التعليم وظيفة قديمة جدا من فجر التاريخ وهي لاتختص بالبشر فقط ولاتقتصر على منهج بعينه فهي إما معرفية و إما سلوكية أو مهارية حرفية ولست هنا لأعرض لمفاهيم التعليم ووسائله العديدة المتجددة بكل جديد ولم يكن لهذا التعليم أن يكون إلا بمعلم فمن يكون هذا المعلم؟ تختلف الإجابة عن هذا السؤال باختلاف الزمان وأهله والمتعلمون وحالهم وإن المتتبع لحال المجتمعات مع معلميهم على مر التاريخ يجد أنه ذا فضيلة بينهم محفوظ المقام مقال العثرة وكأنهم تمثلوا بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم (أقلوا ذوي الهيئات عثراتهم) في العام 2012 تم تصنيف المعلمين في شنغهاي على أنهم أفضل معلمي العالم بعد مقارنة بين إحدى وعشرين دولة اهتمت بهذه المسابقة ولم نكن منها طبعا وبعد تقصي الأمر ظهر أن الشعب الصيني يولي المعلم مكانة الطبيب وقد سمعنا عن اليابان ما هو أعظم من ذلك وإذا كان طلاب الصف الأول الابتدائي في الصين سبعة ملايين طالب في كل عام فكم يكون عدد معلميهم ؟ والسؤال الذي يخرج علينا بعد هذا هل كل هؤلاء المعلمين الصينيين مثاليين ولا شك أنهم بالملايين إذا كانت الإجابة لا فما هي النسبة وما هي المخالفات أسلوكية هي أم نفسية أم علمية أم توجيه فكري خاطئ أم … والسؤال الآخر لماذا لم يأخذوا الكثير بالقليل ولم يعدوها أحكاما كما فعل غيرهم ودراسة كهذه اعتمدت في جزء منها على استفتاء الجمور الذين هم من الطلاب أصلا إن الناظر لخزائن الأدب العربي ليجد ما نجده عند الصينيين اليوم تجاه معلميهم ولم يكونوا يتحدثون عنهم بسوء خلا التندر ببعض أحوالهم مع الصبيان (نوادر المعلمين) لا مثالبهم حتى أن أحد الخلفاء كان لايطبق فاه خلقة فيقول له معلمه (أطبق) فأخذها الناس عليه ولم يمنعه ذلك من إكرامه وإجلاله حتى قضى وقد اسشعر أدباء العصر الحديث هذه المكانة فخرجت شعرا على لسان شوقي وهو البيت المعروف قم للمعلم ووفه التجيلا.. .. وعارضه الشاعر المعلم /إبراهيم طوقان المعنى من التدريس (شوقي يقول وما درى بمصيبتي قم للمعلم ووفه التبجيلا لو جرب التعليم شوقي ساعة لقضى الحياة شقاوة وخمولا وحق له إن إجلاب كثير من فئات المجتمع على المعلمين يفتقد الكثير من توطين النفس المأمور به شرعا فإن بيننا من يحسن إذا أحسن الناس ويسيء إن أساؤا إن أعداد المعلمين الكبيرة في بلداننا لاتسمح لنا بتنزيه الجميع فمنهم محسن وظالم لنفسه وغيره ولايؤخذ الإنسان بجريرة غيره إن عدسات المجتمع المحدقة في عصرنا هذا مطبقة على المعلمين فالجميع حوله مصورون (الطالب المدير حتى الجدار…) لم تظهر بعد هذا كله إلا التعنيف البدني واللفظي أحيانا فقط فأين غسيل المخ المزعوم إذن اعتقد أن أحمد شوقي لو كان بيننا لعدل عن قصيدته الآنفة الذكر لتأثره بالمجتمع ولأبدلها بقوله : قم للمعلم وادعس له بنزيما أضحى المعلم في الورى مكسيما