قالها أحمد شوقي في بيت شعره الشهير ، قم للمعلم وفّه التبجيلا .. كاد المعلم أن يكون رسولا ، مع خطأ منتقدي القيام للمعلم في "بيت شوقي" وأن القيام لا ينبغي أن يكون إلا لله عز وجل لقوله تعالى ( وقوموا لله قانتين ) والحق يقال أن القيام أنواع منه ماهو تعبد لا ينبغي أن يكون إلا لله ومنه ماهو قيام تكريم كما قال عليه الصلاة والسلام ( قوموا إلى سيدكم ) والمعلم سيد القوم لما يقوم به من مهمة التعليم والتثقيف وبناء العقول حتى تكون لبنة خير وصلاح تساعد المجتمع في الوصول إلى الرقي والحفاظ على البقاء. والمعلم أخذ على عاتقه مهنة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في التعليم والوعظ والإرشاد بالحكمة والطرق السديدة النيرة والصبر على ايصال الثقافة النافعة إلى الأجيال ، فكاد أن يكون رسولا. ولقد كان المعلم في العهد القريب ، مبجلا في مجتمعنا ، ذو هيبة ووقار لما يحمله من هدى ونور ، مستشارا لدى الجميع لما بين جنبيه من علم نافع ورأي صائب ، فالله عز وجل كفل له هذه المنزلة فقال عز من قائل ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ). كان المعلم وهو يسير في طريقه يهابه التلاميذ ، يأمرهم فيطيعون بكل أدب ووقار ، وينهاهم فينتهون ، يؤدبهم بآداب الإسلام وعظيم الأخلاق ، بهذه الصفات وبهذا الإجلال للمعلم ارتفع شأننا وكبر حضنا وصرنا في أمن وأمان نحفظ حق الكبير ونعطف على الصغير ونبر الأبوين فصرنا بحمد الله أعزّاء يهابنا الأعداء. وعلى هذا الطريق السوي سارت أكثر الشعوب تقدما ونهضة وحضارة وفي مقدمتها اليابان التي لم تصل إلى ماوصلت إليه حتى أعطت المعلم راتب الوزير وحصانة الدبلوماسي وإجلال الامبراطور كما صرح بذلك أحد وزرائها. لقد تبوأنا القمم بحمد الله تعالى بالعلم والمعلم ، حتى حسدنا الأعداء وأمسى يبيّت لنا المكر الكبّار رغبة في سلخنا من هويتنا وثقافتنا التي نشأنا عليها لأن العدو يعلم تمام العلم أن إجلال المعلم سبب القوة والتمكين والنصر الذي لا يرضاه لنا في يوم من الأيام. فقال أخبثهم محذرا وموجها : "إذا أردت أن تهدم أمة الإسلام فعليك بهدم ثلاثة منها هدم التعليم والمعلم ، عليك ب(المعلم) لا تجعل له أهمية فى المجتمع وقلل من مكانته حتى يحتقره طلابه ويحتقرون علمه، فيضيع (العلم) !" واليوم وللاسف الشديد تغير الوضع بنزع جلباب الاجلال عن المعلم فبات مجرد موظف وضع لخدمة إيصال العلم والثقافة بطريقة حديثة مثله مثل الآلة الصّماء ، قد تأبط ذمّا واحتقارا عند أغلب الطلاب بل والآباء ، فلا يقيمون له وزنا ولا يدينون لها جزاء ولا شكورا ، فإذا ما عاقب طالبا في يوم من الأيام عُوقب من قبل الطلاب في أرذل مستوى وصلت إليه المجتمعات فأصبح رد العقاب وشيكاً ، وشتان بين من عاقب يريد الإصلاح وبين من عاقب يريد الانتقام والانتصار. بالأمس شاهدنا اشعال النار في سيارة المعلم مدير المدرسة كردة فعل لطالب أو طلاب سحبت جوالاتهم وبعض "النشوق" الممنوع خارج المدرسة فضلا أن يكون داخلها ، فهل يعي المجتمع حجم الخطر المحدق بنا عند النزول إلى هذا المستوى من التعامل مع المعلم ، أي تعليم ننشد ، وأي علم يرتجى ، وأي حضارة نبني ،وأبناؤنا في أسفل السافلين من الأخلاق والانحطاط. إنني أدين بأسى بالغ ، وأشجب بألم شديد ، وأستنكر بقوة ، ذلك الفعل المشين الذي فعله التلاميذ مع معلمهم ومدير مدرستهم وأتمنى أن يقابل هذا العمل المشين بردة فعل شجاعة من المجتمع وأفراده وأجهزة أمنه حتى يعي غيرهم خطورة هذه الأفعال وأن يعلموا تمام العلم أن مجتمعنا ليس مناخاً صالحا لها. وأخيراً كلمة وفاء وشكر لمن فكر وقدر ونفذ وسعى في مواساة هذا المعلم الحريص على التربية والتعليم فساهموا بتقديم سيارة بدلا عن سيارته المحترقة اجلا له وتنفيذا لوصية أحمد شوقي قم للمعلم وفّه التبجيلا .. كاد المعلم أن يكون رسولا