كشفت ندوة دور المرأة المكية قديما وحديثا المقامة على مسرح الحارة المكاوية عن الدور الحضاري للسيدة المكية ممثلا بفاطمة بنت يوسف القطان التي عاصرت الملك عبدالعزيز وطلبت منه افتتاح مكتبة في مكان ولادة النبي وإنشاء كلية لتحفيظ القرآن في بيت أم المؤمنين خديجة وكلية للحديث في دار الأرقم بن أبي الأرقم، وكونها وقفة بطولية في الحفاظ على التاريخ. واتفقت ورقتا المتحدثتين في الندوة التي أدارتها الإعلامية الدكتورة أمل القثامي على ريادة القطان وكونها أنموذجا حديثا للمرأة المكية وأدوارها التي تضطلع بها، واستضافت عضو المجلس البلدي سابقا أستاذ جغرافية العمران بجامعة أم القرى الدكتورة نزهه الجابري والأكاديمية بجامعة أم القرى وعضو النادي الأدبي بمكة سابقا الدكتورة هيفاء فدا. دور نموذجي وافتتحت الدكتورة هيفاء فدا ورقتها بما تتمتع به المرأة في الإسلام من مكانة حيث جعلهن شقائق الرجال، متحدثة عن نماذج من التاريخ كدور هاجر زوج إبراهيم عليه السلام وأم المؤمنين خديجة زوج نبينا محمد وسمية بنت خياط وأسماء بنت ابي بكر، مبينة أن المرأة المكية تتمتع بقدر كبير من المساواة بين عنصري المجتمع في الوقت الذي تحرم فيه من حقوقها في كثير من المجتمعات. ولفتت فدا إلى أن من أبرز ما شغلته المرأة المكية من الوظائف إدارة الأوقاف كعائشة بنت علي الرافعية المعروفة بالظاهرية وفاطمة بنت يوسف القطان وصولة النساء، مبرزة خصوصية المجتمع المكي وانفتاحه على الشعوب إذ كانت المرأة تخدم الحجاج في الطوافة وتقدم لهم الضيافة وأصناف الطعام كما يهيئن البيوت ويرشدن الحاجيات ويؤمن احتياجاتهن ويقمن على توعيتهن. وذكرت فدا أن المرأة المكية عايشت 3 اتجاهات في التعليم فكانت تتلقاه عن امرأة مثلها أو تأخذ عن رجل غير محرم لها مع مراعا الضوابط الشرعية أو تأخذ عن رجل من محارمها وهو الأغلب، كما عرجت على المشتهرات بالتأليف من المكيات، مشيرة إلى أن أشهر المهن التي انتشرت بينهن مهنة المولدة أو القابلة ومن أشهرهن أم الخير بنت أحمد المطري. وبينت فدا أن المكيات عرفن الابتعاث العلمي قديما وارتحلن في طلب العلم ما يعكس حريتهن كخروج أم ريم تقية بنت تقي الدين، مؤكدة دور الكتاتيب التي تصل إلى 20 كتابا في مكة اشتهرت إلى ما قبل خمسين عاما، كما أشادت بدور الأسر التي اشتهرت نساؤهن بالعلم كأسرة بني فهد والطبري والعسقلاني والفاسي والمرشدي وغيرهم. مواقف مشرفة وأكدت الدكتورة هيفاء فدا أن المرأة المكية أخت الرجال وأنها تفانت في خدمة مجتمعها ما يؤكد دورها الفعال، كما توقفت عند سيرة أم المؤمنين خديجة وعرجت على دور فاطمة القطان، مسترسلة في حديثها إلى دور أسماء بنت محمد زعزوع التي كانت أول صوت إذاعي نسائي بالمملكة يبث عبر الأثير عام 1963م، مشيدة بانضمام السيدات إلى مجلس الشورى والثقة التي هي أساس العطاء والتي تؤدي إلى صقل صقل تجربة النساء. وذكرت فدا أن عدد المطوفات من النساء حسب إحصاء الهيئة التنسيقية لأرباب الطوائف 15 ألف مطوفة، وأن عدد المرشدات المكيات في الكشافة 120 مرشدة، كما ذكرت نماذج مشرقة في العمل النسائي بمكة كجمعية أم القرى الخيرية النسائية التي تأسست 1395ه ومركز السيدة فاطمة لسيدات الأعمال بالغرفة التجارية الصناعية بمكة وقيام النساء بخدمة الأحياء في 11 مركزا تابعا لجمعية مراكز الأحياء. وختمت فدا احصائياتها عن العمل النسائي بعدد أعضاء هيئة التدريس بجامعة أم القرى البالغ ألفي عضوة و36 ألف طالبة حسب إحصاء 2015م، وهو الأمر الذي يشير إلى أن الدور القادم أجمل خصوصا أن الجامعة أكبر مؤسسة خدمية للمجتمع.