سلامي عليك ياخير الأمهات ، سلامي عليك ياقلبي بعد الفتات ، سلام عليك يامن عشت معك أجمل الأوقات ، سلام عليك يامن أنت لي في الحياة أجمل الذكريات ، سلام يا من أيامي معك أجمل اللحظات ، سلامي يامن كانت دعواتك أجمل المتابعات ، يامن كنت سندي في الأزمات ، وعوني في المدلهمات ، كل ذلك كان بعد عون الله خالق البريات ، سلامي يامن بسمتك تخفف عني الصعوبات ، سلامي يامن في كفوفك بواطن الرحمات ، في عام 1408 بفضل الله ثم بمتابعتك ختمتُ حفظ القرآن الكريم وصليتُ إماما للتراويح للسنة الأولى وجئت من المسجد مشلولا في أصعب زماني ،يرفع الطب يده من العلاج وييأس كل من حولي إلا أنت أيتها الرحمة فقد كنت تبكين في قيام الليل وأنت تسألين لي العافية حتى عوفيت من جديد فكان شفائي معجزة طبية ، والتحقت بالمعهد من جديد لأتخرج منه مدرسا للقرآن الكريم وأنا ابن الثالثة عشر ربيعا في عام 1411ه . كانت السعادة في قلبك الواسع جنة عامرة ، ونهرا كوثرا متدفقا ، وحين وقعتُ في الخطر أيام عدم تجديد الإقامة كان قلبك يحدثك عني لتنهضي من نومك وترفعي يديك إلى العلي القدير فيكون إطلاق سراحي بغير سبب ظاهر معجزة في وقت يعجز الفتى العتي من التخلص والتملص ، أماه يذكرني بك الصباح والمساء ، والشدة والرخاء ، والطعام والشراب والسقاء ، والراحة من بعد العناء ، والصحو والعمل والاسترخاء ، وكل مافي حياتي يذكرني بك حتى الهواء ، مازالت كلماتك ترن في أذني حين وهبتني للدعوة وجعلتيني لها وقفا يبلغك أجرها ماعشتُ عليها ، وعهدا علي يا غاليتي جميع أعمالي الدعوية عنك والحج كذلك والعمرة ، عنك يا أماه ماعشتُ مواصلا على فضائل تلك الأعمال الفاضلة الصالحة وأرجوه أملاً ، يا أمي الغالية الراحمة الرحيمة ، لقد قدمتِ على رب رحيم ، ومولى كريم ، وإله عظيم ، من بعدك لا ليل يؤنسني ولا نهار يسعدني ولا قلب يحتويني ولا بيت يؤويني ، يا أعظم الأمهات ، في أفراحي يتهلل وجهك ضاحكا ، وعند أسقامي يكون فراشك بجواري عراكا ، انت الطبيبة وأنت الممرضة وأنت الطاهية ولسانك يردد دوما دونك يا كبدي وسواكا ، يلهج لسانك بالدعاء ، وقلبك العظيم يتزايد حبا يعلو في السماء ، كلما تقدم العمر زاد حبك يا أماه ، من يعوضني عنك ، من يعوضني حنانك ، من يعوضني دفء قلبك ، من يهبني قلبا كقلبك ، وهل تعوض الأمهات ؟ يامن برك من أفضل العبادات ،والجنة تحت أقدامك بأمر رب السموات ، ألم من قسوة الزمان وفقد أجمل الهبات ، وأكرم الأعطيات ، آه من قسوة القلب .. آه يا ابن عمر .. هل قسى قلبك أم على قلبك حجر ، أم قد غشاه التراب والوبر ، بيديك تواري أمك اللحد وتسد بابه وتحثو عليها التراب والمدر ، أهذا جزاء المعروف ، لقد كانت تمنحك الصدر وتفديك بالنحر ، ياويلي ماذا صنعت بأمي أعيش في فارهة وأمي في القبر ، ليتني كنت أعرف القدر ، لأهبها حياتي وأحميها من كل الخطر ، وأرفع شأنها على كل البشر ،إنها أمي الحانية خيرها علي يفوق خير المطر . أبكي عليك وهل يغني عنك الدمع والقطر ، أبكي دموعا لو كنت حية مامسحه غير كفك المعطر ، أبكي دمعا يشبه في نزيفه الدم المحمر ، أبكيك أماه وكلما خلوت بنفسي يسيل الدمع مني منهمَر ، أيها العيد قد جئتنا في أحزاننا واعذرنا فأمي ليست هنا ، نفرح بك مأمورين ونحزن في أمنا مقهورين ، أي فرح ومكان أمي وسجادتها وملابسها وأدواتها وأدويتها يجعلنا معذورين ، معذورين أيها العيد فلا تؤاخذنا فقد صرنا بالهول معذورين .. آه يا أمي .. أحب أن ارتمي على قبرك كما كنت أرتمي في أحضانك ، أقبل ترابا يحتويك ، وجدار يحتميك ، لكنك ربيتني على الشريعة وعدم المخالفة ، هل يصبح الرجل الكبير بعد الثلاثين يتيما ، أم هل يصبح الغني مع ثرائه فقيرا ، أم هل يصبح الملك مع ملكه عاجزا ، نعم كل ذلك يحدث حين يفتقد الإنسان أغلى غلاه ، ويدفع غاليته بيديه إلى مثواها ومثواه ، ويوسدها قبرها ثم يتحاشاه ، هكذا فعلتُ بك طلبا للأجر واعذريني يا أماه .. ولاحول ولاقوة إلا بالله ، اللهم أرحم أمي الغالية ، وعافها واعف عنها ، وأجزل مثوبتها ، وارفع درجتها ، ووسع قبرها ، واجعله من رياض الجنة ، اللهم أسألك بأحب أسمائك إليك وأقربها زلفى لديك رضاك رضاك عن أمي ، رحماك ياربي رحماك بها وبجميع موتى المسلمين ، ياسميع ياقريب يامجيب .. عبدالله عمر الأركاني الجمعة 5 شوال 1435ه .