خبر تلقاه المجتمع السعودي كالصاعقة ، ولكن إيمانه بالله تعالى ملأ قلبه فصبر وشكر ولسان حاله يقول لانملك إلا قول إنا لله وإنا إليه راجعون له الأمر من قبل ومن بعد. رسم الشعب السعودي بل والشعوب قاطبة لوحة لم يسبق لها مثيل لموت أي زعيم قبله امتزجت تلك اللوحة بعبارات الحزن والفقد والألم والدعاء . رحمك الله أبا متعب رحمك الله ياملك الإنسانية رحمك الله ياحبيب الشعب رحم الله ملكاً أحب شعبه وبادله شعبه بالمثل سيظل رمزاً لاينساه أي مسلم لأنه رمز للإنسانية ولأنه بذل جهده ووقته لنصرة الإسلام والمسلمين . الملك عبدالله الرجل الذي سكن القلوب قبل توليه الحكم وزاد حبه في قلوب شعبه بعد أن أصبح ملكاً لبساطته وعفويته وحكمته وحبه لأبناء وطنه . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أحب الله العبد نادى جبريل:(إن الله يُحب فلاناً فأحببه )، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء:(إن الله يُحب فلاناً فأحبوه) فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض. تولى رحمه شؤون العالم العربي والإسلامي وناصر قضاياه وساند الحق ونصر المظلومين وساهم في تعميق مبادئ الدين الإسلامي في خارج البلاد وحافظ على مصالح بلاده بكل حكمة وعقل . منذ توليه رحمه الله شهدت المملكة العربية السعودية تطوراً وتقدماً وتغيراً كبيراً في مجالات كثيرة " اقتصادية – سياسية – اجتماعية – تعليمية ….." شهد الوطن في عهده منجزات وقفزات تاريخية تسجل بماء الذهب فأوجد الحوار ورفع شعار الإسلام في المحافل الدولية وشجع العلم والبحث وبذل بكرم ومحبة المال للمشاريع العملاقة في الحرمين الشريفين ومشاريع البنية التحية للكثير من المشاريع في مناطق ومدن المملكة . كان رحمه الله جاداً في الحرب على الإرهاب ومواقفه حادة ضد تصرفات وممارسات جماعات العنف والتطرف التي تتلبس لباس الدين وهو منها براء وذلك بتأكيده المستمر براءة الإسلام من أعمال وأفعال تلك الجماعات الإرهابية . كما أن مواقفه لاتعد ولاتحصى يشهد بها القاصي والداني وهذا رصيد باقٍ له بعد وفاته رحمه الله يذكر به فيدعا له ويترحم عليه . ولا شك أن مواقفه الخارجية جعلت من شعوب العالم ترفع له الاحترام والتقدير فقد سارع قبل «الربيع العربي» إلى دعوة زعماء العالم العربي خلال قمة الكويت الاقتصادية في 2009 إلى الإعلان عن مصالحة تاريخية بين القادة العرب، وإلى الاهتمام بتحقيق طموحات الشعوب العربية للخروج من حال الوهن والتشرذم. ومما جاء في خطابه آنذاك: «إننا قادة الأمة العربية مسؤولون جميعاً عن الوهن والضعف الذي يهدّد تضامننا، أقول هذا ولا أستثني أحداً منّا». وكذلك دعوته قادة دول العالم الإسلامي إلى قمة استثنائية في مكةالمكرمة للتضامن في رمضان عام 2012، ودعوته قبل عامين خلال قمة خليجية عقدت في الرياض دول مجلس التعاون الخليجي إلى تجاوز مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، بهدف تشكيل كيان واحد قوي قادر على مواجهة التحديات والأخطار المحدقة بدول المجلس. كل ذلك وأكثر يشهد بها التاريخ والمتابع لكل هذه الأحداث ولا ينكرها إلا جاهل حقود. وبموته رحمه الله فقد الشعب السعودي الأب والأخ الكبير لهم ولكن عزاؤنا تمسك أمتنا بدينها وسنة نبيها محمد صلى الله عليه وسلم ووحدتها وحبها وإخلاصها لحكومتها الرشيدة وللملوك المخلصين. وإن مما نحمد الله عليه أن من علينا بالانتقال السلس والسريع للحكم دون ماينغص صفو عيشنا وأمننا ولله الحمد وهذا مايلاحظ في كثير من الأوطان وهذه نعمة أنعم الله بها علينا فيجب شكرها . وما إن أعلن عن خبر وفاته رحمه الله سارع الشعب بمبايعة صاحب السمو الملكي ولي العهد سلمان بن عبدالعزيزآل سعود ملكاً للبلاد ومبايعة صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود ولياً للعهد ومبايعة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف وليا لولي العهد بكل رضا ومحبة سائلين الله أن يديم على البلاد حكامها وأمنها وأمانها . سيرة الراحل الكبير معطرة بالحب والولاء والدعاء له بالرحمة الواسعة وأن يغفر الله له ويسكنه فسيح جنته . رحم الله الفقيد الراحل الكبير عبدالله بن عبدالعزيز رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جنانه، وأسأل الله أن يُعين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير مقرن بن عبدالعزيز وولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز على تحمل المسؤولية التاريخية الكبيرة، وأن ينفع بهم البلاد والعباد، وأن يُلهمهم التوفيق والسداد في هذه المرحلة الحرجة والمضطربة من التاريخ العربي. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد كتبه رئيس التحرير أ- شاكر الحارثي