يستخدم الإيرانيون برامجيات خاصة لاختراق الرقابة الحكومية في محاولة لتصفح الانترنت والاطلاع على الاخبار العالمية والتحليلات التي تمس الوضع في بلادهم. كما يعرض الإيرانيون على الإنترنت أجزاء من حياتهم التي اعتادوا أن يخفوها عن رجال الدين الحاكمين وعن الآخرين. وتعرض مواقع التواصل الاجتماعي الإيرانية صورا لأحزاب سرية غير قانونية وفتيات من دون أغطية للرأس وأزواج يرقصون فرحاً. ويأتي التحدي الشعبي لسلطة "ملالي" طهران الدينية بعد مطالبة رجال الدين بشيوع "أنترنت حلال" حسب تعبيرهم. وفرضت السلطات الايرانية ما يسمى الإنترنت الوطني، الذى يفصل الإنترنت الإيراني عن بقية العالم. وتبدو المبادرة الايرانية جزءً من جهد أوسع لمواجهة ما يعتبره النظام الآن تهديدا رئيسيا، إذ أنه ينظر للإنترنت على أنه غزو فكري وثقافي غربي من الولاياتالمتحدةلإيران، وهو الصراع الذى وصفه المرشد الأعلى آية الله خامنئي ومسؤولين كبار آخرين ب "الحرب الناعمة". وأعلن مسئول إيراني كبير مؤخراً عن وجود خطط لإنشاء قيادة انترنت للقوات المسلحة في البلاد لمواجهة ما تسمى ب"الحرب الناعمة" التي يشنها الغرب حسب ما تدعي ايران. وأنشأت إيران 10000 مدونة لدعم إيديولوجية النظام الدينية، وكذلك "مركز مراقبة الجريمة الالكترونية" الذي يقوم بمراقبة الناشطين على الانترنت وتتسلل إلى الشبكات الاجتماعية للتجسس على المعارضين وحجب ملفاتهم الشخصية. ووصف علي أغا محمدي وزير الشؤون الاقتصادية الانترنت الوطني ب"الشبكة الحلال" التى تهدف إلى خدمة المسلمين وفق فتاوى الملالي في قم وطهران. ومع اندلاع الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية فى أنحاء الشرق الأوسط، قال رضا باقرى أصل مدير معهد البحوث التابع لوزارة الإتصالات السلكية واللاسلكية الايرانية "أن 60 في المائة من المنازل والشركات فى إيران ستعمل على شبكة الاتصالات الداخلية مع العام المقبل بحيث تمتد لتشمل البلاد فى غضون سنتين". وتعتبر السلطات الايرانية المشروع سبيلاً لإنهاء التنافس للسيطرة على الإنترنت. وتعد إيران من الدول التى تفرض رقابة صارمة على الإنترنت. وكان القضاء الإيراني قد رفض مؤخراً التماساً تقدم به كاتب مدونات مشهور يدعى حسين درخشان المعروف باسم "والد المدونين" للطعن في الحكم الذي صدر عليه بالحبس لمدة 19 عاماً بتهمة "مساعدة الدول الأعداء ونشر الدعاية المناهضة للتعاليم الإسلامية". وبهذا الحكم بالحبس بحق كاتب مدونات إيراني تكون طهران قد نقلت رسالة واضحة مفادها أنها مصممة على مواصلة التحكم بشبكة الانترنت ومراقبتها لأنها تنظر إلى هذه الشبكة كميدان رئيسي لنشاط "أعداء" إيران داخل وخارج البلاد. وتحتجز إيران خلف القضبان أصغر كاتب مدونات في العالم يدعى نويد محبي الذي أودع السجن في شهر أيلول/ سبتمبر 2010 عندما كان عمره 18 عاماً. وحكمت محكمة إيرانية في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2010، بالإعدام على مديرين اثنين لمواقع انترنت بتهمة "إثارة الرأي العام ضد النظام" و "الإساءة لقدسية الإسلام". وقامت السلطات الإيرانية بتخفيض سرعة الانترنت بشكل متعمد في الأوقات التي شهدت فيها البلاد حالة من عدم الاستقرار. وقال الخبير التكنولوجي كولين أندرسون "تسبب إبطاء الانترنت خلال تظاهرات عام 2009 في تحويل معظم البرمجيات إلى أدوات عديمة الفائدة". ويتم تطبيق الرقابة على شبكة الانترنت من خلال حجب مواقع واخضاع كلمات للتصفية عند