أكد أوليج أوزيروف السفير الروسي لدى المملكة أن الحاجز الأكبر بين الرياض وموسكو في مسألة تعزيزات العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين هو العمر الصغير لعلاقاتنا الاقتصادية التي بدأت تنشط منذ تسعينيات القرن الماضي لذلك هناك القليل من التجربة المشتركة ومن معرفة البعض للبعض. وفي حوار قال السفير الروسي: إننا حاليا نسجل الاهتمام المتزايد من قبل الشركات الروسية والسعودية للتغلب على مختلف المعوقات الناتجة في أغلب الحالات عن نقص أو عدم وجود المعلومات الحقيقية ولما هو متوافر للعمل المشترك بين السعودية وروسيا، مضيفا أن هناك قواسم مشتركة في البلدين للمقدرة على تحقيق مصلحة الشعبين. ودعا إلى تعزيز التعاون الاستثماري المشترك في المجال الزراعي على أساس مبادرة مبادرة الملك عبد الله للاستثمار الزراعي السعودي في الخارج، التي يمكن أن تكون أساسا في استراتيجية الأمن الغذائي .. فإلى محصلة الحوار: كيف ترى واقع العلاقات التجارية والاستثمارية بين السعودية وروسيا الاتحادية في الوقت الراهن مقارنة بالأعوام الماضية؟ تتميز العلاقات التجارية الاستثمارية بين روسيا والسعودية بوجود مقدرة قوية وقواسم مشتركة لم تتم الاستفادة منها بشكل كامل لصالح شعبينا. نرى الديناميكية الإيجابية العالية في تجارة المنتجات الزراعية والمواد الخام، حيث بلغ حجمها نحو ستة مليارات ونصف في السنة الماضية وهناك نمو ملموس في حركة التبادل بهذه البضائع حسب الإحصاءات الأخيرة للسنة الحالية. نأمل في زيادة هذا النشاط بين رجال الأعمال الروس والسعوديين وأن يدفع إلى تفعيل علاقاتنا الاستثمارية التي تتطور ولكن ليس بالنسبة المرجوة التي تتناسب مع الإمكانات المتوافرة في كل من روسيا والسعودية، حيث مثلا نستفيد معا في هذا المجال من التبادل بالتكنولوجيا في مختلف القطاعات، خاصة في الطاقة واستخراج الموارد المعدنية والنقل وتحلية المياه والسياحة. تسعى السعودية إلى تعظيم علاقتها الاقتصادية مع روسيا، باعتبار أن ذلك سيقدم للمصدرين السعوديين فرصة لزيادة صادراتهم إلى السوق الروسية، ما هي الآلية لتحقيق ذلك؟ وهل بالإمكان أن تذكر لنا الأفكار والطرق والمقترحات التي ستساهم في تنمية العلاقات الاقتصادية؟ شهدت السنة الحالية تبادلا للزيارات على المستوى الحكومي وبين أوساط القطاع الخاص المعنيين وتم التأكيد من كلا الطرفين خلال زيارة وزير الخارجية الروسي السيد سيرجي لافروف إلى السعودية في حزيران (يونيو) الماضي ولقاءاته مع القيادة السعودية على تفعيل العلاقات الاقتصادية الروسية السعودية ونبذل الجهود لأجل ذلك من خلال الآليات المشتركة الحكومية وغير الحكومية استنادا على مساعي رجال الأعمال. أجندة الأعمال مليئة باللقاءات مع مسؤولي وزارات الزراعة والاقتصاد والنقل والتجارة والصناعة والقطاع المصرفي التي من خلالها نصل إلى مرحلة ما بعد التحول من المقترحات إلى الأعمال والمشاريع. وبالنسبة للطرق التي تساهم في تنمية العلاقات الاقتصادية فأود أن أشير إلى وجود رغبة قوية مشتركة من قبل بلدنا في تعزيز التعاون وللعمل لمزيد من الخير لشعبينا وحتى لمنطقة الشرق الأوسط بشكل أوسع وفي هذا الصدد نأخذ في الاعتبار الدور المحوري للمملكة في استقرار الإقليم ونحن كروسيا نسعى إلى المساهمة في تثبيت أسس الاستقرار من خلال إطلاق وتنفيذ مشاريع اقتصادية مشتركة توفر العمل للناس والأمل للحياة نحو المستقبل الأفضل. لدينا تجربة تاريخية في تطوير البنية الاقتصادية للدول العربية وقد تعلمون أن المئات من المصانع والمعامل والمزارع والقنوات والسدود وغيرها من المشاريع في مصر وسورية والعراق والسودان والجزائر بنيت بالمساعدة الروسية المباشرة وهذه الإنشاءات لا تزال تشكل نواة الانتاج القومي لهذه الدول. تعتبر روسيا والسعودية من أكبر الدول المنتجة للنفط وهذا العامل يعد أحد المحفزات لإقامة تعاون سعودي روسي أفضل مما هو عليه الآن، وبالتالي تعميم الفائدة على الجانبين، كيف يمكن أن تحقق هذه الفائدة؟ نرى في المجال النفطي أو بشكل عام في المجال الهيدروجيني قاعدة للعمل المشترك لأن الذي يجمع روسيا والمملكة هو المصلحة في استقرار أسواق النفط العالمية وأمنها، خاصة فيما يتعلق بالأسعار وتجنب تقلباتها التي تضر المستهلكين والمنتجين للطاقة الهيدروجينية. وهناك آليات الاتصال الثنائية الحوار ومتعددة الأطراف ومن بينها منتدى الطاقة الدولي الذي تستضيفه السعودية الذي ترأسه روسيا في السنة الحالية وهذا المنتدى يوفر المجال المناسب لتبادل الآراء وتنسيق المواقف من خلال مؤتمرات وورش عمل ولقاءات يشارك فيها مسؤولون وخبراء من أكثر من 60 دولة ومنظمة دولية. هل هناك معوقات تعترض نمو وتعميق العلاقات التجارية والاستثمارية بين الرياض وموسكو؟ أعتقد أن الحاجز الأكبر بيننا هو العمر الصغير لعلاقاتنا الاقتصادية التي بدأت تنشط منذ تسعينيات القرن الماضي لذلك هناك القليل من التجارب المشتركة ومن معرفة البعض للبعض. وحاليا نحن نسجل الاهتمام المتزايد من قبل الشركات الروسية والسعودية في التغلب على مختلف المعوقات الناتجة في أغلب الحالات عن نقص أو عدم وجود المعلومات الحقيقية ولما هو متوافر للعمل المشترك في بلدينا. ويأتي هنا دورنا كالسفارة في المساعدة على إقامة العلاقات المباشرة بين الأوساط المعنية في بلدينا وإزالة الجهل الموجود من خلال الاستشارة وتوفير المعلومات من الوضع القانوني والأنظمة المعتمدة وآليات الاتصال إلى المشاريع الحالية أو التي يجري التخطيط لها. ومن بين المعوقات الأخرى يمكن الإشارة إلى غياب رحلات الطيران المباشرة بين روسيا والسعودية. وأظن أن حل هذه المشكلة قد يساهم مساهمة كبيرة في تطوير علاقاتنا الاقتصادية وفتح آفاق أوسع في مختلف المجالات من خلال إقامة العلاقات المباشرة بين الناس ومشكلة قلة وجود العلاقات المباشرة هي من أكبر المعوقات في النمو المستمر للعلاقات الثنائية الروسية السعودية. هل ترى أن مجلس الأعمال السعودي الروسي له دور في توسيع مجالات التعاون الاقتصادي وتنمية التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين؟ وهل بالإمكان أن تصف لنا دور القطاع الخاص والغرف التجارية في البلدين في تطوير علاقاتهما الاقتصادية والتجارية؟ للغرف التجارية والصناعية ولمجلس الأعمال الثنائي دور كبير في تشجيع القطاع الخاص على العمل، ومن المهم لرجال الأعمال والشركات أن يسمع توصيات هذه المؤسسات المحترفة التي بخبرتها العميقة تعلم الجوانب المختلفة في التعاملات التجارية والاقتصادية وتستطيع أن تساعد في التركيز على المنفعة وفي تفادي الخسائر. هناك اتفاقيات اقتصادية وتعاونية تم توقيعها بين روسيا والسعودية كيف تم تفعيل هذه الاتفاقيات لتحدث حركة اقتصادية وتنموية بين البلدين؟ توجد بين روسيا الاتحادية والسعودية اتفاقيات مختلفة في مجالات التعاون الاقتصادي والتعامل بين المؤسسات المالية الحكومية. خلال السنوات ال 20 الماضية تم التوقيع على اتفاقية عامة بين حكومتي روسيا الاتحادية والسعودية، واتفاقية التعاون في مجالي النفط والغاز، واتفاقية بين حكومتي روسيا الاتحادية والسعودية بشأن النقل الجوي واتفاقية بشأن تجنب الازدواج الضريبى ومنع التهرب من الضرائب المفروضة على الدخل ورأس المال. إضافة إلى ذلك هناك الكثير من مشاريع مذكرات التفاهم والاتفاقيات المناسبة التي يتم التفاوض عليها بين الجانبين الروسي والسعودي وهناك أيضا التعامل والتنسيق بين الوزارات الاقتصادية لبلدينا ويجري الحوار بين بلدينا في إطار منظمات دولية ومن بينها منظمة التجارة العالمية. آخذا في الاعتبار عملية العولمة المستمرة وتفعيل الدور للعامل الإقليمي فيها نرى آفاقا واعدة في تعزيز العلاقات من خلال المنظمات الإقليمية وهنا أشير إلى الاتحاد الأوروآسياوي الاقتصادي الذي يجمع روسيا وبيلوروسيا وكازاخستان وإلى مجلس التعاون الخليجي الذي تلعب السعودية دورا محوريا به. هاتان المنظمتان تشكلان قوتين مهمتين في الاقتصاد الدولي من ناحية حجم أسواقهما وقدراتهما. ما أهم السلع التي تصدرها المملكة إلى روسيا والتي تستوردها المملكة من روسيا؟ من واقع حجم التبادل التجاري بين المملكة وروسيا خلال الفترة الماضية هل ترى أن ميزان التبادل حقق أرقاما إيجابية تعكس تقدم هذا التبادل؟ وهل بالإمكان أن تذكر لنا أرقاما حديثة في هذا المجال خاصة قيمة الصادرات والواردات؟ حجم التبادل التجاري بين روسيا والسعودية ارتفع من 5.669 مليار ريال في عام 2012 إلى 6.491 مليار ريال في عام 2013، بينما بلغت قيمة الواردات 6.34 مليار ريال وفي الوقت نفسه انخفض مستوى الصادرات إلى 143 مليون ريال وذلك على الرغم من أنه يوجد التقدم الإيجابي جزئيا لا يتانسب مع الإمكانات الاقتصادية لبلدينا وتتركز واردات المملكة من روسيا بالدرجة الأولى على المواد الخام وهي قضبان الحديد والمزروعات من الحبوب وقضبان النحاس المصقول والأنابيب ومعدات الحفر، إضافة إلى المنتجات المعدنية شبه الجاهزة وتصدر المملكة إلى روسيا المنتجات البتروكيماوية (الأصباغ) والتمور، وتحتل روسيا المرتبة ال 25 من ناحية الصادرات إلى السعودية في قائمة شركاء المملكة التجاريين. ما إجمالي حجم الاستثمارات المشتركة بين المملكة وروسيا وفي أي مجال تنحصر؟ تسعى روسيا إلى تعزيز التعامل الاستثماري مع السعودية ونشير بارتياح إلى رغبة المستثمرين السعوديين في تفعيل التعامل في هذا المجال مع روسيا، حيث نستفيد من التجربة السعودية في مجال إدارة الفنادق وتطبيق مشاريع فندقية في المدن الروسية ذات الجذب السياحي وهذا مهم جدا، إذ نلاحظ تزايد أعداد السياح السعوديين إلى روسيا سنويا. يذكر أن سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي قد دعا أثناء زيارته إلى المملكة في شهر حزيران (يونيو) 2014، السعوديين إلى زيارة روسيا. ونحن نشجع عدد السياح السعوديين الأكثر إلى روسيا. ويمكنهم القيام بكثير من أنواع السياحة، على سبيل المثال زيارة معالم المدن الروسية والمتاحف المتعددة والمشاركة في المعارض المختلفة إضافة إلى تنظيم الرحلات الخاصة إلى قرى روسية، حيث يمكن التعرف على حياة السكان الروس التقليدية. هذا ونأمل في التعاون الاستثماري في مجال الزراعة على أساس مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز حول الاستثمار في المشاريع الزراعية في الخارج، ونرى أنه على أساسها من الممكن تقوية العنصر المهم في علاقاتنا وهو الأمن الغذائي، ولروسيا استعداد للتعاون في هذا المجال من خلال تقديم ما يتوافر لديها من الأرض الخصبة والتكنولوجيا. وكذلك الأمر في المجالات الأخرى التي تتعاون شركاتنا مع شركائها في السعودية بنجاح في تحلية المياه والبناء والطاقة.