشمالية في اجتماع بين مسؤول روسي وسفير بيونجيانج في موسكو على عدم الإقدام على أي شيء يزيد التوتر في شبه الجزيرة الكورية. وقبل محادثاتها مع كيري تحدثت رئيسة كوريا الجنوبية باك جون هاي خلال اجتماع مع حزب (الجبهة الجديدة) الحاكم الذي تنتمي إليه بنبرة تصالحية وقالت إن على سول أن تستمع على الأقل الى ما تقوله كوريا الشمالية. ونقلت وسائل إعلام محلية عنها قولها “لدينا الكثير من القضايا من بينها منطقة كايسونج الصناعية. وبالتالي ألا يجب أن نلتقي معهم ونسأل .. ما الذي تحاولون فعله؟” وكانت باك تشير الى إغلاق كوريا الشمالية هذا الاسبوع للمنطقة الصناعية التي تديرها الكوريتان بشكل مشترك مما أدى الى خسارة 53 الف وظيفة. وقال كيري إن بلاده لن تعترض على أي محادثات بين الكوريتين. ولم يستبعد أيضا إمكانية تقديم مساعدات أمريكية لكوريا الشمالية لكنه أشار إلى أن ذلك لن يحدث إلا إذا شرعت بيونجيانج بشكل حقيقي في نزع سلاحها النووي. وكان كيري متفائلا على ما يبدو بشأن حل خلاف بين الولاياتالمتحدة وكوريا الجنوبية بشأن اتفاق للتعاون النووي المدني ينتهى أجله العام القادم قائلا إنه يعتقد أن من الممكن التوصل إلى حل وسط بحلول موعد زيارة باك لواشنطن الشهر القادم. ويعتقد أن كوريا الجنوبية تريد الحق في إعادة معالجة وقودها النووي المستنفد مما يتيح لها التعامل مع مخزون متزايد من النفايات النووية. ويمكن أن يسمح لها ذلك أيضا بإنتاج مواد انشطارية يمكن استخدامها لإنتاج أسلحة وهي خطوة ترفضها واشنطن لأسباب من بينها المواجهتين النوويتين مع إيران وكوريا الشمالية.