البحث عنها في المحركات. وتطبق إيران أشد سياسات التصفية "الفلترة" في العالم، حيث تقوم بحجم الصفحات الإلكترونية التي تتضمن محتوى "مناهضاً للإسلام" كما تقوم في الوقت ذاته بحجب المواقع التي تتعامل مع حقوق المرأة وحقوق الإنسان والإصلاح السياسي. ويستخدم نشطاء إيرانيون مواقع التواصل الاجتماعي كأدوات لتنظيم مظاهرات ضخمة لمناهضة للحكومة. وذكرت فنانة إيرانية يبلغ عمرها 39 عاما وتقضي معظم أيامها في التنقل بين جهازي كومبيوتر محمول و1300 صديق على الإنترنت "أصبحنا ثوارا خاملين، نتجنب الأخطار التي يجلبها التغيير الحقيقي. عالمنا على الإنترنت بات أشبه بحفل متواصل بلا قواعد ويبقينا مشغولين للغاية". وأصرت الفنانة على نشر اسمها الأول فقط "جينوس" في حديثها لمراسل خدمة "واشنطن بوست"، خوفا من انتقام الحكومة. وذكرت أنها شاركت في مظاهرة في شهر فبراير/ شباط الماضي ولكن بمجرد عودتها للمنزل وجدت أن كل أصدقائها كانوا متواجدين على الإنترنت ينشرون الأخبار الخاصة بالمظاهرة وهم ماكثون في منازلهم أمنين. وقالت جينوس "أن التغييرات لا تحدث في الشارع ولكن عن طريق الإنترنت". وأشارت إلى المناقشات الساخنة حول القضايا السياسية والعلاقات الاجتماعية وغيرها من القضايا المجتمعية الحساسة التي تناقش عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وذكرت على سبيل المثال أن أختها اكتشفت أن ثلاثة من أصدقائها على الإنترنت مثليون. والمثلية من المحظورات في إيران. وتساءلت جينوس "كيف كنا سنكتشف هذا في الحياة العادية؟، إن الثقافة الإيرانية تميل كثيرا إلى إخفاء الإسرار ولكنها ليست هكذا على الإنترنت حيث تتكشف الحقائق". وتعلم جيل كامل من الإيرانيين المتصلين بالإنترنت بصورة سريعة كيف يتعاملون مع الحوار والآراء الأخرى وكيف يتوصلون لتسوية كل ذلك من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. وأضافت جينوس "من الممكن ألا ننظم مظاهرات حاليا ولكننا ننتظر تحقيق الخطوات الأولى لديمقراطية إيران من خلال فيسبوك". ويفسر مراسل "واشنطن بوست" الهدوء النسبي في شوارع طهران على أنه نتيجة للقمع الوحشي للحكومة الذي أعقب مظاهرات عام 2009. حيث قتل عشرات المتظاهرين وألقي القبض على المئات منهم كما حكم على العديد منهم بالسجن لمدد طويلة، ومنذ ذلك الحين فضل منتقدو النظام التعبير عن غضبهم بصورة أحادية. ويعترف العديد من الإيرانيين أنهم انجذبوا بصورة متزايدة إلى عوالم افتراضية، التي تشكل متنفسا للتعبير عن الذات بأشكال لا يمكن تخيلها في بلد يلقي القبض على فتى وفتاة يمشيان متشابكي الأيدي في الشارع بتهمة ممارسة علاقة غير مشروعة. وذكرت بهار رضائي شاعرة ومصممة أزياء شعبية على الإنترنت أن "الإيرانيين تحولوا خلال عشر سنوات، من تحطيم التابوهات الاجتماعية إلى تحطيم كل شيء". وترى أن مواقع التواصل الاجتماعي في إيران توضح ما يحدث لمجتمع يمتلك فهما أشمل للعالم ولكنه يعيش في ظل حكومة وضعت قوانين تم استقاؤها من التقاليد. وأضافت رضائي طويلة القامة وذات الشعر الأسود والتي تبلغ من العمر 25 عاما "لقد خصصت الدولة الاحتكار الرسمي للقيم لذا يشعر كل فرد بأنه كالمتمرد عندما يكون لديه مشروبات كحولية أو يستخدم أي نوع للمخدرات أو كانت لديه علاقة قبل الزواج". وعلى الرغم من الإجراءات الصارمة التي اتخذها النظام الإيراني، يبقى الانترنت الأداة الرئيسية لنشر رسائل المعارضة داخل إيران وخارجها. المصدر: ميدل ايست اونلاين