تواصلت اليوم بمدينة جدة ورش عمل المؤتمر العالمي ال40 للطب العسكري حيث استمعت ورشة عمل (رؤية جديدة في الطب العسكري) إلى ورقة عمل بعنوان (الجراحة الروبوتية في مناطق الحروب : ثورة في اﻟﻤﺠال الطبي )، قدمها للدكتور عبد الله الزهراني، استشاري الجهاز الهضمي والسمنة والجراحة، وهي من إعداده بالاشتراك مع الدكتور سعود العماني، والدكتور علي المطيري، فقد أحدثت التطورات التقنية ثورة هائلة في اﻟﻤﺠال الطبي بفضل صناعة الأجهزة الروبوتية وأنظمة التصوير المعقدة حيث ساعدت الجراحة الروبوتية في أن تكون العمليات الجراحية أقل ضررا بكثير عن ذي قبل مع خلوها من الألم نسبيا والحد الأدنى من النزف فضلا عن أن الشفاء – بإذن الله- تتم بشكل أسرع. وأضاف الدكتور الزهراني أن العمليات الجراحية التي تجرى عن بعد من قبل الأجهزة الروبوتية المتعددة والتي يتحكم فيها جراحون يعملون على مسافات تقدر بمئات أو آلاف الكيلومترات واقعا ملموسا في مناطق الحروب ، والمناطق النائية المنكوبة ، والجراحة تحت الماء، وقال بأن هناك دراسة حديثة توصلت إلى أن ثلثي الاصابات القاتلة بميدان المعركة تحدث خلال ثلاثين دقيقة كما أن هناك القليل من الوقت الثمين للقيام بإجراءات بسيطة لإنقاذ حياة المصابين مثل التحكم في النزف، وفي هذا الصدد فإن الجراحة الروبوتية تقدم بديلا عمليا للعمليات الجراحية بالموقع حيث أنها تسمح لأطباء الجيش الذين يعملون على بعد مسافة آمنة من خط المواجهة بغرض إجراء عمليات جراحية بدون وضع أيديهم على المرضى كما أنه بوسع المركبات الطبية المزودة بالأجهزة الروبوتية التي يتم التحكم فيها عن بعد تقديم الرعاية الجراحية للجنود المصابين خلال فترة زمنية أقل من الفترة الزمنية المطلوبة لإخلاء أولئك الجنود إلى أقرب قاعدة أو مستشفى وذلك بفضل سهولة نقل تلك الأجهزة إلى منطقة الحرب. وختم الدكتور الزهراني ورقته بالقول بأن الجراحين أثبتوا بأن العمليات الجراحية الروبوتية سوف تساعد في إنقاذ حياة الجنود في مناطق الحرب مع ضمان أدنى حد ممكن من فقدان الدم وعدد قليل من المضاعفات المصاحبة للعمليات الجراحية. فيما قدم الدكتور/ حسن جابر، استشاري جراحة الأعصاب بالمملكة العربية السعودية ورقة عمل عن (إصابة الدماغ المتعلقة بالانفجارات)، وقال بأنها أصبحت من المواضيع التي أصبحت أكثر شيوعا في الحروب تبعا لزيادة استخدام وسائل التفجير المطورة مثل الألغام، فيما اتسع نطاق وسائل التفجير في الهجمات الإرهابية. وأضاف بأن الإصابات المتعلقة بالانفجارات أصبحت تشكل حوالي تسعين في المئة من كل الإصابات في الحرب نتيجة للأثر الأولي و الثانوي و الثالثي للانفجار، فتسبب الإصابة الأولية المسماة إصابة الضغط موجات انضغاط و تمزق تؤثر بدرجات مختلفة في أجزاء الجسم و أعضائه بينما يتأثر الدماغ بسبب إصابة محاور عصبية منتشرة و بتغيرات تحللية كيميائية و نسيجية مختلفة، وقال الدكتور جابر بأنه ورغم عودة معظم المصابين للخدمة النشطة فإن إصابات التأثير الأولي لا تشخص بدقة و يعانون من آثارها لمدة طويلة الأمد، وزاد جابر بأن الأدوات التشخيصية غير وافية نظرا لتعقيدات تركيبة الدماغ الكيميائية و النسيجية و الوظيفية التي تجعل تحديد طبيعة العلة بالضبط أمرا صعبا. وبين الدكتور جابر بأن المصابين ينعتون بأنهم مصابون وظيفيا وعاطفيا و هذا جزء من الإصابة، أما تقييم الجزء العضوي في الإصابة فناقص وتشكل الإصابات العضوية الحادة من أثر الانفجار الثانوي والثالثي نسبة كبيرة من إصابات الدماغ، وتسبب هذه الإصابات وفيات عالية وإعاقات جدية منوها بأنه ينبغي الانتباه لفهم أفضل لآليات ومدى الإصابة ووسائل حماية الدماغ. وقدم جابر استشاري جراحة الأعصاب حالات ضحايا حرب بإصابة دماغ متعلقة بانفجارات بوسائل تفجير مطورة مضيفا بأن هذه الحالات عانت من إصابات دماغ شديدة من الأثر الثانوي للانفجار تطلب معها إجراء عدة عمليات جراحية لكل منها مشيرا إلى أن هذه الحالات وصلت إلى المستشفى في حالة حرجة