لم تقتصر زيارة مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل لمحافظة الطائف على استعراض ومتابعة سير العمل في مشاريع التنمية، بل امتدت لتشمل الفكر والأدب، إيماناً من سموه بأن الثقافة توأم المشاريع، ولأنها أيضاً ليست ترفاً بل ركيزة لا تنفك عن التنمية، فبحضور مدير جامعة الطائف الدكتور حسام زمان التقى مثقفي وأكاديميي وعدداً من شباب المحافظة وناقش معهم الهمّ الثقافي، وزفّ البُشرى لهم بتدشين مقرّ أكاديمية الشعر العربي " شِعر". أكاديمية الشعر العربي التي اتخذت من رحاب جامعة الطائف مكاناً لها ، كان الموعد مع البذرة الأولى لفكرتها قبل نحو 5 أعوام حين عقد الأمير خالد الفيصل العزم على إنشائها في الطائف ، ولم تأخذ الخطوة الأخرى حيزاً من الزمن طويلاً ، إذ وضع حجر الأساس لها ، أعقب ذلك انطلاقة التحضيرات وبدء الدراسات والتخطيط ، حتى أعلن سموه عن استحداث جائزة تحمل اسم" الأمير عبدالله الفيصل للشعر العربي" والتي قدم لها سموه دعماً بمبلغ مليون ريال سنوياً ، الجائزة التي تضمّ فرعين أولٌ للكبار خُصص له 600 ألف ريال ، وثانٍ للشباب دون سن ال 30 بمبلغ 400 ألف ريال. وما أن أصبح الحُلم قائماً ، وشرّعت الأكاديمية أبوابها للشعراء والمهتمين بفنونه والمبحرين في إبداعه ، ما جعل الأمير خالد الفيصل يتحدث شاكراً جامعة الطائف، وجميع المشاركين في إنشائها نظيرا جهودهم المبذولة سعياً منهم للوصول بها للمستوى الذي يأمله الجميع مؤكداً في ذات الوقت أنها ستكون مؤسسة ثقافية رائدة ، ومنارة عربية الهوية، مستفيدة من التجارب العالمية المماثلة ، بل أعلن أنها لن تقتصر على المستوى المحلي بل ستتخطى وتتوسع إلى ما هو أبعد من ذلك. ونحو خطوات عملية تواكب التدشين شكّل الأمير خالد الفيصل لجنة لمناقشة كل المواضيع الخاصة بأكاديمية الشعر العربي وما يتعلق بأهدافها وبرامجها، مستأنسة في ذلك بآراء المختصين والجهات المهتمة بالشعر في المنطقة بهدف تبادل التجارب والخبرات وتجويد العمل وصولاً للأهداف المنشودة. وسبق تدشين الأكاديمية عمل دؤوب لجامعة الطائف فيما يخص التصاميم اللازمة لإنشاء مقرها في ساحة قصر الملك سعود التاريخي، الذي تشغله كلية الآداب حالياً، فحرصت على أن يكون التصميم معبراً عن هوية الأكاديمية وأنشطتها المتنوعة لخدمة الشعر العربي ، أخذاً في الاعتبار أن يكون في صورته النهائية قصيدة هندسية بديعة توفر فضاءً مناسباً للشعراء والنقاد ومتذوقي الشعر والمهتمين بفنونه، وتحوي في ذات الوقت قاعات مهيئة لاستضافة المحاضرات والندوات والأمسيات الشعرية والنقدية، والحوارات والمساجلات الثرية، وتحتضن ورش العمل المتخصصة، فضلاً عن توفر مكتبة بصرية وصوتية تضم رصيداً وافراً من الأعمال الشعرية العربية. وفي الوقت عينه تحمل الأكاديمية رسالة نبيلة فحواها خدمة الشعر العربي وفنونه، والاهتمام بدراساته وشؤونه المختلفة، وتكريم مبدعيه كباراً وشباباً، بجائزة الأمير عبدالله الفيصل لتكون بذلك إضافة نوعية للمؤسسات الثقافية القائمة في العالم العربي، ومواكبة أيضاَ لتوجهات رؤية المملكة (2030) التي خصصت برنامجاً يُعنى بتعزيز الشخصية السعودية ومبادراتها باللغة العربية ثقافة وشعراً وحضارة. وستحمل الأكاديمية على عاتقها خدمة الشعر انطلاقاً من رؤيتها المرتكزة على تحقيق هدف الريادة في تنمية الإبداع الشعري عربياً ، ورعاية المواهب الأدبية واحتضانها ، ونشر الثقافة الشعرية مجتمعياً، وتوثيقها علمياً. الحضور من الأكاديميين والمثقفين كانوا على موعدٍ مع رحلة عبر الشاشات في أروقة الكلية فتجولوا بصرياً في قاعة محاضرات تتسع لنحو 150 شخصاً وتقع على مساحة 200 متر مربع، وأخرى للندوات مساحتها 180 متراً مربعاً، وقاعات لورش العمل على مساحة 150 متراً مربعاً، يدعم كل ذلك مكتبة صوتية وبصرية بمساحة 180 متر مربعاً. مساء الطائف الذي جمع الأمير خالد الفيصل بالمثقفين والأكاديميين كان الحديث فيه ذو شجون فبعد أن تعرفوا على تفاصيل أكاديمية الشعر العربي دار النقاش حول الشق الثاني من استراتيجية منطقة مكةالمكرمة " بناء الإنسان " وسُبل النهوض بالحركة الأدبية والثقافية بالمحافظة كيف لا وهو النصف الثاني لتنمية المكان، تخلل ذات المساء أيضاً طرح مقترحات ورؤى هدفها الأول الوصول بإنسان المحافظة فكرياُ وثقافياً إلى المستوى الذي يليق به ويطمح إليه.