إضافة إلي التداعيات الخطيرة غير المباشرة واشنطن, يوليو (آي بي إس) - لم يعد هناك أدني شك في أن موجات الحرارة تدمر المحاصيل، وربما يكفي التذكير بهلاك إنتاج القمح في روسيا في عام 2010 جراء إرتفاع الحرارة. فلقد تبين لعلماء البيئة والمحاصيل أن كل درجة مئوية أعلي من الدرجة المثلي، من شأنها أن تقلل من محاصيل الحبوب بنسبة 10 في المئة، إضافة إلي التداعيات غير المباشرة الخطيرة على امدادات الغذاء في العالم. وبالفعل فقد تسبب ارتفاع درجات الحرارة في ذوبان الجليد في غرب القطب الجنوبي والصفائح الجليدية في غرينلاند. وتشير الدراسات الحديثة إلى أن مزيجا من ذوبان الصفائح الجليدية والأنهار الجليدية بالإضافة إلى التمدد الحراري للمحيطات بارتفاع درجة الحرارة، يمكن أن يرفع مستوى سطح البحر بما يصل إلى 1,8 مترا خلال هذا القرن. وهناك ما هو أكثر من ذلك، فمن شأن إرتفاع مستوي سطح البحر بمجرد نصف هذا الرقم، أي بنحو 90 سنتيمترا، أن يؤدي إلى انخفاض حاد في محصول الارز في آسيا التي تأوي أكثر من نصف سكان العالم وتنتج 90 في المئة من الأرز في العالم أيضا. كذلك فسوف يتسبب في غرق نصف أراضي الأرز في بنغلادش وجزء من دلتا ميكونغ في فيتنام. علاوة علي هذا، سوف يؤدي إرتفاع مستوي سطح البحر بقدر 90 سنتيمترا إلي فقدان فيتنام مركزها الثاني بعد تايلاند كأكبر مصدر للأرز. ويعني هذا دفع نحو 20 بلدا تستورد الأرز من فيتنام إلي التوجه نحو أسواق أخري. كذلك فسوف ُتغمر مزارع الأرز في العديد من أنهار الدلتا في آسيا، بدرجات متفاوتة. كذلك فيصاحب ذوبان الصفائح الجليدية، ذوبان الأنهار الجليدية الجبلية أيضا. وتتضخم كتل الثلوج والجليد الذائبة يوما بعد يوم في المناطق الجبلية في العالم. ويكمن الخطر في فقدان "خزانات المياه" الشاهقة الإرتفاع التي يعتمد عليها كثير من المزارعين. وأفادت منظمة World Glacier Monitoring Service في عام 2010، للعام التاسع عشر على التوالي، عن انكماش المناطق الجليدية الجبلية وذوبانها في جميع النطاقات الجبلية الرئيسية في العالم، بما في ذلك جبال الأنديز، جبال الروكي، وجبال الألب، والهيمالايا، وهضبة التبت. وفي أمريكا الجنوبية، زال نحو 22 في المئة من مناطق بيرو الجليدية التي تغذي العديد من الأنهار التي تزود المياه للمزارعين والمدن في المناطق الساحلية القاحلة. وذكرت جامعة ولاية أوهايو لوني تومسون جيولوجي في عام 2007 أن جبل كويلكايا الجليدي فى جنوب بيرو، الذي كان قد إنكمش بمعدل 20 قدما سنويا في الستينات، ينحسر حاليا بمعدل 200 قدما سنويا. كذلك الأمر بالنسبة لبوليفيا التي تفقد بسرعة الأنهار الجليدية التي تزود مزارعيها ومدنها بالمياه. فقد تقلصت مساحة الانهار الجليدية بمقدار النصف تقريبا بين عامي 1975 و 2006. أما جبل بوليفيا الجليدي الشهير تشاكالتايا، الذي كان يعتبر أعلي منتجع للإنزلاق علي الجليد في العالم أعلى، فقد اختفى في عام 2009. ويعني فقدان الكتل الجليدية الجبلية بالنسبة ل53 مليون شخصا يعيشون في بيرو وبوليفيا والإكوادور، خطرا حقيقيا علي الأمن الغذائي والاستقرار السياسي. ولا يقتصر هذا الخطر علي المزارعين في هذه المنطقة التي تنتج الكثير من القمح والبطاطا بفضل المياه المتدفقة من هذه الأنهار الجليدية التي إختفت من وجه الأرض، وإنما يضر أيضا بأكثر من نصف إمدادات الكهرباء في المنطقة، تلك التي تأتي من مصادر الطاقة الكهرمائية. ويكفي القول أن شعوب الأنديز تأتي ضمن كبري البلدان المتضررة بذوبان الكتل الجليدية الجبلية. هذا ويسبب ذوبان الأنهار الجليدية في بيرو، تقليص تدفق المياه من الجبال إلى المنطقة الساحلية القاحلة حيث يعيش 60 في المئة من السكان، يتوقع أن يشهدوا انخفاض الموارد المائية خلال موسم الجفاف. هذه المنطقة تشمل ليما التي تأوي ما يقرب من تسعة ملايين نسمة وتعتبر ثاني أكبر مدينة صحراوية في العالم بعد القاهرة. فأشارت دراسة للأمم المتحدة إلي أن ليما تمثل الآن "أزمة وشيكة الوقوع". أما في بلدان آسيا الوسطى -افغانستان وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان- فتعتمد الزراعة اعتمادا كبيرا لأغراض الري، على ذوبان الثلوج من جبال هندو كوش، وبامير، وتيان شان. وتحصل ايران المجاورة على معظم مياهها من ذوبان الثلوج في جبال البرز، الممتدة بين طهران وبحر قزوين والتي يبلغ إرتفاعها 5700 مترا. *تقرير مقتبس من كتاب "العالم على الحافة" من إعداد ليستر ر. براون ، مؤسس ورئيس معهد سياسات الأرض. للإطلاع علي نص كتاب الكامل www.earth- policy.org/books/wote.(آي بي إس / 2011) بقلم مدير معهد سياسة الأرض/وكالة انتر بريس سيرفس