كبشر، كنتُ ولا زلتُ مقصراً كثيراً في قراءة القرآن الكريم، رغم علمي بما جاء في الحديث الشريف أن من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ (الم) حرفٌ ولكنْ (ألفٌ) حرفٌ و(لامٌ) حرفٌ و(ميمٌ) حرفٌ، فما بالكم بالذي يختم كامل القرآن فإنه سيحصل على ثلاثة وثلاثين مليون حسنة تقريباً وفي المقابل ستمحى عنه ثلاثة وثلاثين مليون سيئة، رغم كل هذه الأجور الضخمة إلا أن البعض لا زال مقصراً في القراءة، ولعل أسباب ذلك تعود للإنشغال بهذه الدنيا الفانية وخاصةً بوسائل التواصل الاجتماعي في زمن الفتن الذي انشغلنا فيه بتصفح الجوال واستبدلناه بالمصحف، فبدل من أن نتصفح أو نحفظ صفحة أو صفحات من القرآن أصبحنا نستغرق في تصفح شاشة الجوال ساعات طوال، رغم وجود تطبيقات الكترونية عدة للقرآن في جهاز الجوال، أما عن حال الأبناء مع القرآن فحدث ولا حرج، فقد أصبحنا نسمع من الإبن عبارة "ختمت اللعبة" بدل أن يقول "ختمت القرآن" التي كنا نسمعها كثيراً من الكبار والصغار في أيام زمن الطيبين الجميل، وإني هنا لا أدعو إلى الرهبانية والانقطاع والتبتل للقرآن فحسب، كلا ولكن ما المانع من تخصيص أوقاتاً للعب واللهو البريء وأوقاتاً لتلاوة القرآن، قال تعالى: "وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا". بهذه المناسبة، أنقل لكم أيها الأكارم تجربتي مع جيراني الأفاضل في الحي فقد التزمنا وأنتظمنا وتشجعنا وتنافسنا في قراءة القرآن الكريم ولله الحمد والمنة، ففي مجموعة الواتس آب التي تجمعني مع جيراني، قام مشرف المجموعة الأستاذ سامي بن خليل المالكي -جزاه الله خيراً- بإنشاء مجموعة واتسابية جديدة أسماها المقرأة الرجالية ودعى أفراد المجموعة لمن يرغب الانضمام إليها وفعلاً كنت أحد المنضمين لهذه المجموعة المباركة وكان مشرفها الموقر يرسل إلينا يومياً وفي وقت محدد من اليوم أربع صفحات من القرآن الكريم بالطبع بدأنا تنازلياً من سورة الفاتحة وتليها سورة البقرة وانتهاءاً بسورة الناس، وكان كل عضو عليه أن يقرأ ورده اليومي خلال ال(24) ساعة وبعد الانتهاء يلزمه ارسال ملصق مكتوب فيه "الحمدلله أنهيت قراءة وردي" وعن نفسي كنت أتشجع أن أقرأ مثل الأعضاء الباقين عندما أراهم يرسلون هذا الملصق، وكنا كل ما نختم ختمة نعود من جديد ونختم ختمة أخرى وهكذا حتى بفضل الله ختمنا أربعة ختمات خلال عام واحد، وها نحن الآن في ختمتنا الخامسة ولله الحمد والمنة، بارك الله لنا ولكم وزادنا وزادكم من فضله، ووفقني الله واياكم لتلاوة كتابه آناء الليل وأطراف النهار. إن فكرة المقرأة الواتسابية فكرة جميلة يمكن أن تنتشر على نطاق واسع في المجتمع بين الأسرة والأقارب والأصدقاء والزملاء والجيران، لا سيما أن الآلية ميسرة وسهلة التطبيق ومشجعة، فأنت تستطيع ختم القرآن من جوالك وأنت في بيتك وعلى سريرك وفي أي مكان تتجول فيه أو تنتقل إليه، وإني أعتبر أن من إيجابيات التقنية هذا العمل المبارك. دعونا نتسابق ونبادر إلى هذا العمل قبل أن نغادر بعد عمر طويل، لنكون ممن قال الله فيهم:(والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم) وحتى لا نكون من ضمن القوم الذين سوف يشتكيهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة على ربنا، قال الله تعالى: "وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا". إن قراءة القرآن الكريم اليومية لها فوائد جمة تكمن في النقاط التالية: صفاء الذهن، قوَّة الذاكرة،طمأنينة القلب، الشعور بالفرح والسعادة، الشعور بالشجاعة وقوَّة النفس، قوة في اللغة، تحسين علاقات قارئ القرآن الاجتماعيَّة مع النَّاس، التخلُّص من الأمراض المزمنة، رفع قدرة الإنسان الإدراكيَّة في مجال الفهم والاستيعاب، الفوز بالجنَّة يوم القيامة. وختاماً أقدم إليكم فَضْل قراءة القرآن والأدلّة عليه من السنّة النبويّة: - قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (الْماهِرُ بالقُرْآنِ مع السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ، والذي يَقْرَأُ القُرْآنَ ويَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وهو عليه شاقٌّ، له أجْرانِ). - وقال صلى الله عليه وسلم: (اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ). - وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (يُقالُ لصاحِبِ القرآنِ اقرأ وارتَقِ ورتِّل كما كنتَ ترتِّلُ في الدُّنيا فإنَّ منزلَكَ عندَ آخرِ آيةٍ تقرؤُها). - وقال صلّى الله عليه وسلّم: (إِنَّ للهِ أهلِينَ مِنَ الناسِ قالوا: من هُمْ يا رسولَ اللهِ؟ قال أهلُ القرآنِ هُمْ أهلُ اللهِ وخَاصَّتُهُ). أخصائي أول اجتماعي ماجستير خدمة اجتماعية عبدالرحمن حسن جان