التعليم هو المبنى الأعظم ، والهيكل الأكمل ، والمعْلَم الأشمل … قال الشاعر كامل درويش: ما أشرقتْ في الكونِ أيُّ حضارة ❄إلّا وكانتْ من ضِياءِ مُعلِّمِ! الرَّبُّ هو الإله المُعلِّم .. علَّم آدم الأسماء كُلها ، قال تعالى:( وعلَّم آدم الأسماء كلّها…) ، وهو مُعلِّمُ يوسف ، قال تعالى:( ذلِكُما مِمَّا علَّمني…)، وكان رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – آخر من تعلَّم من ربِّه، قال تعالى :( اقرأ باسم ربِّك الذي خلق…). حينما كان الرسول الكريم ، خير البشرية على الإطلاق ، وأوَّلُ مُعلِّم لهم ، فأحسن تعليمهم ، وأجزل تربيتهم ، وأوفى برسالته السماويَّة ، فكان المعلِّم الأوَّل والمُربِّي الفذ ، الذي علَّمنا كيف نأكل ونشرب ، ونقول ونفعل.. قال عليه السلام :( إنَّما بُعِثْتُ مُعلِّماً). ولأنَّ مُعلِّمِ الناس الخير ، كالشمعة التي تحترق ، لِتُضِيء للناس الطريق ، فهو النسّاج الذي ينسج ثوب الطالب ، كي يلبسه ثوباً لِلْعُلى المتعالي. فمهما كانت مهنةُ التعليم شاقَّة ومُمِلَّلة ، إلا أنها مهنة الأنبياء ، ولكن حسبنا في مُعلِّمينا ، أنْ يصنعوا طُرقاً مُشوِّقة له. هذا أميرُ الشعراء أحمد شوقي ، من خلال رسالته الشعريَّة في معناها ، الإنشائيَّة في مبناها ، من خِلال فعله الطلبي عن طريق فعل الأمر ( قُمْ) ، يقول: قُمْ لِلْمُعَلِّمِ وَفِّهِ التبجيلا ….. كادالمُعلِّم أنْ يكون رسُولا . في إشارة واضحة لمكانة هذا المعلِّم ، وما يجب على المتعلمين تجاههِ ، من رفع قدره ، واعتلاء شأنه. لكنَّ إبراهيم طوقان – وكأنِّي به مِمَّن قد دخله الملل ، من شِدَّة ما يُعانيه المعلِّم مع تلاميذه- ردَّ على قصيدة أحمد شوقي بقوله: شوقي يقول. وما درى بِمصيبتي ….. قُم للمُعلِّم وفّهِ التبجيلا أُقْعُدْ فديتُكَ هل يكون مُبجَّلاً ….. من كان للنشءِ الصِّغار خليلا ويكادُ يُقْلقني الأميرُ بقوْلِهِ : كاد….. المُعلِّمُ أنْ يكون رسولا لو جرَّبَ التعليمَ شوقِي ساعةً ….. لقضى الحياةَ شقاوةً وخُمُولا. إنها مهنةُ المتاعب والشَّقاء ، لكن حسبهم الأجر ، وجزيل العطاء. . فمهمَّة المُعلِّم ، أنْ يزرعَ في الصحراء ، لا أنْ يقتلع الحشائش الضارَّة ، وإنَّما يستنبتُها نباتاً طيباً . يقول ويليا آرثر وارد:( المُعلِّم المتواضع يخبرنا ، والجيِّد يشرحُ لنا ، والمُتميِز يُبرهن لنا ، أمّا العظيم ، فهو الذي يُلْهِمُنا). كِتاب المُعلِّم قلبه النابض بالإخلاص والتفاني ، والكتابُ هو المُعلِّم ، يقول جبران خليل جبران:( تقوم الأوطان على كاهِل ثلاثة:( فلّاح يُغذِّيه ، وجُندي يحميه ، ومُعلِّمٌ يُربيه). وللشاعر أحمد رفيق المهدوي، رأيٌ في حق المعلِّم ، إذْ يقول: ما قدروا حقَّ المُعلِّم قدرهُ ….. ومن حقِّهِ ، كالوالدينِ ، يُعظَّمُ ! هكذا هو فضل المُعلِّم عظيم ، يقول وليام برنس:( تقديرُ المُعلِّم هِيَ أغلى جائزة يطمحُ إليها). نعم. المعلِّم لهُ قدر كبير ، ويجب أنْ يكون لهُ مُميّزات وحُضور ، حتّى نرى منه ما يسُرَّ الخاطر ، ويُثلج الصدر. * وقْفَة:* المُعلِّم أبو المِهَن ، إذْ يتخرَّج على يديه كُلَّ المِهَن !!