الحضارة هي التمدن عكس البداوة وهي عبارة عن مظاهر الرقي العلمي والأدبي والاجتماعي في الحضر. ولقد حققت الحضارة العربية الإسلامية تقدما في شتى الميادين العلمية والدينية والفنية والأدبية والمعمارية بجل خصائصها المميزة لها ، أما حضارتنا المعاصرة فهي حضارة اكبر واشمل واعم وأقوى . إني لن ألقي الضوء على الحضارة المادية فهي موجودة وبقوة وجلية للعيان ، الجميع لمسها واستخدمها لكن لم يراعي آدابها فكان تحضرا ماديا خارجيا لم يمس السلوك الشخصي ، فنراه يقود عربة فارهة باهظة الثمن ثم يفتح النافذة ليبصق هنا وهناك متجاهلا آداب الطريق والمارة مع العلم أن ديننا الحنيف أمر بإماطة الأذى عن الطريق فكيف بالذي لا يعطي الطريق حقه بذلك السلوك السلبي ، وآخر لايحترم إشارة المرور فلا يكترث للأحمر والأصفر ويراها جميعها خضراء ، لقد برمج ذهنه وفكره أن الطريق ملك خاص له وحده ، فإن كنت لاتعير اهتمام للآخرين فلتكترث لنفسك من باب أن النفس أمانة للخالق لايحق لك إزهاقها او إزهاق أرواح الآخرين ، أضف إلى ذلك السرعة والتفحيط وعدم ربط الحزام فجميعها سلوكيات لاتنم عن التحضر الداخلي هذا من جهة ومن جهة أخرى هناك من يقوم بتخريب المرافق العامة بتشويه منظر الحدائق وترك النفايات بها بعد انقضاء وقت التنزه ومنهم من يقوم بإتلاف الألعاب التي وضعت للترفيه وليست للتكسير حتى ان دورات المياه لم تسلم من الكتابة على الأبواب كالأرقام و الأسماء و الذكريات إلى متى هذا التخلف؟!. وآخرون يتفننون بإساءتهم للمباني العامة والخاصة في استخدامهم بخاخات الطلاء لتفريغ شحناتهم السلبية على تلك الجدران. إضافة إلى عدم الالتزام بالنظام في الأماكن العامة والتقيد بالوقوف في الدور فهم يفضلون التزاحم على الانتظار لدقائق,تلك بعض السلبيات الغير حضارية وهي "غيض من فيض" لا مجال لسردها لأنه يطول شرحها . لك أن تعرف ان الحضارة ليست باقتناء الوسائل بل بكيفية التعامل معها وبها لا يكفي ان تقود عربة مواكبة للعصر وترتدي أغلى الماركات العالمية وتتحصل على أعلى الشهادات العلمية ثم تتصرف كرجل الغاب وعندما تسافر الى خارج البلاد تتبع الانظمة وتحترمها وتكون لبقاً مع الآخرين ومحافظاً على منشآتهم وعندما تعود الى وطنك تقول ما هذه الهمجية وتتساءل لماذا هم أفضل منا؟؟. إن المشكلة تكمن بك فأنت لا تحترم حضارتك ولم تجعلها قلباً وقالباً واكتفيت بالمظهر الخارجي ولم تدعمه بالتحضر الداخلي ثم تتهم الحضارة وتقول:نحن لا نملك حضارة ,عفواً يا أخي نحن نمتلك حضارة ولكن الأغلبية لا يملكون ثقافة التحضر ولا يعون كيفية تطبيقها واستخدامها بطريقة صحيحة ,اذاً الحضارة موجودة وأنت من تسئ إليها بعدم تحضرك فكن حكماً عادلاً واعترف أن الحضارة بريئة وأنت المتهم . مرفت محمود طيب