في الأيام الماضية قرأ الكثير المشهد الرياضي بين شباب الوطن متقطعا متناثرا مؤججا!! حينما رأينا جَلداً لاذعاً، لا رحمة فيه، لمدرب نادي الهلال سامي الجابر! بسبب كرة فارغة ومليئة بالهواء! أهكذا نحن في الاختلاف؟ مفارقات مقلقة في مجتمعنا، تعكس القيم التي يتحلى بها البعض في الخلاف، وانتهاز الأزمات لتصفية الحسابات! ومهما استمتع أهل الرياضة بالتنافس فلا ينبغي أن يتعد التشجيع والميول إلى حدود لا علاقة بها داخل الملعب. فعندما يتأزم الحوار، وتتنافر النفوس، وتتباعد الآراء، ويتعدى الأمر إلى غير صاحبه، فيدل على جمهور أعمى، لا يرحم، يخلط الغث بالسمين، وهكذا هي الجماهير لاعقل لها! وأن يصل الأمر إلى تصعيد وتهديد وفُرقة ومحاكم فإننا في أزمة أخلاق رياضية ، وفي جهل تعليم، وفي انعدام لقيم التسامح والتواد والتوافق الرياضة لا تستحق كل هذا. كيف سنكون لو انخرطت الحبال التي تحكم اجتماعنا وتعايشنا؟ لا بد أن يؤمن الناس بروح التعايش مع الآخرين، وقبول التعددية في الفكر، والرأي، والميول الرياضية , فإنه عندئذٍ كل مواطن سيتقبَّل جاره، وزميله في العمل، وكل من يشاركه العيش فوق تراب الوطن؛ فالشريك مرتهن للوفاء بشريكه وللإخلاص معه. فسنة الله تعالى اختلاف البشر اختلاف تنوع لا تضاد لتكتمل الحياة , ومن الاختلاف اختلاف الميول المباحة لأنها تعطي تفاعلا وحماسا بين الأفراد. {ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم}. وفي النهاية كلنا إخوة في الدين، ونعيش فوق تراب وطن واحد ، فمنزلة الوطن فوق كل اعتبار، ولُحمته يسعى فيها الكبير قبل الصغير، ويجمعُ كلمتَه الجاهل قبل العالم، ويخدمه كبيره قبل صغيره. فإذا كان بيع السِّلاح وقت الفتن محرَّمٌ شرعاً فمن ذلك التسلّح بكلام مضلِّل، وبعمل غاوٍ، وبتبعية مهلكة، ونشر فتن للانقسام والتفرُّق. ومهما اختلفنا في آراءنا يبقى وطننا منبع تضحية، ومرتع هناء، ومنبع حب، وساحة سَعد، وملجأ خائف، وملاذ مكروب، وسُفرة فقير، ومكمن قوة لنا جميعاً. الوطن غالي على المخلصين لأن الوطنية عقيدةٌ، وقناعةٌ، ورؤيةٌ، تنطلق من ذات الشخص، عندما يحسُّ بغربة الديار؛ فينقلب إلى وطنه ليحتضنه، ويتلذّذ من خيراته، ويغرف من كرمه، وينعم بعطفه، وجوده.. وعندئذٍ سيجري في دمه بلا تجلُّط وكيف ووطننا وطن إسلام وسلام. تموت الدول لكن تبقى الأوطان، وتضطرب الأحوال فتثبت المُواطنة فالارتباك موسِّع للفجوات، والفوضى صانعةٌ لتيه الطريق، وكم من عدو يتلمّس الفجوات؛ ليدلف منها؛ ليصدّع بنياننا. فلا ندع للمتربصين فرصة باختلافنا ، ولا للأعداء ثُلمةٌ يلِجون منها، ولنكن صفاً واحداً، ينتظم عقده، كبيره وصغيره، غنيُّه وفقيره، رئيسه ومرؤوسيه، ولنتراصّ حتى نكون كالبنيان المرصوص، يشدّ بعضه بعضاً، وحينئذٍ سيتقارب الفهم، وتتحاور القلوب، وتحلّ المعضلات ونعيش في أمن وأمان ورفاه وسعادة. خالد بن محمد الشبانة الرياض