متقدمة، وبعد العلاج الجراحي غادر هؤلاء المرضى بمستوى جيد جدا على مقياس التعافي. ومن فرنسا قدم العقيد الدكتور كلافيير بينوي، نائب مدير مركز نقل الدم بالقوات المسلحة الفرنسية ورقة عمل عن (استخدام دماء جديدة ونقل بلازما فرنسية مجففة بالتجميد لضحايا عمليات النقل النزفية: سياسة الخدمة الصحية للجيش الفرنسي والرؤية المدنية)، حيث قال إن النقل في عمليات الخارج ( OPEX ) يتعلق أساسا بجرحى الحرب المصابين بصدمة نزفية، مضيفا بأن الدائرة الصحية العسكرية بالجيش الفرنسي أنشأت إجراءات محددة لنقل الدم في حالة استثنائية، بالتوافق الوطني والأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي وذلك ل ظهور نوع من الآفات الناشئة بسبب الصراعات غير المتوازنة، واستخدام المتفجرات والاستخدام الروتيني للآثار ذاتية الدفع. وقال العقيد الدكتور بينوي بأن الآفات بلغت 80 ٪من الأعضاء، وغالبا ما تنزف بسبب تحللها الشديد. واضاف بأن دور الدائرة الصحية العسكرية لدعم جرحى النزيف يجمع بين المساعدات القتالية وإخلاء المرضى و جلب الجرحى في أقرب وقت ممكن إلى مرفق طبي جراحي حيث تتم عمل عملية انقاذ جراحية، مبينا بأن النقل يتم من أجل الإنقاذ والإنعاش والإخلاء الطبي الاستراتيجي . وأضاف العقيد الدكتور بينوي بأن التجربة أثبتت بأن البلازما اﻟﻤﺠففة بالتجميد التي ينتجها مركز نقل الدم من المضيفين ( CTSA ) والدم الكامل ( ST ) والتي جمعت في الميدان تظهر فعاليتها بشكل منتظم، مبينا بأن جمع ونقل الدم من ST هي تقنيات محددة لنقل الدم تأخذ في الاعتبار نسبة اﻟﻤﺨاطر والمنافع، و للحد من اﻟﻤﺨاطر ومن العدوى يتم إجراء الفحص الطوعي للتبرع. ومن جانبه أكد اللواء الطبيب/ سعود بن عثمان الشلاش رئيس اللجنة العلمية بالمؤتمر العالمي الأربعين للطب العسكري بالدور الفاعل للجنة العلمية للمؤتمر في حجم المشاركة الدولية الواسعة وفي انتقاء وتنوع للمواضيع التي يتطرق إليها، حيث يشارك في هذا المؤتمر أكثر من 100 دولة عربية وأجنبية، من خلال أوراق العمل البحثية وورش العمل وحوارات الطاولات المستديرة المفتوحة، فضلا عن المعرض المصاحب الذي ستشارك به جهات عديدة، وذلك بفندق هيلتون بمدينة جدة بتنظيم من الإدارة العامة للخدمات الطبية للقوات المسلحة، حيث تتواصل فعاليات المؤتمر الذي انطلق السبت حتى الثاني عشر من ديسمبر الجاري. وأضاف الشلاش بأن اللجنة العلمية للمؤتمر حرصت على انتقاء مواضيع المؤتمر التي تتناول أربعة محاور رئيسة هي: دور الطب العسكري في الكوارث، وعمليات الإغاثة وحالات الطوارئ، وعمليات إعادة التأهيل والرعاية الصحية اثناء المعارك، هذا فضلا عن التجهيزات الطبية العسكرية في مرحلة ما قبل الانتشار. كما تناقش مواضيع ورش العمل كذلك الطب المبني على البراهين، وعلاج الجروح في ساحة المعركة والمعالجة المتقدمة للمجرى التنفسي في ساحة المعركة وإدارة الكوارث، منوهاً بمدى الفائدة المتوخاة علمياً من عكس تجارب هذه المشاركة الواسعة من دول العالم. هذا وينتظر من حلقات النقاش بالمؤتمر أن تطرح مواضيع الامدادات والإدارة والصيدلة وطب الأسنان والتمريض والتخصصات الصحية المساندة والتعليم والتدريب والطب البيطري، كما سيجري الاطلاع على التقنيات الميدانية الحديثة في المجالات الطبية والصحية من خلال المعرض المصاحب الذي ستشارك به جهات عدة من المؤسسات والشركات الرائدة ذات العلاقة في هذا المجال تحت عنوان "وقاية ورعاية وإنسانية"، إضافة إلى مشاركة عددٍ من الإدارات المتخصّصة والمعنية بالخدمات الطبية للقوات المسلحة واللجان التنظيمية للمؤتمر. واشار الشلاش بأن حجم هذه المشاركة إنما يعكس ثقة العالم في مستوى الخدمات الطبية للقوات المسلحة بالمملكة وما تضمه من كوادر علمية وبحثية، حيث استطاعت أن تعرف بنفسها في العديد من المؤتمرات والمحافل العلمية الدولية، وتمكنت بفضل الله ثم رعاية ولاة الأمر حفظهم الله من تحقيق سمعة تليق بالمملكة وبقواتها المسلحة، وقطاعها الطبي الخدمي.